” الزجل هو تعبير عن حالات صادقة..” الزجال التطواني عزيز الزوكار في حوارمع تنوير
حوارنا مع مبدع متعدد الأبعاد استطاع أن يحفر اسمه في مجالات مختلفة الأدب، النقد، المسرح، العمل الجمعوي، الشعر، الزجل...، ويعتبر علامة فارقة في هذا الأخير محليا ووطنيا...، المجال الذي سنغوص في أعماقه أكثر في حوار مع ضيف اليوم عزيز الزوكار مرحبا بك وشكرا على تلبية الدعوة

تطوان في 10-02-2024
نعيمة ٱيت ابراهيم
سؤال : قربنا من عزيز الزوكار أكثر
جواب: كل التقدير لفريق جريدة تنوير و للرائعة نعيمة ٱيت ابراهيم مثقفة و مبدعة و إعلامية متنورة ..
عزيز زكار مواطن مغربي .. استاد لغة عربية، دراسات معمقة بجامعة محمد الخامس الرباط تخصص شعر ، أتحمل مسؤولية بجمعية الشعلة للتربية والثقافة منسق شعبة الثقافة وطنيا، وأتحمل مسؤولية تربوية وترافعية بفرع الجمعية بتطوان مع فريق شاب طموح متطوع؛ خدمة لقضايا الطفولة والشباب بحس تشاركي مع مؤسسات التنشئة الاجتماعية وجمعيات نتقاطع معها رؤية ونضالا، ومؤسسات استشارية وحكومية (جماعة تطوان ومديرية وزارة الثقافة والشباب والاتصال بقطاعيها الثقافي و الشبابي ..)
كاتب ومخرج مسرحي .. شاعر وزجال وباحث في المجال التربوي والأدبي .
من انتاجي في الشعر: “ديوان مرايا العري” و “أزرار قبل الانفجار”
في الزجل: “النار و حرقة الغرام” و “حديث و مغزل”
في المسرح : “العولمة و القيامة” “اغتصاب” “رقصة شبح” “صمت الصقور” “بقع بيضاء من ذاكرة البحر” “إسراء”
في مجال النقد: “مسرح الطفل التجريب وحدود التأصيل” وكتابات متفرقة في جرائد مغربية..
سؤال: الإبداع والمرجعية أية علاقة في كتاباتك الزجلية؟
جواب:سؤال التعدد في مجال الإبداع تفرضه اهتمامات المبدع التي تدعوها وضعيته كمثقف، يغني مرجعياته من مشارب متعددة للرقي بإبداعه والسمو به وإغنائه بالنسبة إلي، فإن شغفي بالشعر والمسرح والكتابة في مجال النقد لا يخرج عن الوظيفة التنويرية التي أطمح من خلالها تقديم أعمال تنتصر للثقافة الجادة انتصارا لقيم العقلانية والحداثة.
سؤال : لنصوصك حمولة فلسفية واجتماعية هل هذا هو سر تميزك؟
جواب: الفلسفة والكتابة اختيارات مرجعية وتأطير لعملية صناعة محتوى نص إبداعي، في تجربتي سواء في نصوص ديوان مرايا العري بالفصيح أو في ديوان ” النار وحرقة الغرام “، بالزجل أركز على بنية النص من حيث تشكل المعنى والمبنى وهذا موضوع له مداخل قد لا تسعفنا مساحة الحوار للتطرق إليها، ولكن لا بد من الإشارة إلى أن كتابة نص زجلي بالنسبة إلي له منطلقات تؤسس لبنيته فمثلا نص الشوفة فبنيته جدال فقهي حول موقع العشق من النص الذي يحرم النظر إلى المرأة على اعتبار أن ” العين زانية ” أما في نص ” فدان الزغبي ” فالبنية مؤسسة حول مثل شعبي متداول
“فدان الزغبي الماكلة فيه واللعنة فيه”، النص نقد لواقع الاستغلال والزيف والاختيارات السياسية والاقتصادية التي تنتزع فيه حقوق الفرد والمجتمع وتضيق فيه الحلول من أجل وطن فاضل يتسع لكل المواطنين، داخل هذا الخضم تترصف نصوص متنوعة تنتقد ممارسات وأحدات وظواهر تظل منتوج واقع متقلب وغير منصف منها : دواري ، السبيطار ، العولمة ، وراق راشية ، هدير الزنك ، بحر بلادي ، يا صاح، موازاة لهذه النصوص هناك نصوص حارقة موضوعها العشق في وضعيات الهجر و الجفاء و الهيام و الخيانة و استحضار المرأة من موقع المناصفة والمساواة في نقد للصور النمطية المجدوبية لتكون قصائدي قصائد قضية وانتصار للموروت الشعري العامي كما عبرت عن ذلك في مقدمة ديواني “النار و حرقة الغرام”، النار وحرقة الغرام؛ إنها معاناة من أجل الإخلاص إلى الحقيقة وبلوغ مراقي الحرية والإلزام السالك لمعنى القيم والسلوك داخل قلق الأسئلة والإشكالات المترتبة عن وضع ثقافي واجتماعي وسياسي عويص، إنه بوح يفتح مداخل البحث عن خيط نور نهتدي به للتحسيس بمسؤولية التنوير من أجل غاية معرفية وجمالية برؤية عامية..
