ذ.محمد اكديد ظواهر جديدة: التشرميل الديني
*ذ.محمد اكديد
رافقت عودة دعاة الوهابية السلفية إلى المشهد الإعلامي بعد أن تواروا لفترة بسبب السقوط الأخلاقي الذي كشفت عنه الجماعات التكفيرية التي تتبنى جميعها هذا المذهب المتطرف، ظاهرة جديدة بطلها جمهور من الغوغائيين والمشرملين (أغلبهم شباب) ممن يمكنك أن تقسم عليه مطمئنا بأنه لم يفتح يوما كتابا في الدين أو الفكر..حيث باتوا كالفطر يتقافزون على مواقع التواصل الاجتماعي لاستهداف النخب والمثقفين وبعض رجال الدين المعتدلين بالتهديدات والكلمات النابية انتصارا لبعض المواقف المتطرفة لحراس المعبد من سفراء الوهابية لدينا بالمغرب.
وبعد أن باتت السعودية السعودية تسعى اليوم للتخلص من هذه الأيديولوجيا الموبوءة، نجد السلطات في المغرب تغض الطرف عن الخرجات المستفزة لعدد من رموزها، وعن تخرصات وتهديدات جمهورهم المشرمل لكل من خالفهم الرأي ولو بالحجة والدليل، بدعوى الدفاع عن الإسلام. مع أن هذا التيار ومنذ ظهوره كان ولايزال من أكثر التيارات إساءة إلى هذا الدين بسقوط أتباعه في شرك التطرف والإرهاب ونشر الفوضى والخراب في كل البلدان التي حاولوا فيها تطبيق شريعتهم المنحرفة عن روح و منهج الإسلام المعتدل.
قد يحاول بعض شيوخهم التبرأ من أفعال جمهورهم بالقول بأنهم غير مسؤولين عنها وأنهم يستنكرون ذلك، ولكن الواقع هو أنهم يتحملون أيضا جزءا كبيرا من هذه المسؤولية من خلال التحريض الممنهج ضد مخالفيهم في الرأي من التيارات والمذاهب الأخرى إلى درجة الاحتقار والسخرية، بل ومحاولة إبراز كل من لايرى رأيهم بأنه عدو لله ولرسوله ومخالف للقرآن (طبعا حسب تفاسير وتأويلات فقهاءهم) وللسنة (رغم تناقض الكثير من الروايات التي يستندون إليها في أحكامهم ومواقفهم مع القرآن).
ونحن إذ نشفق على هذا الجمهور، وأغلبهم من الشباب المغرر بهم بخطابات دينية ظاهرها الدفاع عن الحق والرحمة، وباطنها التلبيس والاستقطاب نحو متاهات التطرف والغلو. فنحن نتضامن مع كل من تعرض من المثقفين والنخب الفكرية والدينية المعتدلة لمثل هذا الهجوم المقزز، وندعو المسؤولين عن الشأن الديني في هذا البلد للوقوف على هذه الظاهرة الشاذة قبل أن تتجاوز تداعيتها حدود الأقوال إلى الأفعال..
*باحث في علم الاجتماع السياسي