إطلالة على المنتوج السياحي والغنى التاريخي لجهة الرباط – سلا – الفنيطرة أحمد رباص

تقع جهة الرباط – سلا – القنيطرة بمحاذاة الساحل
الأطلسي للمغرب، وهي إحدى مناطق الجذب السياحي الشهيرة في المملكة. تشتهر العاصمة الرباط بقدرتها على دمج الجوانب التقليدية والحديثة للبلاد. ويبلغ عدد سكان الجهة 4.5 مليون نسمة، وتعتبر مركزًا للثقافة والفنون ومنارة للضوء لصالح القارة بأكملها.
كما يوحي اسمها، تعد القنيطرة وسلا والرباط، عاصمة المملكة، أبرز مدن الجهة. إن التقاء الجمال والهدوء والأناقة والحداثة داخل المنطقة هو ما يجعلها وجهة مثيرة للاهتمام للسياح السياح من جميع أنحاء العالم كل عام.
قصبة الوداية:
تقع على الضفة اليسرى لنهر أبي رقراق، وعلى طول ساحل المحيط الأطلسي، تم بناء الحصن التاريخي، أو القصبة، لأول مرة على يد الموحدين في القرن الثاني عشر. توفر شوارع القصبة الضيقة الجميلة وحدائقها النباتية الخلابة ومتحفها المثير للاهتمام لزوارها تجربة استثنائية سيتذكرونها ويعتزون بها إلى الأبد.
– حديقة القصبة
حديقة القصبة يصفها الكثيرون بأنها ملاذ. تكتمل الحديقة بالهندسة المعمارية الجميلة للجدران والنافورة، والأوراق الخضراء للأشجار، والألوان الزاهية للزهور، مما يوفر شعورًا بالصفاء والسعادة لزوارها. يهرع السكان المحليون والسياح إلى الحديقة للتجول والاستمتاع بالجمال الذي توفره.
وتؤدي الحديقة إلى المتحف الوطني للمجوهرات الذي يحمل بين جدرانه تاريخ صناعة المجوهرات والكثير من التحف القديمة التي تبرز جمال التاريخ المغربي. كما أنها تحتفل بثقافة جميع مناطق المغرب وتعرض فيها الملابس والمجوهرات التقليدية من جميع أنحاء البلاد.
عبر شوارع القصبة البيضاء الضيقة، تنتشر الجواهر الخفية في كل مكان، بدءًا من المقاهي ذات الإطلالات الساحرة على المحيط الأطلسي ونهر أبي رقراق، وانتهاءً بمتاجر الكتب والمعارض الفنية.
من بين كل ما تقدمه الرباط، تستحق قصبة الوداية المشاهدة.
– صومعة حسان:
أمر أبو يوسف يعقوب المنصور ببناء المسجد في القرن الثاني عشر والذي كان من المقرر أن يصبح أحد أكبر المساجد في العالم، لكن وفاته أوقفت البناء. مع مئذنة المسجد فقط والجدران والأعمدة غير المكتملة، أصبح المسجد غير المكتمل أحد أعظم المواقع التي يمكن زيارتها في الرباط.
تقع الصومعة عند مصب نهر أبي رقراق، ويمكن رؤيتها من مدينة سلا المجاورة. وعندما يكون الظلام، فإن تصميمها الجميل يجعلها تقف شاهدا على جمال الثقافة والتاريخ المغربيين، وكانعكاس لمدينة الحداثة في البلاد وفي القارة.
– ضريح محمد الخامس:
خلف صومعة حسان وأعمدتهل البالغ عددها 348 عمودًا، يقع ضريح محمد الخامس. ويعتبر المبنى بمثابة تمثيل رئيسي للهندسة المعمارية المغربية الحديثة. غالبًا ما يوصف جماله بأنه لا مثيل ولا شبيه له. تم إنشاء النصب التذكاري سنة 1971 تخليدا لذكرى المغفور له الملك محمد الخامس، ثم ذكرى نجليه الملك الراحل الحسن الثاني والأمير الراحل مولاي عبد الله. يحتوي الجزء الداخلي من الضريح على كل ما قدمته العمارة المغربية من فسيفساء الزليج إلى الأسقف التقليدية المصنوعة يدويًا.
