وجهة نظر

20 فبراير،، الأسئلة المغلوطة

بعد مرور 12 سنوات على ميلاد حركة 20 فبراير اعيد نشر مقال لخالد البكاري سبق و نشر بجريدة “أخبار اليوم” الأربعاء 24 فبراير 2021 ،حيت تمر الذكرى الثانية عشر ل 20 فبراير في اجواء هادئة كأنما كل شيء هنا على ما يرام وبعد اقفال قوس 20 فبراير  بفرض ايقاع الترهيب و التخويف على المغاربة  مع  غلاء المعيشة و ارتفاع الاسعار .
بمناسبة مرور 10 سنوات على ميلاد حركة 20 فبراير، تكررت النقاشات المألوفة نفسها، وهي مغلوطة في اعتقادي، إن لم تكن مضللة، وتهرب من نقاش حقيقي مؤسس، يجيب على سؤال حارق: لماذا فشلنا في اختراق جسد السلطوية، ولم نحدث بها سوى خدوشا، سرعان ما التأمت، لتعود أكثر شراسة؟
شراسة تشبه رد فعل الحيوان الضاري حين يجرح،، فيصبح أكثر عدوانية.
و”تخليدا” للذكرى، تم إحياء الحديث عن الخيانات، والانتهازيين، والراكبين على موجة 20 فبراير لتحقيق مآرب خاصة،، وكأن الحركة كانت تمتلك مرجعية متوافقا عليها، يعد الخارج عنها “مرتدا”،،
كانت الحركة بالكاد دينامية احتجاجية، يعرف فيها من التحق بها ما “يرفضه”، ولكن لا يعرف بالضبط “ما يريده”، ويختلف “ما نرفضه” باختلاف الأفراد والتيارات والتنظيمات والجهات والمدن،،
وبالتالي ف”المأمول” غير محدد، تبعا لاختلاف “المرفوض”.
ومقارنة مآلات الشباب الذي كان فاعلا في الحراك الفبرايري مثلا بمآلات الطلاب الذين شاركوا في انتفاضة 1968 بفرنسا بعد عشر سنوات، ستفيد بحقيقة صادمة، وهي غياب الشباب الفبرايري حتى الذين ألصقت بهم صفة “الوجوه البارزة” في مناصب بالدولة، أو المؤسسات المنتخبة، أو هيآت الحكامة، أو وجوها بارزة في الإعلام، أو قيادات في الأحزاب،،
فأين هذه الخيانات؟ والسلطة طوت صفحة 20 فبراير دون حتى أن تسعى إلى استدماج “رموز” هده الحركة لتجديد شرعياتها.
كان الأجدى عوض الحديث المكرور عن الخيانات، الانتباه أن شبابا من الذين كانوا فاعلين في الحراك الفبرايري يقبعون اليوم في السجون،،
البشير بن بوشعيب مازال معتقلا بعد حكم قاس ب 12 سنة سجنا نافذا على خلفية احتجاجات 20 فبراير ببلدة بني بوعياش. وقد كان محمد جلول رفيقه في الاعتقال، وقضى 5 سنوات على ذمة القضية نفسها، قبل أن يعاد اعتقاله مجددا ويحكم ب 10 سنوات سجنا نافذا في قضية حراك الريف، ويتواجد معه في سجن طنجة واحد من قيادات 20 فبراير بالحسيمة وهو نبيل أحمجيق المحكوم ب 20 سنة سجنا نافذا.
الصحفي عمر الراضي كان واحدا من أكثر الشباب دينامية في موقع الرباط أيام 20 فبراير، ولعب دورا استثنائيا في لجان الإعلام، والتواصل مع الميديا الدولية.
عادل لبداحي واحد من وجوه الحركة بالبيضاء سبق وأن قضى 3 سنوات سجنا، واليوم أعيد اعتقاله مجددا في قضية مرتبطة بالرأي.
أغلب معتقلي حراك جرادة كانوا من الشباب الذي كان فاعلا في احتجاجات 20 فبراير بتلك المدينة المنكوبة.
