حوار مع المفتش التربوي بمراكش ذ.خالد مجتهد حول المنظومة التربوية المغربية(الجزء الثاني)
منذ بداية الاستقلال والمنظومة التربوية المغربية تعاني من الصراع السياسي والإديولوجي، وخاصة في مجال لغة التدريس وتدريس اللغات، ورغم أن الدستور المغربي أقر الانفتاح على اللغات الأجنبية وكذا الرؤية الاستراتيجية والقانون الإطار، فلازال الصراع محتدما بين الداعين لتدريس اللغة الفرنسية كلغة أجنبية أولى والداعين لاعتماد الإنجليزية مكانها نظرا لأهميتها العلمية والتكنولوجية واستعمالها من طرف أغلب المؤسسات الصناعية وأكبر عدد من سكان العالم، في هذا الإطار اشتغلت وزارة التربية الوطنية على تعميم اللغة الإنجليزية بالثانوي الإعدادي، مما أتار النقاش من جديد حول لغة التدريس وتدريس اللغات، ورغم أن الصراع الحقيقي محتدم حول لغات التدريس، وأقل حدة حول تدريس اللغات، ارتى موقع تنوير إجراء حوار مع الباحث التربوي والمفتش المختص في اللغة الإنجليزية تنويرا للرأي العام والساحة التربوية حول قرار وزارة التربية الوطنية تعميم اللغة الإنجليزية في الثانوي الإعدادي، وسينشر الحوار في 3 أجزاء
الجزء الثاني
س= ألا ترون أن محدودية التكوين اللغوي للأساتذة المدرسين للمواد العلمية من أهم الإكراهات التي ستقف دون تحقيق خيار التعميم؟
صحيح، فيما يرتبط بالإنجليزية كلغة تدريس، وفي إطار الإعمال التدريجي للتناوب اللغوي، فحسب معطيات رسمية وصلت المؤسسات التي اختارت تدريس المواد العلمية بالإنجليزية إلى 250 مدرسة بعد أن بدأ التجريب ب 5 مؤسسات فقط سنة 2015. لكن العائق الأكبر سيكون عدم تمكن الأساتذة من الكفايات اللغوية الضرورية لتدريس المضامين والمحتويات العلمية، ناهيك عن غياب تكوينات رصينة في نماذج ديداكتيكية فعالة تربط بين تعلم المادة المدرسة واللغة في نفس الوقت.
س= ماهي الأعطاب التي تواجه تدريس مادة اللغة الإنجليزية؟
بناء على تقييم قامت به المنسقية الجهوية للتفتيش بمراكش أسفي شمل سبع مجالات لعناصر الهندسة المنهاجية لمادة الإنجليزية خلال الموسم الدراسي 2020-2021 مستعينة بنموذج (المدخلات، السيرورات، المنتج، السياق) CIPP ل Daniel Stufflebeam وهي كالتالي، تصميم وبناء المناهج التعليمية؛ المقاربات البيداغوجية؛ الكتب المدرسية والموارد التعليمية؛ كفايات المتعلمين؛ تقويم التعلمات والدعم التربوي؛ البنيات التحتية وفضاءات التدريس؛ الكفايات المهنية للأطر. تم وضع الأصبع على مجموعة من الأعطاب ومنها: -استمرار الخلط بين المقاربة بالكفايات والتربية المعيارية بين المدرسين والفاعلين التربوبين بشكل عام نظرا لتنصيص وثيقة التوجيهات التربوية للغة الإنجليزية على مفهوم المعايير Standards أكثر من الكفايات، رغم أن الكتاب الأبيض ركز على مدخل الكفايات كمقاربة بيداغوجية ناجعة. – عمرت الكتب المدرسية المعتمدة طويلا إلى درجة أنها أصبحت متهالكة ومتجاوزة من حيث المحتوى و الإخراج، و لم يسبق لأي كتاب مدرسي أن استعمل لمدة تنيف عن خمسة عشر عاما دون مراجعة جذرية منذ استقلال المغرب. – عدد الساعات المخصصة للغة الانجليزية غير كافية ولا تساعد على إمكانية اكتساب المتعلمين المهارات والكفايات المحددة في المنهاج. – الفضاء المادي للفصل الدراسي لا يساعد على تطبيق بعض البيداغوجيات الأساسية، فمثلا المقاعد المعتمدة في الفصول الدراسية تعيق العمل بالمجموعات وتشجع نمط التدريس المتمركز على الأستاذ؛ بالإضافة إلى غياب الوسائط التكنولوجية والمكتبات الفصلية في الفصول الدراسية مما يجعلها فضاءات غير ذات اهتمام وجاذبية للمتعلم. – عدم مواكبة الكفايات والمواصفات المفترضة في المتعلم في نهاية السلك لمستجدات العصر الحالي وللتحولات التي تعرفها المجتمعات على الصعيدين الوطني والعالمي. – عدم ملاءمة أساليب التقويم المعتمدة مع خصوصية الكفايات المستهدفة، محدودية التكوين الأساس لعدد من الأساتذة، وغياب تكوين مستمر ممأسس. هذا غيض من فيض، ويمكن إضافة بعض الإشكالات المرتبطة بتدريس اللغات بشكل عام واللغات الأجنبية بشكل خاص وفق خلاصات ندوة للمجلس الأعلى للتعليم عن الموضوع (2009) مثل: غياب أطر مرجعية لتدريس اللغات تحدد الكفايات التي يجب امتلاكها ودرجات التحكم فيها وطرق وأساليب تقويمها والإشهاد عليها حسب المستويات والأسلاك الدراسية. ندرة فرص استعمال اللغات الأجنبية وتداولها خارج المؤسسة التعليمية. طول المقررات المخصصة للغات الأجنبية، مقارنة بالحيز الزمني المخصص لتدريسها. الاكتظاظ وإلغاء التفويج في حصص اللغات الثانية.