إن الجمع بين الجمال غير المكتمل لصومعة حسان والهندسة المعمارية الحديثة لضريح محمد الخامس، هو ما تتمحور حوله الرباط. نجحت المدينة في تجديد نفسها كمدينة للأنوار والحداثة مع الحفاظ على أصالتها ولقبها كعاصمة الثقافة المغربية.
المدينة القديمة:
بعد وفاة أبو يوسف يعقوب المنصور، تم التخلي عن الرباط، مما جعلها وجهة جذابة للأشخاص الذين طردوا من منازلهم في إسبانيا خلال القرن السابع عشر. جاء كثير من الناس إلى الرباط واستقروا في موقع المدينة القديمة. وقد ساعد هذا التدفق الكبير للأشخاص من خلفيات مختلفة على إثراء التراث الثقافي للرباط.
من المساجد والمنازل القديمة إلى المتاجر الصغيرة على جانبي الشوارع، يعد التنقل في مدينة الرباط أقل صعوبة مقارنة بالمدن القديمة الأخرى في جميع أنحاء البلاد. تشتهر الرباط بسجادها الجميل، لكن ذلك لا يمنع أصحاب المحلات التجارية في المدينة القديمة من بيع سلع تقليدية أخرى من مختلف مناطق المغرب. من الملابس إلى المجوهرات، تنتقل تقنيات صنع مثل هذه الأشياء الرائعة من الأب إلى الابن في محاولة للحفاظ على الحرفة التقليدية.
تشتهر المدينة القديمة أيضًا بتجميد الوقت لزوارها حتى يتمكنوا من الحصول على التجربة الكاملة والانغماس في ما تقدمه المدينة لزوارها. غالبًا ما تُعتبر المدينة القديمة مركز مدينة الرباط وقلبها النابض، وتشهد هندستها المعمارية وجمالها على مزيج من التاريخ والحداثة.
– موازين:
تشتهر الرباط بمهرجاناتها الاستثنائية ويعتبر موازين من أبرزها على الإطلاق. ويشكل المهرجان الدولي للموسيقى شهادة أخرى على حداثة الرباط وتنوعها، ومبادرة للترويج للرباط والبلاد أمام العالم. ويعتبر المهرجان أحد أكبر المهرجانات في العالم، حيث بلغ عدد زواره 2.5 مليون زائر في عام 2013، ويرحب بالفنانين من جميع أنحاء العالم.
وبسبب جائحة كوفيد-19، اضطر المهرجان السنوي إلى التوقف طوال السنوات الثلاث الماضية، لكن جمعية المغرب للثقافة أكدت أن موازين سيعود في عام 2024.
وتستقطب الرباط خلال المهرجان آلاف الأشخاص من جميع أنحاء الوطن والعالم، نظرا للتنوع الكبير الذي يقدمه المهرجان، مما يوضح للعالم أن الرباط مدينة الحداثة والثقافة والتنوع.
– سلا:
وعلى الجانب الآخر من نهر أبي رقراق تقع مدينة سلا المجاورة، والتي تشترك مع العاصمة في تاريخ وثيق ومشترك. تتمتع المدينة التاريخية بسحرها الخاص الذي يتميز عن غيرها من المدن المغربية. تتمتع سلا بتاريخ وثقافة غنية يمكن استكشافها في الهندسة المعمارية والمعالم الأثرية الجميلة في المدينة. تتمتع سلا بتاريخ بحري غني ومثير للاهتمام، مما جعلها معروفة جدًا للناس من جميع أنحاء العالم.
رغم أنها مدينة أكثر هدوءً، إلا أن جمال وأناقة سلا يصم الآذان. اختار العديد من الأشخاص العاملين في الرباط مدينة سلا للاستقرار فيها، بغض النظر عن التنقل عبر وسائل النقل العام كل يوم.
