الخبير التربوي عبدالرزاق بن شريج (1):*المنظومة التربوية تحتاج إلى تقييم وليس إلى إعادة الاستشارة
س= سيشهد الموسم الدراسي مجموعة من المستجدات في التعليم المدرسي مثل الشروع في تطبيق خارطة طريق 2022/2026 وإخراج النظام الأساسي لنساء ورجال التعليم.باعتباركم أكاديميا ما قراءتكم للموسم الجديد؟
ج= بالمناسبة وفي إطار إعداد ملف حول الدخول المدرسي 2022/2023 قمت منذ أقل من أسبوع بتوزيع استطلاع رأي مركزا على سؤال “ما هي توقعاتك حول الدخول المدرسي المقبل” هم عينة عشوائية تتكون من آباء وأولياء المتعلمين، ومدرسين، ومديري مؤسسات تعليمية، ومفتشين تربويين، ومهتمين بالسياسة التعليمية المغربية، فكانت الأجوبة متقاربة جدا، فأغلب المستجوبين يقرون أن السنة الدراسية ستكون كباقي السنوات الاخيرة بدون معالم، وسيتسم الدخول المدرسي بالارتجالية في عدة مجالات، فبالإضافة للخصاص في الموارد البشرية وارتفاع درجة الاحتقان وبث روح التفرقة بين مختلف الفاعلين التربويين: مفتشين، إداريين، أساتذة، آباء. فإن المعركة ستبدأ في أول أيام الموسم الدراسي، لأن لا شيء يبشر بالخير، بحكم غياب الحكامة في تدبير المنظومة، والفرق الشاسع بين التصريحات الرسمية والواقع الميداني، فإن كان هذا هو المتوقع حسب العينة المستجوبة فالقراءة المتأنية لوثائق الوزارة الوصية توضح أكثر الارتجالية والعشوائية التي تعيشها المنظومة التربوية، فمسألة ما يسمى بخارطة الطريق مثلا ضحك على الدقون لا من حيث الفترة التي طرحت فيها ولا من حيث أهدافها ومضامينها، فالمنظومة اليوم تحتاج إلى تقييم وليس إلى إعادة الاستشارة في أمور من المفروض أنها حسمت سابقا سواء في استشارات بناء الرؤية الاستراتيجية 2015/2030 أو استشارات النموذج التنموي الجديد، ومن حيث الأهداف والمضامين فلا جديد فخلاصاتها مجرد إعادة الصياغة لما جاء في الرؤية الاستراتيجية وتوزيعه على عشر رافعات والتركيز دائما على كلمات منمقة “الجودة”، “محورية المتعلم”، “تكافؤ الفرص”، “النجاعة”، “التشاركية”، “الفاعلية” و”النهضة التربوية” و”الحلول المبتكرة”…؛فتكرار الكلمات نفسهاومضغها أفقدها معناها وقوتها ولم تعد لها أي حمولة قيمية وفكرية، ويمكن تأمل نقطة واحدة في خطاب وزير التربية بنموسى خاصة بمحور المؤسسة، حين يقول:”تهدف خارطة الطريق إلى توفير مؤسسات تعليمية عصرية بطاقم تربوي حيوي وديناميكي يسهم في خلق مناخ وبيئة تعليمية محفزة، طاقم بفريق تربوي ملتحم مع المدير، وفي تواصل دائم مع الأسر، وجعل المدرسة فضاء مفعما بالحياة والمتعة خارج الزمن المدرسي…”، وهنا نطرح السؤال على السيد الوزير:ما الجديد في هذا الكلام؟ هذا مجرد كلام للاستهلاك الإعلامي، منذ ما يزيد عن 40 سنة التي قضيتُها في حرفة التربية والتكوين وأنا اسمع وأقرأ هذه الأهداف التي لم ولن تتحقق بسبب غياب أدوات تنزيلها، بل أكثر من ذلك هل يمكن تحقيق هذه الأهداف بمؤسسات مخربة وبعضها يتسبب بالسرطان (مادة l’amiante فيحجرات البناء المفكك) وباحتقان وتوتر بين الوزارة وقرابة200000 من الأساتذة وأطر الدعم المفروض عليهم التعاقد، الذين يضربون سنويا قرابة نصف السنة دراسية، ويهددون بدخول مدرسي حارق؟
وأكاد أجزم أن الهدف الحقيقي من كل هذا اللغو هو “إلزامية التعليم”، لكن بمعناها السياسويوالاقتصادوي، أي إبقاء المتعلمين بالمؤسسات إلى نهاية التعليم الإعدادي فقط، أما باقي الكلمات من جودة، وتكافؤ، وانفتاح، وغيرها فمجرد مقبِّلات لأكلة مغشوشة هي الإبقاء على المتعلمين داخل المؤسسات إرضاء للجهات المانحة. فالمسؤول على تدبير المنظومة يهمه حراسة المتعلمين داخل حجرة الدرسفقط، حتى لو لم يستفد المتعلمون من الدروس فلا يتم بالموضوع، فالمتعلمداخل الحجرة يعفي المسؤول من إيجاد المبررات التي تطلبها منه الجهات العليا، فالمنظومة التربوية تُسَير بالمقاربة الأمنية.
* من حوار عبد الرزاق بن شريج في جريدة العلم اليوم 2022/9/7 اجرى الحوار المربي والصحافي المقتدر المحجوب أديوش .