بيان الجمعية المغربية لحقوق الانسان بمناسبة اليوم العالمي للشباب 12 غشت 2022
يخلد المجتمع الدولي، هذه السنة، اليوم العالمي للشباب الذي يصادف 12 غشت من كل سنة، تحت شعار “التضامن بين الأجيال: خلق عالم لكل الأعمار”. هذا اليوم الذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1999، باقتراح صادر من المؤتمر العالمي لوزراء الشباب المنعقد سنة 1998 بالعاصمة البرتغالية لشبونة، بناء على توصية المنتدى العالمي للشباب المنعقد سنة 1991 بفيينا عاصمة النمسا.
وإن كان الهدف الأساسي الذي انطلقت منه فكرة الاحتفال الدولي والسنوي هو إثارة انتباه المنظومة الأممية إلى الاهتمام بقضايا الشباب والعناية بمستقبلهم بصفتهم شركاء في المبادرات الهادفة إلى بناء مجتمع عالمي دائم، مستقر وآمن في كل جوانب الحياة، فإن شعار هذه السنة ينطلق من فكرة التداخل والعلاقة بين مختلف الفئات العمرية والعمل على خلق التضامن بين الأجيال حتى لا تبقى قضية كبار السن منسية وخاصة في مجالات “الصحة وحقوق الإنسان والتنمية” واستحضار الممارسات التمييزية بين الأجيال وتجاوز”المعيقات المرتبطة بالعمر في مختلف مجالات معايشهم، كالتوظيف والمشاركة السياسية والصحة والعدالة”، كما نبه إليه التقرير السنوي الصادر عن الأمم المتحدة برسم سنة 2021 حول موضوع التمييز على أساس السن.
ورغم كل المجهودات الأممية التي بذلت من أجل تسليم مشعل القرارات المستقبلية إلى الشباب، فإن التحديات تتفاقم وتزداد صعوبة وتعقيدا وتتراجع معها وضعية الشباب بسبب تصاعد التهديدات الأمنية واشتداد وثيرة الحروب في العديد من مناطق العالم، وتوالى الأزمات الاقتصادية كنتيجة للسياسات الرأسمالية النيوليبرالية وما تنتجه من مآسي وسط الشباب بالدرجة الأولى ومعها كل الفئات العمرية، من أطفال وشيوخ، نساء ورجالا بدرجات متفاوتة. وقد كشفت جائحة كوفيد 19على هشاشة هذا النظام الذي لا يقيم وزنا لحقوق الإنسان ولا يعير أي اهتمام لمستقبل الأجيال اللاحقة التي تعيش حاليا تحت رحمة الفقر والبطالة والمهددة بانهيار المنظومة البيئية بسبب التغيرات المناخية والتلوث وفقدان التنوع البيولوجي… مما يستدعي إجراءات سريعة ومستعجلة من أجل تحويل الشعارات إلى ممارسات ووقائع في اتجاه المشاركة الفعلية الشبابية باعتبارها ضامنا رئيسيا للتحول العالمي المنشود.
ويأتي اليوم العالمي للشباب في واقع تعيش فيه المجتمعات الخاضعة للأنظمة المستبدة التابعة للدوائر الإمبريالية العالمية، أو التي تعاني الحصار الاقتصادي لرفضها الهيمنة والتبعية، ظروفا صعبة كان أولى ضحاياه من الشباب والنساء والأطفال الذين اضطروا إلى مغادرة إقاماتهم الأصلية هروبا من ويلات الحروب، والبطالة، والفقر، والمجاعة.
وفي ذات السياق، تعرف الشبيبة المغربية أوضاعا جد متردية في أغلب المستويات الاقتصادية والاجتماعية نتيجة السياسات العمومية المتبعة من طرف الدولة المبنية على المرجعية النيوليبرالية، ما ترتب عنه تقليص حظوظ الشباب في الولوج لقطاعي التعليم والشغل، كما تعيش على واقع تكريس المقاربة الأمنية المرتكزة على قمع المظاهرات والاحتجاجات السلمية والاعتقالات السياسية والمتابعات القضائية والتضييق على المنظمات الشبابية، وضرب حقها في التعبير والتنظيم والاستفادة من الفضاءات العمومية.
وإدراكا منها بدور الشباب في التغيير نحو نظام عالمي أفضل، تسود فيه العدالة وتتحقق فيه المساواة وتتجسد فيه الكرامة، فقد جعلت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان قضايا الشباب في قلب اهتماماتها، تحت شعاريها التاريخيين: “مستقبل حقوق الإنسان بيد الشباب” و“مستقبل الشباب رهين لاحترام حقوق الإنسان”. فأولت للحضور النسائي والشبابي مكانة متقدمة في أجهزتها القيادية الوطنية والجهوية والمحلية.
وفي ذكرى هذا اليوم، فإن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تعبر عما يلي:
– تدعو الأمم المتحدة وهياكلها الفرعية إلى تحمل مسؤوليتها فيما تشكله القوى الإمبريالية والاستعمارية والشركات العابرة للأوطان وباقي المقاولات، من تهديد للسلم والأمن العالميين، وفيما تخلفه حروبها المتكررة من مس بالأمن الغذائي وإزهاق للأرواح ومعاناة للمهاجرين وفقدان للتوازن البيئي. كما تطالب بخلق مجالس ومنتديات عالمية للشباب بشكل منتظم لإشراك الشباب، مشاركة فعلية، في صياغة برامج الأمم المتحدة ومتابعة تنفيذها وتقييمها؛
– تذكر بأهمية الاتفاقيات الأممية ذات الصلة بالهجرة وطالبي اللجوء وبالعمال المهاجرين وأسرهم، و تدعو الدول الأطراف إلى الالتزام بمقتضياتها، وخاصة ما جاء في إطار منظمة العمل الدولي واتفاقية مناهضة جميع أشكال التمييز العنصري واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة وباقي الاتفاقيات والاعلانات والتوصيات؛
– تحيي الشباب المغربي على حفاظه على قيم التضامن والتآزر وتشبثه بالتكفل بالآباء والأجداد كبار السن، في غياب أي دور للدولة في توفير الحماية الاجتماعية والتعويض عن الشيخوخة. وهو ما ينسجم مع شعار الأمم المتحدة لهذه السنة، الذي يسعى إلى ترسيخ قيم التضامن بين الأجيال والأعمار؛
– تساند مبادرات ونضالات الشباب المغربي، وتجدد تضامنها معهم في مساعيهم للدفاع عن سائر مطالبهم المشروعة وإقرار حقوقهم الإنسانية؛ وتؤكد على أن الدعم الحقيقي لهم لن يتم إلا ببناء الدولة الديمقراطية الضامنة لحقوق الإنسان في أبعادها الكونية والشمولية وضمنها الحقوق الإنسانية للشباب؛
– تطالب بالإفراج عن كافة الشباب معتقلي الرأي والمعتقلين السياسيين، ومناضلي الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، ومعتقلي الحركات الاجتماعية، ووقف جميع المتابعات والاعتداءات التي تستهدف الصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والنقابيين؛
– تتضامن مع كل الهيئات والجمعيات الشبابية التي تتعرض للتضييق والمنع، وتندد بمظاهر القمع والتهميش والفساد، وما تخلفه من إهدار لطاقات الشباب، وانعدام تكافؤ الفرص، وتردي مستويات التكوين والتأهيل، مما يعيق الدور المجتمعي للشباب في الاضطلاع بأدواره بمختلف مجالات الحياة؛
– تندد بالمجازر التي ترتكبها الآلة الصهيونية المحتلة في حق الشعب الفلسطيني البطل، وتحيي خيار المقاومة ووحدتها في التصدي للعدوان، وتؤكد على حق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن حقوقه ومقدساته وأراضيه بكافة الأساليب المتاحة؛
– تدعو الدولة إلى تحمل مسؤولياتها والاستجابة للمطالب الحقوقية الأساسية للشباب المتضمنة في المذكرة المحينة التي تقدمت بها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وتطالب بالتراجع عن خوصصة التعليم وتسليع قطاع الصحة وإلغاء العمل بالعقدة في القطاع العمومي واحترام حقوق العمال والعاملات وحمايتهم من جشع الرأسمال المتوحش؛
– تدعو الحركة الحقوقية والديمقراطية والشبابية إلى تكثيف الجهود من أجل التصدي لحملة التراجعات الخطيرة في مجال الحقوق والحريات.
المكتب المركزي
الرباط في 12 غشت 2022