وتضم المدينة العديد من المعالم الدينية والمساجد والأضرحة وغيرها من المعالم التي تعتبر من التحف المعمارية.
– الجامع الكبير بسلا:
لهذا لمسجد تاريخ غني. تم بناؤه لأول مرة في القرن الثاني عشر في عهد أبو يوسف يعقوب المنصور، بعد انهيار مسجد المدينة القديمة. مع مئذنة تقليدية طويلة جدًا وتسع بوابات للدخول إلى المسجد الكبير، لا تشوب تصميم النصب التذكاري وهندسته المعمارية شائبة.
رغم أن مظهره الحالي يعود إلى القرن الثامن عشر، إلا أن التاريخ الغني للمسجد يظهر في الشقوق والزليج الذي يزين جدرانه، التي خضعت للعديد من التجديدات على مر السنين.
وتعد المدينة العتيقة لسلا من أقدم المدن المغربية، محاطة بسور حجري طويل جعلها شوكة في خاصرة الفاتحين. ومن أبواب المدينة المنورة أشهرها باب المريسة، وهو من أقدم وأكبر أبواب المغرب. غالبًا ما تيعتبر هذا الباب علامة بارزة في مدينة سلا. تم إنشاء باب المريسة، أو باب الملاح، بعد استعادة الدولة المرينية السيطرة على المدينة خلال معركة سلا، وتم إنشاؤه كإجراء دفاعي لحماية المدينة من المزيد من التوغلات.
تعد الزخرفة المنحوتة على جدران وبوابات المدينة واحدة من مناطق الجذب الرئيسية في سلا. البوابات التي على شكل حدوة حصان هي مجرد البداية عندما يتعلق الأمر بجمال المدينة القديمة. تعد مدينة سلا القديمة موطنًا لبعض السلع التقليدية الفريدة والمعروفة جدًا في المنطقة وفي المملكة.
تشتهر سلا بصناعة الفخار والحديد والسلال، وهي معظم المنتجات التي تباع داخل أسوار المدينة القديمة، من بين سلع مغربية أخرى من الحرف التقليدية.
كما يعد التجول في الشوارع الضيقة لمدينة سلا تجربة رائعة يقدرها الكثير من الناس حول العالم. إن هندسة الشوارع وتصميم السلع التقليدية والمنتجات الملونة والروائح المختلفة للطعام كلها جزء من سحر المدينة القديمة.
– مارينا أبي رقراق:
تقع المارينا على الضفة اليمنى لنهر أبي رقراق مع إطلالة على المعالم التاريخية في الرباط مثل برج الحسن والقصبة، والتي تضيف جميعها إلى جمال المدينة رونقا خلابا. يقدم المرسى الحديث الفاخر مجموعة متنوعة من الأنشطة والفعاليات للجميع. يوجد بها مطاعم ومقاهي راقية وجميلة للأشخاص الذين يرغبون في تناول العشاء أو الاستمتاع بفنجان من القهوة الساخنة مع إطلالة جميلة. يوفر أنشطة ممتعة للباحثين عن الأدرينالين، بما في ذلك الرياضات المائية مثل التجديف والتزلج على الماء وركوب الأمواج.
كما أنه مثالي للجري في الصباح أو المشي ليلاً للأشخاص الذين يرغبون فقط في الاستمتاع بجمال المارينا ونهر أبي رقراق والمحيط الأطلسي والمعالم الأثرية الرائعة في الرباط.
– أصبحت المارينا وجهة مشتركة لسكان سلا والرباط وكذلك للسياح الداخليين والدوليين. وسرعان ما أصبحت الوجهة جزءً لا يتجزأ من جمال المنطقة وركيزة للحياة الليلية في المدينتين.
– مدرسة أبي الحسن:
تُستخدم كلمة “مدرسة” للإشارة إلى مؤسسة تعليمية في العالم العربي، والتي كانت عادةً مدرسة دينية في الماضي. تعتبر مدرسة أبي الحسن من أكثر المدارس التي لا تنسى من ماضي سلا. تم تشييدها بجوار المسجد الكبير بسلا في القرن الرابع عشر، لتركيز الدين والتعليم في مكان واحد بالمدينة.
