في الذكرى 5 لاعتقاله .. زوجة الصحفي بوعشرين : اخترت الوطن وهو أغلى الغنائم و أجمل الثروات
بقلم: زوجة الصحفي توفيق بوعشرين أسماء المساوي
هذا الشهر الذي يتسلل خلسة وفي غفلة منا، كان يومه 23 من أقسى الأيام.. تاريخ مؤرق وجارح وكلما عدت إلى تفاصيله.. يبكي فيا كل شيء إلا عيني.
أستحضر منظر رضى وندى، طفلين صغيرين يتحايلان علي ببراءة كي لا يناما باكرا لأنهما ينتظران عودتك من العمل كي تشاركهما اللعب والشقاوة، والسؤال الذي يكسر القلب: بابا تأخر.. متى سيعود؟
أستحضر أول زيارة للأطفال لك في سجن عين برجة، أسحب رضى من قاعة الزيارة وينفلت مني راكضا نحوك وهو يتمسك بك باكيا ودموعك تقفز من عينيك على يدي.
أستحضر مكالمتك القصيرة جدا من مقر الفرقة الوطنية والمفعمة بالمشاعر والتوجسات.
أستحضر بلاغات النيابة العامة في القنوات التلفزية وهي تغرز أنيابها في لحمك منتهكة قرينة البراءة وسرية البحث والتحقيق.
أستحضر “أكذوبة” سفرك إلى إفريقيا إشفاقا على قلب رضى الصغير حتى لا نملأ روحه بالانكسار والحزن.
لم أكن أعلم حينها أننا سننصهر في طاحونة أيام طويلة وقاسية وفي محيط هادر وهائج، وأنني سأكون بطلة الصحافة الصفراء وأجلد كل صباح على الصفحات ومواقع التشهير فقط لأنني زوجتك ولا من يحرك ساكنا أمام هذا الإيذاء البليغ.كانت أياما وشهورا عصية على الهضم، لحظات ثقيلة وأليمة امتزج فيها الحزن، الخذلان، لؤم ذوي القربى… انفض الأصدقاء المزيفون وتراجع آخرون، وفوجئنا بسهام غادرة وضربات قاتلة.
اليوم، نبتسم في وجه من خذلنا وقال فينا ما ليس فينا ونبكي بصمت حين يكون كل شيء يدعو للصراخ ونضحك حين يكون البكاء واجبا.
لكن صدقني يا بوعشرين، إن الله عز وجل كان رحيما، لطيفا، جابرا، رؤوفا ورحمته كانت أوسع من كل هذا الحطام والخراب.
اليوم بعد خمس سنوات أقول لك يا توفيق.. والله لن تخذلني الدنيا وبين ضلوعي قلب متعلق بالله وفي قلبي محبة لك لا يمكن أن ينتزعها لا غياب ولا مسافات ولا مؤامرات ولا مكائد… سأظل أخيط هذه التمزقات وحياكة أمل لقائك إلى أن يأذن الله بالفرج.كن دائما على قيد الهمة والأمل يا بوعشرين وانتظر (وقل انتظروا.. إنا منتظرون).. إنما الحياة محطات وعبر وبلاء وابتلاء.
عاهدني ألا تستسلم مهما خيم الحزن وضاق الأمل وطالت المحنة،، عاهدني أن تبقى وفيا لما خطته أناملك وتنتصر للحق والحقيقة التي دافعت عنها وكلفتك غاليا… ألم تقل إن السعي إلى الكرامة لا حدود له…
الحرية لك يا توفيق بوعشرين،،، لأنك اخترت الوطن وهو أغلى الغنائم وأجمل الثروات وصدحت عاليا من أجل حق أبنائه في حياة كريمة واقتسام خيراته..
اسمك كان وسيظل وساما خالدا، متوجا لي ولأبنائك وعائلتك والحرية لشرفاء هذا الوطن.