حوار تنوير مع الخبير التربوي عبد الرزاق بن شريج حول المنظومة التربوية (الجزء الثاني)

س= بعد اتفاق النقابات الأكثر تمثيلية ووزارة التربية الوطنية على تغيير النظام الأساسي أعلنت هذه الأخيرة عن تكييف تنظيم السنة الدراسية عبر “خطة وطنية لتدبير الزمن المدرسي والتنظيم التربوي لتعلمات التلميذات والتلاميذ”، ما هو تقييمكم بشكل عام للمنهجية التي تم اعتمادها والخطوط العامة لهذه الخطة من وجهة نظر بيداغوجية؟
ج= للجواب عن هذا السؤال هناك شقان أو تصوران:
تصور التربوي البيداغوجي (المدرس، والمدير، والمفتش)، وتصور المدبر (الإدارة المركزية لوزارة التربية الوطنية)
التصور البيداغوجي يؤمن بأنه لا يمكن اختصار أشهر من هدر زمن التعلّمات في أسبوع، كما لا يمكن تقديم الدعم لمن لم يتلق الدروس المقررة، ويتعذر بناء شخصية التلميذة والتلميذ بالاعتماد على الدروس الأداتية التي أسموها الأساسية، وبالتالي ستمر السنة الدراسية تربويا دون تحقيق الكفايات المسطرة لبناء شخصية المتعلمات والمتعلمين (دون ملمح = Profil de l’apprenant).
أما تصور المدبر فالعملية ناجحة لأن الهدف هو وجود المتعلم داخل حجرة الدرس، بل الأهم هو انتهاء السنة الدراسية، لأن في الأخير ينتقل الجميع للمستوى الأعلى، وشتان بين النجاح والانتقال، فالانتقال قرار (قررت الإدارة تنقيل التلميذ(ة) إلى المستوى الأعلى) أما النجاح فهو تحكم التلميذ(ة) في جميع الكفايات المقررة بنسبة تفوق المعدل في نهاية السنة الدراسية، وهذا الشرط غير حاضر في ذهن المدبر الإداري.
س= تضمنت الخطة التي كشفت عنها الوزارة تمديد السنة الدراسية أسبوعا واحدا، وفي هذا الإطار تقرر تأخير الامتحانات الإشهادية، إلى أي مدى سيكون هذا الأسبوع كافيا لاستدراك المدة التي غاب فيها التلاميذ عن الأقسام؟
ج= كما سبق ذكره لا يمكن استدراك ما ضاع في مدة شهر واحد، وبالأحرى أكثر من ثلاثة أشهر. ما تروج له وزارة التربية الوطنية يدخل في إطار طمأنة أباء وأولياء التلاميذ، رغم أن المسؤولين المركزيين العارفين بالأمور البيداغوجية يؤمنون أن ذلك مجرد كلام لا يقبله عقل المختص في التربويات، ولكن الأمن والاستقرار العام دفعهم لتخيل حلول غير تربوية.
وخلاصة القول قد تنجح فكرة الاستدراك بالخطة التي وضعتها الوزارة، ولكن يجب علينا جميع استحضار أن 80% من متعلمات ومتعلمي المغرب لا يتحكمون في الحد الأدنى للكفايات، وألا ننسى كذلك أن الانقطاع عن الدراسة تجاوز ستة أشهر بما في ذلك العطلة الصيفية، وبالنتيجة ضاعت حتى المكتسبات السابقة، مما يتطلب زمنا أكبر من الزمن المخصص للسنة الدراسية برمتها.
س= على مستوى التعلمات تتحدث الخطة عن تمكين التلاميذ من غلاف زمني يتيح إكمال البرامج الدراسية للمواد الإشهادية، إضافة إلى التركيز على التعلمات الوظيفية للتحكم في المدخلات الأساس للمستوى الدراسي الموالي، ما هي قراءتكم لهذا المستوى من الخطة ونجاعته في استدراك ما فات من زمن التعلمات، وتأثيره على السنوات القادمة؟
ج= هذه المنهجية ربما تنفع في المستويات الجامعية التي تشتغل بالمجزوءات، أما التعليم المدرسي فمضامين مقررات السنة الدراسية مبنية على شكل لولبي تصاعدي، وبالتالي مقرر السنة الدراسية نظام مصغر من النظام الأكبر أي المنهج الدراسي، يتشكل من مجموعة عناصر تتفاعل فيما بينها بشكل وظيفي متكامل، والتكامل هنا يقتضي احترام كل عنصر وفق إوالياته والجزئيات المكونة له، لأن كل عنصر يتأثر بالعنصر الآخر ويؤثر فيه، وأي خلل يحدث في عناصر هذا النظام يؤثر في النظام بأكمله، والخطورة في الأمر أنه خلال بناء نظام مقرر دراسي لابد من استحضار خمسة عناصر أساسية وهي: الأهداف، والمحتوى، والأنشطة، والوسائل، والتقويم، وهنا نستنتج علميا وتربويا أنه لا يمكن استدراك المدة التي غاب فيها التلاميذ عن حجرات الدرس في أسبوع أو أسبوعين وحتى ثلاثة أسابيع، وبالنتيجة فما يملكه المدبر المركزي في هذا الصدد هو تكييف الامتحانات الإشهادية مع الدروس المنجزة، أما التركيز على التعلمات الوظيفية للتحكم في المدخلات الأساس للمستوى الدراسي الموالي، فمن سابع المستحيلات.
عبد الرزاق بن شريج
-خبير تربوي
-المنسق الوطني لقطاع التعليم التابع للحزب الاشتراكي الموحد