الباحث التربوي محمد أشباب :فوضى تدبير الموارد البشرية بوزارة التربية
محمد أشباب/ باحث تربوي
تعرف المنظومة التربوية سنويا خصاصا مهولا في الموارد البشرية، وهو ما يدفع الأكاديميات والمديريات الاقليمية إلى حل الأزمة باعتماد طرق لا تربوية، مثل تقليص البنيات التربوية، مما يولد الاكتظاظ بالنسبة للمدن، والأقسام المشتركة بالنسبة للوسط القروي، وهي عملية حسابية محضة لا تلتفت فيها الخريطة المدرسية إلى الآليات الصحيحة المعتمدة على معايير تربوية بل تقلب العملية برمتها من اعتبار التربوي مركز العملية وباقي التخصصات في خدمته إلى اعتبار الإداري والمادي والمالي هو المبتغى وهو المتحكم في التربية وأهدافها ومواصفاتها، بل تلجأ إلى التكليف في أحسن الأحوال بما يعرف قصرا “المواد المتجانسة”، أو “المتآخية”، و في الغالب يتم إعدام بعض المواد جملة وتفصيلا، بالإعدادي مثلا مادة المعلوميات تكليف بالرياضيات،والتكنولوجيا تكليف بالفيزياء، او الرياضيات، التربية الأسرية التكليف بعلوم الحياة والأرض، أو الفرنسية، وعلوم الحياة والأرض بالتربية البدنية،….
وفي بعض الأحيان يتم اللجوء إلى سد الخصاص بالوسط الحضري على حساب الوسط القروي، مما يعدم تكافؤ الفرص وتحقيق العدالة التعليمية المجالية، وبحكم النظرة السطحية للتعليم الابتدائي يتم اللجوء إلى تكليف أساتذة التعليم الابتدائي بالتعليم الثانوي اعتمادا على التخصص بالشهادات، وتكليف شخص معين دون تكوين بالابتدائي مكان المكلف بالثانوي، ونحتاج الإشارة هنا إلى أن في بعض الحالات يكون ذلك لتقريب المحظوظين إلى الوسط الحضري او الشبه الحضري دون اهتمام بمصلحة المتعلمين، إن كان هذا على مستوى التدريس فالحديث عن الإداريين فحدث ولا حرج، فتكليف مدير مؤسسة تعليمية أو حارس عام بمجموعة من المؤسسات التعليمية تصل إلى 3 مؤسسات في بعض الحالات- تكليف الحراس العامين بمهام المدير والحارس العام وقد يكلف حتى بالاقتصاد، دون اعتبار لحالة التنافي التي يحصل في مثل هذه الوضعيات الإدارية، وتكليف الأساتذة بالاقتصاد، وتكليف الملحقين التربويين بمهام الإدارة التربوية،وتكليف الملحقين الاجتماعيين بمهام الملحقين التربويين، وتكليف فئات تعليمية بمهام الإدارة التربوية أو الاقتصاد، وللحديث عن التفتيش، ومشاكله عديدة ومتنوعة فهناك خصاص مهول في الابتدائي والثانوي، ويتم اللجوء إلى تكليف مفتشي التعليم الابتدائي بأكثر من منطقة تفتيش واحد ليصل عدد الأساتذة التابعين له إلى 400، في بعض المناطق، وفي مناطق أخرى يصل العدد إلى 20 فقط، طرفاية نموذجا، وتكليف مفتشي الثانوي بأكثر من مديرية، بل في بعض التخصصات بأكثر من جهة، وقبل المرور إلى نقطة التقنيين تجب الإشارة إلى أن أزمة تدبير الموارد البشرية يعطي صورة واضحة على الفوضى وسوء التنظيم وعدم اهتمام المسؤولين المركزيين والجهويين والإقليميين بهذا الشق الهام من المكونات الأساسية للمنظومة التربوية، فالواقع يعطينا نماذج وحالات تدبيرية غريبة، ففي بعض المديريات تجد تخصصا معينا يعرف فائضا كبيرا جدا بالعشرات، وبالمقابل في تخصص آخر خصاصا مهولا غير مقبول وغير مستساغ.
وإن كان التصرف في أغلب الموارد البشرية بنوع من الزبونية وعدم الاستقرار فالوزارة لا تعامل مع المساعدين التقنيين بنفس المنطق في إطار إسناد المهام الجديدة لهم. ويحافظ أغلبهم على الوضعية العملية كعون كنس او عون حراسة، أو يصبحون بدون مهام تماما، لكن انقراض هذه الفئة واعتماد منطق تفويت الخدمات لشركات قد ولد مشاكل أخرى على صعيد الموارد البشرية. فشركات النظافة والحراسة والبستنة لا تحترم قانون الشغل ولا معايير عدد المكلفين بالخدمة وفق الحاجات، فتتولد عنه خدمات جد ضعيفة، بل معدومة ببعض المؤسسات، مع الإشارة إلى أن المكلفين بالبستنة يشتغلون في التنظيف والحراسة، ولا اهتمام بما يسمى بستنة، أضف إلى ذلك ان الاعتمادات المخصصة لهذه المهام لا تغطي الحاجيات، وتزيدها صعوبة مسالة خضوع الصفقات لمنطق آخر غير منطق النجاعة، المرتبط بالنزاهة أولا ثم كفاءة التدبير ثانيا.