الهندسة المعمارية للمدرسة جديرة بالملاحظة. مع أعمدة رخامية مزخرفة، وأسقف خشبية منحوتة، وبلاط الزليج في جميع أنحاء الفناء، تقدم المدرسة تجربة لا تنسى لزوارها، الذين يمكنهم ملاحظة بوضوح الجمع بين القديم والجديد وفرصة عظيمة للانغماس في الثراء تاريخ وثقافة المدينة.
– القنيطرة :
تقع مدينة القنيطرة على بعد 40 كلم شمال الرباط، وهي المدينة الرئيسية الثالثة بالمنطقة. وتشتهر المدينة بالهدوء والسكينة. تقع على الضفة الجنوبية لنهر سبو، مما يجعل من مينائها الميناء النهري الأول والوحيد في المغرب. وتعرف القنيطرة أيضا بأنها العاصمة الزراعية للبلاد، بسبب تصديرها للمنتجات الزراعية.
تعتبر المدينة من أكبر مدن المغرب وتشتهر بكرم أهلها وجمال شوارعها ومبانيها. تأثيره المهدئ يسكر كل من تطأ قدماه داخل المدينة.
أثناء الحماية الفرنسية، تم بناء المدينة من قبل المقيم العام الفرنسي في المغرب ليوطي كحصن عسكري فرنسي في عام 1912 تحت اسم “بور ليوطي”. بعد استقلال المغرب عام 1956، سُميت المدينة باسم “القنيطرة” وسرعان ما أصبحت واحدة من أنجح مراكز شحن المنتجات الزراعية.
القنيطرة لديها الكثير لتقدمه لسكانها وزوارها، بما في ذلك المتنزهات الطبيعية الجميلة، والمقاهي المثيرة للاهتمام، والهندسة المعمارية الخلابة للمباني والشوارع، وشاطئ هادئ ومريح.
– قصبة المهدية :
وكانت القصبة أول مبنى يوجد في ذلك الموقع. تقع القصبة عند مصب نهر سبو على بعد 8 كيلومترات من المدينة، وتتمتع بموقع استراتيجي حباها بمنظر جذاب. وفي ما بعد نشأت مدينة صغيرة حول القصبة اسمها المهدية.
– غابة المعمورة:
عندما يكون المرء في إجازة، قد يرغب في البحث عن مكان هادئ ومريح لإعادة شحن طاقته والابتعاد عن ضجيج المدينة، ولهذا السبب تعتبر غابة المعمورة منطقة جذب سياحي شهيرة. لا توفر غابة المعمورة ظلا يقي من الشمس فحسب، بل توفر أيضا فترة راحة من ضجيج المدينة وأضوائها، مما يوفر مصدرا آخر للهدوء والسكينة في القنيطرة.
تعد الغابة موطنًا لـ 50٪ من أشجار الفلين في المغرب وعدد كبير من أنواع الطيور التي يراقبها مراقبو الطيور. تعيش العديد من المجتمعات الصغيرة التي يزيد عدد سكانها عن 30 ألف شخص على محاصيلهم ومواشيهم في المناطق المحيطة يالغابة.
جخة الرباط – سلا – القنيطرة غنية بالتاريخ والثقافة. من جاذبية القصبة وحداثة الرباط، إلى الجمال التاريخي لمدينة سلا وهدوء القنيطرة. تضم المنطقة بعض المعالم التاريخية الأكثر إثارة للاهتمام في المغرب، إلى جانب المناظر الطبيعية الجميلة والمواقع السياحية التي تبهر كل من تقع عيناه عليها.
نجحت الجهة في دمج القديم والجديد، وتقدم نفسها كمنطقة للحداثة والإلهام للبلاد والقارة، مما يجعلها مكانًا لا بد منه للناس من جميع أنحاء العالم.
المصدر: https://www.moroccoworldnews.com/2024/01/360449/inside-moroccos-capital-ndash-rabat