واد زم : نقطة و عودة إلى السطر
عودة إلى مآسينا و مآسي أبناء و بنات جلدتنا ،عودة إلى واقعنا المر و الذي إنفصلنا عنه أياما معدودة في غفلة و رغبة منا معانقة الفرح و الذي كنا نعلم علم اليقين أنه لن يدوم طويلا -حتى و ان فاز منتخبنا الوطني بكأس العالم و الذي ساندناه بالروح و الدم في جميع مبارياته-فإن هذا الفوز لن يغير من واقع الفقراء و المشردين شيء عن واقع بئيس سوى أنهم سيستفيقون على زيادات صاروخية في المواد الأساسية بهذا الواقع المرير الذي يحكي عن نفسه من خلال مشرديه الذين يلتحفون السماء و يفترشون الأرض،يصف ما تستحيي أن تصفه قنواتنا الأرضية و الفضائية و أقلام صفحاتنا المحلية المأجورة،يصف ما لا يوصف ،يصف واقعا مريرا لشريحة عريضة إسمها البؤساء المشردين، وقد يتسائل البعض من الذين أنعم الله عليهم إلى حد الإستغراب و الدهشة هل مازال هذا البؤس اللعين يعيش بيننا و يشوه مجتمعنا بالرغم من أن مدينتنا تقع على أغلى الهضبات في العالم هضبة الفوسفاط؟هل مازال هؤلاء البؤساء يعرجون و يعورون و يتسولون و ينامون على قارعة الطريق يلتحفون السماء و يفترشون الأرض؟ هل مازال بيننا هؤلاء الذين يتسولون في المقاهي ثيابهم رثة و أقدامهم حافية؟ هل مازال بيننا محرومون نحن من نجلس على المقاهي نتصفح الجرائد الفارغة إلا من صور عارضات الأزياء و الأبراج؟هل مازال بيننا نحن سكان الأرض و معمروها سنة2022 رواد الفايسبوك و مدمني صيحات الموضى و التطور التكنولوجي زمن التبجح بالكرامة ،الحرية و العدالة الإجتماعية من لا يجد لقمة العيش ليوم واحد و يشد على بطنه بحزام إذا ما إشتد به الجوع و إذا مرض يئن في صمت حتى يرحمه الله بالموت؟
لكنني سأقول لهؤلاء الذين يتسائلون و يتعجبون أن واقعنا أشد و أقبح مما يرسموه عنا في مخيلاتهم ،إن واقعنا يحز في النفس و يعصرها حتى تجافي النوم و الراحة …
نحن لم نخلق ليقتل بعضنا البعض،لم نخلق ليسطوا بعضنا على حقوق الآخر فيتركه في الخلاء مجردا من أدنى شروط العيش الكريم،لم نخلق ليخرق القانون بإسم القانون حتى يحمي القوي في حربه الشرسة ضد الضعفاء الذين يحاربون دون سلاح في حرب خاسرة يخوضونها رغما عنهم .
لم نخلق لنعيش الفقر و المعاناة و غيرنا ينعم بخيرات وطننا،فما إستغنى مواطن إلا من جوع آخر …
صورة المرأة في العربة هي وصمة عار في جبين المسؤولين و المسييرين و الجمعويين ورجال السلطة بمدينة الفوسفاط المتبجحون بألتقاط الصور في جميع التظاهرات المفبركة و المغلفة بالخير و الإحسان و خدمة الطبقة المهمشة التي لم تكن في يوم من الأيام ضمن اهتمامات المسؤولين الأولية كالتي يسعى رئيس المجلس البلدي الى تكريسها كجلب الكوتشيات و منع تشجير المدينة بأشجار الزيتون في حين أن حاجة سكان المدينة و مشرديها الى ضروريات الحياة من مسكن و إنارة و قنوات الصرف الصحي أهم بكثير من مناقشة أشياء تافهة و در الرماد في العيون …
لا شيء تغير في المدينة بل زاد عدد فقرائها و مشرديها متى يستيقض مسؤوليها من سباتهم و عجرفتهم و يعلموا علم اليقين أن وجودهم رهين بخدمة الطبقات التي تعاني الهشاشة و الفقر لا أخد صور معهم و تركهم بالشارع…
تنوير.م واد زم