صمد بن عائشة وهشام المنصوري بدورهما مرا من “شارع” 20 فبراير ، واليوم يحملان صفة : لاجئ سياسي.
ما زالت آلة الانتقام البعدي (بأثر رجعي) فعالة،،، والحقيقة ان “المخزن” بخلاف “معارضيه” لا ينسى ما يعتبره “إساءة”.
وما زالت الحقيقة غير مكشوفة بخصوص من قضوا في علاقة بتلك الاحتجاجات ( 5 شبان بالحسيمة، وكمال العماري بآسفي، وكريم الشايب بصفرو، وفدوى العروي بسوق السبت، وكمال الحساني ببني بوعياش).
في كل دينامية أو حركية أو تنظيم بما هو فعل بشري، يمكن أن يحاول البعض توظيف مشاركته في الارتقاء الاجتماعي، وهو ليس أمرا معيبا -على أي حال – إذا كان بطرق مشروعة،،
ولكن الذي يجب الإقرار به أن تراجع حركة 20 فبراير ثم غيابها، لم يكن بسبب الخيانات، أو تفجيرا من الداخل، بل بسبب أن الشروط الموضوعية والذاتية كانت تقود لتلك الحتمية،،،
ففي غياب استراتيجية واضحة متعاقد بشأنها،
وفي غياب أشكال تنظيمية تتطور تبعا لتطورات الوضع،
وفي غياب قوى سياسية قوية تترافع حول مطالب الحركة،،
لم يكن ممكنا تصور سيناريو افضل من تلك الخاتمة.
والأهم أن الحركة لم تكن لها إجابة على متغيرين:
الأول مرتبط ب”الهجوم المضاد” للسلطة عبر التعديلات الدستورية، والانتخابات السابقة لأوانها التي حملت البيجيدي للحكومة ، وهو الذي خاض الحملة الانتخابية بشعار مركزي من شعارات الحركة ، وهو إسقاط الفساد والاستبداد.
كانت الساحات تفرغ رويدا رويدا من المتظاهرين الذين اقتنع بعضهم بالعرض الذي قدمته الدولة، واختار بعضهم “التبين” بمقاربة: لنجرب هؤلاء (البيجيدي)، فربما،،،
الثاني: مرتبط بالسياق الإقليمي حيث تحولت سوريا وليبيا لساحات حروب، وتم سحق مخرجات ثورة 25 يناير المصرية، فإذا كان انطلاق الحركة في المغرب كان في جزء كبير منه تأثرا بما حدث في تونس ومصر أساسا، فإن مآلات الثورة السورية كانت سببا في عودة هاجس الاستقرار عند المواطنين، وهو ما استثمرته السلطوية وحليفها الجديد البيجيدي في إنتاج: سردية “الإصلاح في ظل الاستقرار”،،
فيما بقيت سردية حركة 20 فبراير متوقفة عند “إسقاط الاستبداد” و”الشعب يريد،،”، في الوقت الذي كان حتى شعب الحراك يعود لانتظاريته.
في الوقت الذي اشتغلت الماكينة السلطوية بسرعة منذ خطاب 9 مارس، فقامت بتعديلات دستورية، ثم انتخابات سابقة لأوانها، بمعنى أنها أنتجت ثلاث “ضربات” سريعة، كانت الحركة تعيد إنتاج الخطاب والشعارات والأشكال التنظيمية نفسها التي انطلقت بها.
أما القوى المسماة داعمة، فكانت تخوض نقاشا غير مجد حول سقف الحركة، هل هو “الملكية البرلمانية” أو”السقف المفتوح”،،
فيما الواقع آنذاك كان واضحا:
لقد رسم النظام حدود اللعبة (تراسا التيران)، ولا إمكانية لا ل”طنجة” ولا ل”سوق الأربعاء”، لأن “الكار” لم يغادر أصلا المحطة، مع الاعتذار لاستعارة محمد الساسي.
خالد البكاري: جريدة “أخبار اليوم” الأربعاء 24 فبراير 2021

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى