وجهة نظر

انزلاق ملحوظ نحو اليمين المتطرف :إسرائيل و الانقلاب الهوياتي في الدولة (2) /شارل أندوغلان

هذه تتمة لترجمة مقال : انزلاق نحو اليمين المتطرف ..المنشور بدورية لوموند ديبلومتيك لشهر فبراير 2023 .. وسيلاحظ القارئ أن مشروع اليمين الصهيوني بزعامة نتنياهو للمرحلة القادمة هو تحويل دولة إسرائيل إلى نظام للملالي على الطريقة العبرية ..مما يقتضي  إعادة البناء الثقافي   للمجتمع حتى ولو تم ذلك في صدام مع الطبقة الوسطى المعتبرة دهرية .. يتصور نتنياهو أن علاج هشاشة المجتمع الإسرائيلي  يكون في تجذير هويته اليهودية .. مما قد يجعله راسخا في مواجهة إيران .. والتحولات التي تحبل بها المنطقة ..

التعريف الصارم لليهودية

بالنسبة للوزير الأول (= نتينياهو)  فإن فرض القومية اليهودية   مشروط  بوضع اليد  أولا على الشبيبة . لهذا قرر إسقاط التعليم العمومي الديني ( 365000 تلميذ/ة موزعة على 4300 مؤسسة ) ، غير المسيّس لغاية الآن ،  قرر إسقاطه في محفظة السيد سموتريش (= في إشارة إلى وزير المالية ), قائد الحزب الصهيوني الديني المعروف بتصريحاته المعادية لليسار ، الفلسطينيين والأقليات الجنسية .  أما بالنسبة إلى السيد عافي معوز ، المنتسب للحزب اليميني المتطرف نوعام ، فلقد أصبح نائبا للوزير . ومع معاداته للمثلية ، ومناهضته للنساء  إذ يعارض  تأديتهن الخدمة العسكرية ، ترأس وكالة جديدة  تابعة مباشرة للوزير الأول ،تروم تقوية الهوية اليهودية  .

من جهته ، جمع السيد أريح دري ، رئيس حزب سيفاراد( = اليهود المنحدرين من إسبانيا) شاس والحليف التاريخي لنتنياهو ، جمع تحت يديه وزارتين من أصل الستة الممنوحة لحزبه : وزارتي الداخلية والصحة . المشكل أنه واقع  في قبضة  العدالة ، إذ سبق الحكم عليه سنة 2000  بثلاث سنوات سجنا من أجل الرشوة  وهو الآن موضوع إدانة جديدة بالسجن مع وقف التنفيذ بسبب الغش الضريبي .و لهذا قضت المحكمة العليا  بتاريخ 18 يناير بعدم صلاحيته  لأن يكون عضوا في الحكومة واضطر نتنياهو إلى إقالته .

يزمع  التحالف الحاكم تسريع وتيرة إعادة هيكلة النظام القضائي لتجنب مثل هذه الهزات في المستقبل .. وأخيرا السيدة أوريت ، من مستعمرة أفرهامأفينوالواقعة بحبرون ،اسندت إليها بدورها مسؤولية ملف الهوية اليهودية . بعد تعيينها وزيرة للمهام الوطنية ، كلفت بالإشراف على قسم الثقافة اليهودية بوزارة التربية الوطنية وإدارة الإعداديات والأكاديميات السابقة على ولوج الجيش .هكذا سيكون على 823000 تلميذ/ة في التعليم غير الديني ، التابعين لوزارة التربية الوطنية التي تم تفكيكها جزئيا ، متابعة دروس معززة عن التلمود بمقتضى  نص قانوني كان طالب به المتشددون و لم يتم نسيانهم .

يقضي الاتفاق المبرم مع الوزير الأول بالتصويت على النصوص التي تختزل تعريف اليهودية  في تطبيق القانون الديني . وسيتعين تعديل قانون العودة لمنع قدوم المهاجرين المعتبرين ، من قبل الحاخام الأكبر بإسرائيل ، غير يهوديين بما يكفي . سوف لن يعترف بالتحولات إلى اليهودية المنجزة من قبل حاخامات ليبراليين ، المعاد تشكيلهم ( réformés)أو محافظين ، سواء أكانوا بإسرائيل أم بالخارج . هذه التنازلات للمتدينين رافقتها إجراءات مالية مهمة  .

سيرفع  التمويل العمومي للحمعيان – وهي شبكة المدارس الخاصة التابعة لحزب شاس – بما يزيد عن 20/° لكل تلميذ بالمقارنة مع التعليم غير الديني .

أما  حزب أشكيناز ( = اليهود المنحدرين من  شمال أوروبا ) اليهودية الموحدة للتوراة فسيتلقى محفظتين وضمنهما وزارة السكنى .وحسب أفيكدور ليبرمان ، وزير المالية السابق ، فإن الاحتياجات  المالية  المتنوعة للأحزاب الدينية المتطرفة قد ترتفع إلى 5 مليارات أورو في السنة وهو ما سيعمق هوة اللامساواة بين العلمانيين والمحافظين المتطرفين . فالأخيرين معفيين من الخدمة العسكرية ولا يساهمون إلا بالنزر اليسير في اقتصاد البلد . وحسب المكتب المركزي للإحصائيات ، فإن الملزمين ضريبيا من المواطنين  العلمانيين  ( Séculiers)    يؤدون الضرائب المباشرة ست مرات أكثر من غلاة المتدينين .   كما تمت مضاعفة المحفظة المالية المخصصة لطلبة المدارس التلمودية لتتجاوز رواتب المجندين العسكريين من الشباب .

هل سينجح نتينياهو في تغيير مؤسسات البلد ؟ يعتقد أن ساعة التغيير قد دقت ولا يضمر اية نية للتنازل لمناصري دولة القانون الذين نجحوا في تجميع 130000 ألف إسرائيلي في مظاهرة 21 يناير بكل من تل أبيب والقدس .. وعند افتتاح المجلس الوزاري  في اليوم الموالي ، ذكّر نتينياهو أن ما يهم برأيه هو الأغلبية التي منحها له المصوتون يوم الاقتراع بتاريخ 1/11/2022 .

ترجمة عبدالرحيم جدي

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى