رسالة جيل لجيل
(أمام بؤس العالم و عبثية الحياة لا أرغب في إرتكاب ذنب ولادة مزيد من التعساء).
#محمد التميمي
كل منا يدلو بدلوه،بإرادته أو رغما عنه و سيترك بصمته في هذا العالم البئيس و التعيس…
من أين تبدأ رسالتنا و أين تنتهي للأجيال اللآحقة؟ماهي الرسالة التي سننقلها لهم؟
أفكار عديدة تروج في رأسي و أنا أسير ببطئ في شارع فسيح عريض يضيق بالمارة والباعة المتجولين والشحادين وأصحاب الوجبات السريعة الذين يطبخون كل شيئ قابل للالتهام البشري ….، فئات عديدة تشكل مجتمعنا،حز في نفسي ما عاناه جيلنا من بؤس و فقر و قهر كنا صغارا غير مبالين بما يقع حولنا،مات الكثير منا رغم مقاومتهم البئيسة لقساوة الظروف،الحرمان شيئ مؤلم لا يشعر به إلا من عاشه،جيل كافح و قاوم من أجل الإستمرار في الحياة نحو مستقبل مجهول المعالم،نحو مستقبل رسمه لنا ساستنا قبل أن نولد بل رسموه لأبنائنا أيضا…
أحاول جاهدا أن أحب هاته الرقعة الأرضية التي ولدت فيها،علمونا أن حب الأوطان من الإيمان و لقنونا دروسا في التربية الوطنية في حين درسوا أبنائهم خارج الوطن و تناسوا عمدا أن يعلمونا أن الوطن للجميع و أن خيراته و ثرواته يجب أن تكون للجميع كما تناسوا أن يخبرونا أن الوطن هو التعليم هو الصحة هو الكرامة و الحرية … بل أكثر من ذلك إعتقلوا كل من طالب بهذه الحقوق بتهم كيدية .
أقف حائرا بين مفترق الطرق متسائلا عن الرسالة التي يجب أن ننقلها للأجيال اللآحقة هل نصور لهم الواقع كما هو مجردا من ملابسه المنمقة بألوان قوس قزح،و أن نكون صادقين معهم و أن نقول لهم أن الوطن ليس مجرد شراء لعبة و ملابس جديدة للعيد و شراء حلوى رأس السنة و قضاء العطلة الصيفية بإحدى شواطئ المملكة مع من يقاسموننا آلآمنا و أحزاننا و يتصيدون لحظة فرح عابرة يمكن أن تتكرر أو تكون الأخيرة، أو بين أن نصور لهم الواقع كما تصوره أفلاطون من خلال مدينته الفاضلة أو كما تصوره نيتشه على أن الشعب يحتاج إلى الفن و الوهم ليعيش،بل نحن شعب يحتاج إلى الحقيقة لكوننا سئمنا من الوهم و الخيال نحن شعب يحتاج إلى تعليم مجاني و متكافئ للجميع و إلى مستشفيات ترقى إلى مستوى الإنسانية و إلى حرية لا يشوبها الخوف و القمع و إلى كرامة مصونة وصولا إلى حقنا في الثروة…
أي رسالة ينقلها جيلنا للجيل الذي يليه هل ننقل لهم و لو جزء يسير عن شبابنا الذي فر من وطنه و ركب أمواج البحر في عتمة الليل و السواد ينشد غدا أفضل في موطن غير موطنه؟أم نخبرهم عن واقع الحال بمستشفياتنا التي يتحكم فيها لوبي القطاع الخاص و يحكم على أجهزتها بأن تتعطل حتى يتمكنوا من إستنزاف جيوب المواطن المقهور…؟أم نخبرهم بحقيقة التعليم الذي ينتظرهم مع وزير يتبجح أمام وسائل الإعلام بان إبنه درس في الخارج بحكم أن والده ميسور الحال(لاباس عليه ) و عن الأستاذ الذي فرض عليه التعاقد ولازال يناضل من أجل حقوقه و ظروف ملائمة لإشتغاله؟أم نخبرهم بمصير ثروات و خيرات هذا الوطن أين هرِّبت و أستنزفت؟أم نتركهم يعيشوا الوهم كما شاء نيتشه فأحيانا تخرج الحكمة من أفواه المجانين و أن يتصوروا واقعهم كما ينمقه إعلام الصرف الصحي و يتبجح بالإنجازات التي حققها المغرب في الآونة الأخيرة على مستوى الرياضة والطاقة و الفلاحة و الصيد البحري و تكوين الأطر و فرص الشغل التي تنتظر الجميع كل حسب تخصصه…
إن جيلنا في حيرة من أمرة أيكون صادقا في نقله لرسالة أتقلت كاهله؟أم يكون متفائلا في نقلها مستبشرا خيرا في مستقبل الأجيال القادمة لعل الله يكون بهم رحيما…
تنوير.م وادي زم