وجهة نظر

الحكومة والبصلة بقلم الاستاذ عبد الله المتقي

قبل سنوات مضت ، كان كل من يخترق او يلطخ القيم النبيلة التي تستوجبها العلاقات الاجتماعية الصافية ، يساوي بصلة ، أي انه رخيص وتافه ولا يعول عليه .
لأن البصلة حينها كان سعرها بخس دون الخضر ، ويبدو أن الأوراق اختلطت وفق لعبة ( تتياك الكارطة ) هذه الايام وفي عمر ولاية هذه الحكومة الموقرة ، بدليل انه تم ترقية البصلة خارج السلم ، بل اضحت موظفا ساميا في سوق الخضر وتساوي التفاح والموز .
وعليه ، بدل ( رخا الله) ، غدا سعر ها اثنا عشر درهما للكيلو الواحد . ونبت في راسها قرنان طويلان .
وهذا يعني ، أن الرجل المخل بالقيم النبيلة والمتداولة والمالوفة بين الأصفياء ، ماعاد يساوي بصلة ورخيص مثلها ، ويناسبه البصل.
وعطفا على ماسبق ، يمكن ان نغير البصلة الآن بالفجل ، او النعناع ، او البقدونس وحتى القزبر ، ونقول هذا الرجل يساوي أو القزبر او الفجل او يساوي النعناع على سبيل المثال ، وإلا ظلمنا البصل الذي قلنا أنه نبت في رأسه قرنان فحلان .
ثم سقطت وعثرنا عليها ، ألم نكن غير منصفين للبصلة وكثيرا من السنوات ، والم نبخسها بل عيرناها وشتمناها بأنها تشبه ( حصلة ) وغنينا بها :
( غذانا البصلة
عشانا البصلة
وباربي أش هاذ الحصلة )
لا لشيء سوى أنها رخيصة وثمنها مهين بين الخضر والفواكه ؟
كل هذه الإهانة للبصلة ولسنوات مديدة ، بالرغم من انها كانت تعيدنا من غيبوبتنا ، فبمجرد ان توضع على ارنبات انوفنا كنا نعود إلى يقظتنا ووعينا ونستفيق ثم نعود للحياة .
ثم ألم تكن هذه البصلة ممزوجة بمواد أخرى غذاء قويا لامهاتنا بعد الولادة وتمنحهن القوة ؟ ، ثم ألم تكن دواء تفقس دماملنا الملأى بالقيح والدم ؟ كما تخفف علينا من وجع وحمى و( بوكبار) ؟
كل هذا كانت تفعله البصلة ، ومع ذلك كانت تباع بثمن بخس ، ولعمري هي ذي المظلومية بلحمها وشحمها التي عانت منها أعواما وشهورا واسواقا ، ولا احد كان مساندا لها ، لا احزاب ، ولا نقابات ، ولا جمعيات حقوقية ، وحتى الحكومات التي توالت في مغربنا السياسي ، عدا هذه الحكومة الموقرة ، التي تبدو انها أنصفت البصلة واعادت إليها حقوقها التي سلبت منها زمنا طويلا ، وهذا يحسب لها ، وتستحق ان تكون حكومة ( بصلاوية ) بامتياز ، ومرآة صافية للبصلة وتواما لها ، وبينهما اكثر من علاقة تشابه وتشابكات ، فالبصلة حين نقشرها نبكي ، وهذه الحكومة أبكتنا واسالت دموعنا باسعارها الحارقة ما يكفي ماديا ورمزيا ،.
ويمكن القول مرة أخرى ، أن هناك صفقة من تحت الطاولة بين البصلة والحكومة حتى تبقى دماملنا مقبحة إلى أن تتعفن ونتسرطن ، ثم أخيرا ، أليست هذا السعر الحارق للبصلة ، قد يكون خوفا من الحكومة على كراسيها، لأن بقاءها بنفس الثمن الرخيص قد يحصل عليها كل موطن يضعها فوق انفه ويشمها ، ومن ثمة توقظه ويستفيق من غيبوبته ومن ثم تعيده إلى وعيه ؟!!
وختاما ، البصلة لا ترى سوى البصلة ، ويعني أن هذه الحكومة تساوي بصلة ، ومن يساوي بصلة ، مازال في ذاكرتنا يساوي صفرا وبصلة ، وكل يوم والحكومة بصلة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى