ذ.محمد صلحيوي-ظرفية2011-2022: الأعطاب الفكرية في لوحة اليسار المغربي…(3)
الجزء الأول من مداخلة الدكتورة نبيلة منيب: <<يمكن الإنطلاف، بخصوص الحراكات الاجتماعية والامكانيات التي تتيحها من أجل بناء سلطة مضادة و تحقيق التغيير الديمقراطي الشامل من تأطيرها ضمن سياق السمات الكونية التالية:
_الفوضى الهدامة والتغيرات العالمية وتقدّم قوى BRICS و الصراع حول السلطة و السيادة الدولية ما بين القوى العظمى: الولايات المتحدة الأمريكية من جهة،و الصين و روسيا من جهة ثانية،ممّا جعل الاتحاد الأوروبي بين المطرقة و السندان، مجبرا على المساهمة في حرب ضدّ روسيا، والمهددبالتفكيك والتراجع.
_أمام عالم التبادلات المالية:المال الذي يولّد المال،وإغراق الدول تحت ثقل المديونية للتحكم فيها،
_وأمام الفساد العالمي والغطرسة، والنفاق و غياب الأخلاق السياسية و الضغوطات الاقتصادية الممارسة والكيل بمكيالين:
تخريب العراق وأفغانستان،واليمن و…..والتأهب لتصفية القضية الفلسطينية. وتطبيق “صفقة القرن” وفرض التطبيع.
و “الاتفاقية الإبراهيمية” لإدلال واستغلال الخيرات و الإنسان وخدمة مخططات الصهيونية و الإمبريالية.
_وأمام التحديات الثلاثة (3):
1-أزمة العولمة و أزمة الصراع الجيواستراتيجي.
2_الأزمة الطاقية والكارثة البيئية..
3-اتساع الفوارق وتفشي النزاعات وتداعيات جائحة كوفيد ـ 19 و حرب أوكرانيا.
إن تبعات “الجائحة” أبانت على مستوئ وطننا أن أزيد من 23 مليون مغربي في حاجة إلى الدعم،والسؤال هنا هو:هل تمت الاستفادة من الخلاصات الأساسية و على رأسها:
الحاجة إلى دور أنجع للدولة في مجال: الصحة و التعليم و الطاقة، عوض التخلي عن هذه القطاعات وتركها للخواص ينقضّون عليها أملا في أرباح كبيرة،
و أن هناك حاجة لتأمين الاكتفاء الذاتي في بعض الأغدية و الأدوية الأساسية.
الواضح،وبعد الردة الحقوقية و في مجال الحريات و تجاوز مقتضيات الدستور، أن الدولة استغلت الجائحة لمزيد من ضرب المكتسبات في الوقت الذي استمرت في مساعدة المقاولات الكبرى مع توزيع الفتات على الفقراء و الذين تمّ فصلهم عن العمل.
إن تنامي الفوارق في بلادنا، الاجتماعية والمجاليةوالمناطقية و اتساع دائرة الفقر و البطالة في صفوف الشباب،وتدني مؤشرات تصنيف المغرب على مستويات التنمية البشرية و الأمية والبطالة و الفساد. وتفشي ظاهرة “الحريگ” و هجرة الأدمغة؛ الوضعية التي تبين أن:
-الدولة ضعيفة: في ظلّ سيادة ثنائي الاستبداد ـ الفساد.
– الدولة فقدت سيادتها تحت ضغط المديونية و الخوصصة والخضوع لتوصيات الدوائر المالية العالمية وتفشي الفساد و الانتهازية و تعطيل الإصلاحات،وإضعاف روافد التربية والعلوم و الثقافة،وانهيار منظومة القيم وتراجع الخدمات الاجتماعية و اعتماد النظام النيوبتريمونيالي المبني على الريع و الاحتكار و النفود مع اعتماد سياسة التبادل الحر و دعم القطاع الخاص على حساب القطاع العام،ورفض الديمقراطية و المواطنة في ظلّ استمرار معضلة غياب “إحقاق الحقوق” و تقييد الحريات و استمرار ظاهرة الاعتقال السياسي بالموازات مع إفلات النخب الفاسدة من العقاب، رغم مصادقة المغرب على العديد من العهود و الاتفاقيات الدولية.
فلا النمودج التنموي الجديد NMD ،الذي يوصي بجيل جديد من الإصلاحات المعتمدة على الخوصصة، إستطاع تقدّيم أجوبة للأزمة المركبة،فهو لم يستطع تجاوز الخطوط الحمراء و مصالح خدام الدولة القدامى و الجدد، و خدام النظام العالمي،
و لا مشروع “الدولة الاجتماعية” و الحماية الاجتماعية AMO للجميع،استطاع أن يغطّي على خدعة الحكومة لبيع “وهم الدولة الاجتماعية” في الوقت الذي تسارع فيه الزمن من أجل تفكيك الصحة العمومية و الانتقال إلى خلق “مجموعات صحية ترابية تركز فيها على الخواص و الإستعداد لحلّ المراكز الاستشفائية؛ بالإضافة إلى عجزها عن تقديم الجواب على الخصاص المهول في البنيات التحتية و في الأطباء و الممرضين و المساعدين (100000).
-الأحزاب أَضعفت وتم تسييد الأحزاب الموالية للنظام مع إعداد سيناريوهات قبلية لتنفيد البرامج المملاة و التي تستجيب لتوجهات الدوائر المالية الدولية: فانتخابات 8 شتنبر 2021 أسفرت على تسييد 3 أحزاب مطعّمة بالتكنوقراط على المستوى المحلّي و الجهوي و الوطني، برلمان و حكومة: خدام FMI .
-النقابات لم تعد قادرة على تحريك الجماهير و الفئات المتضررة،وذلك بعد تفكيك الوحدات العمالية الكبيرة و تشجيع الدولة للفئوية من أجل، سلّ فتيل التسيّس و إحكام السيطرة على المحتجين و تخويفهم بالاقتطاع من الأجور و باعتماد المقاربة القمعية الشرسة و تعطيل التفاوض الاجتماعي وإفراغ الحوارات القطاعيةمن أي محتوى،وجعل النقابات تجري وراء الفتات وإغرائها برفع الدعم السنوي لها؛بينما يتم ضرب المكتسبات و تجميد الأجور و يستمرّ تراجع دور الدولة و سيرها نحو مزيد من اللبرلة و تسليع التعليم و الصحة و مجال الطاقة و تهميش البحث العلمي، مهددة بذلك الأمن الاستراتيجي للبلاد (ماء و غداء و دواء و طاقة…) و التماسك الاجتماعي.
-جمعيات المجتمع المدني الجادة تمنع من الدعم و من وصولات التجديد، بينما يتم تفريخ العديد من الجمعيات التي لا يشكل وجودها تهديدا للمصالح القائمة وهو نوع من الرشوة،و هكذاتم صرف الملايير على مشاريع لم تعرف النجاح الموعود ( INDH ).
-المثقفون الغائبون الحاضرون: لم يعد لهم ذلك الدور التنويري التوعوي و القيادي و هذاما ساهم كثيرا في ما يسمّى ب “التصحر النظري” في العديد من القضايا التي يحتاج فيها الفاعل السياسي و النقابي للمثقف. إن تراجع الدور التأطيري للجامعات الشعبية المواطنة و اللقاءات الأدبية و الشعرية و دور “اتحاد كتاب المغرب”. في هكذا وضع،تكون النتيجة،هي: تجاوز التطور التكنلوجي و الرقمنة العديد من المثقفين العاجزين على المسايرة>>.