سؤال: ما هي المقاصد والغايات التي يطمح الزجال عزيز زكار بثها في القصيدة الزجلية؟
جواب:بالنسبة لسؤال الغاية والمقصد من النص الزجلي فكما سبقت الإشارة؛ إن الكتابة عندي لا تنفصل عن هموم وقضايا الانسان العادي بتشكيل يعتمد على الرصد بحمولة نقدية في اتجاه التحسيس والتنوير بما للمصطلح من حمولة فكرية نقرأ الواقع من منطق العامة بلغة بسيطة متداولة نستحضر المتلقي ونلامس إحساسه و أفكاره، ومن تم نبني معه طموحنا إلى التغيير وفضح كل الممارسات التي تطال المواطن و وتمس حريته وحقوقه .. كما أن القصيدة الزجلية بالنسبة لي هي إحياء لموروث فني وبعث لمرجعيات تتجاوز المحلية إلى الكونية ..
سؤال : شعر الزجل هو حكي مضمر وغني بتمظهرات غير معلنة، وكله إشارات تحكمها مرجعيات الشاعر إلى أي مدى تتفق ؟
جواب: ان أي قراءة للكتابة الزجلية لن تبلغ المقاصد دون استحضار ذاتية الزجال، ومن بعد ذلك المتخيل الجمعي الذي يعتمد على مشترك مجتمعي ولم تكن البتة القصيدة الزجلية لها قوالب متفق عليها ولا رؤية أسلوبية أو بنائية فقد تكون حكيا مضمرا وتمثلات ذاتية وجمعية، قد تختلف لغة الكتابة انطلاقا من اعتماد لهجة معينة وأصوات مختلفة، وقد تكون حكيا مباشرا وخطابا تقريريا لا يخلو من جمالية. وهنا يمكن الإشارة إلى ثلاث نماذج للقصيدة الزجلية نموذج ثرائي محافظ يستقي معينه من قصيدة الملحون والعروبيات، ونمودج يحاكي النص الشعري الفصيح شكلا بلغة عامية ترتقي إلى الفصحى وهناك من اتجه اتجاه الحفر والبحث عن اللهجة القحة، واختيار إيقاعات منطقة معينة والبناء عليها، لكن تظل القصيدة الزجلية في كل اتجاهاتها نصا ذاتيا يحكمه مشترك جمعي غني بالألغاز و الأمثال والايقاعات والمرجعيات المتنوعة انطلاقا من تصور الزجال وإمكانياته المعرفية والتعبيرية وقربه من المتلقي العامي.
سؤال : القصيدة الزجلية ليست بالسهولة التي يظنها عامة الناس، خصوصا إذا تعلق الأمر باللغة المستعملة أو بالمواضيع التي تتناولها.. وإنما هي في حاجة شأنها شأن باقي الأجناس الأدبية الأخرى إلى مستوى من النضج الثقافي و الأكاديمي، وإلى امتلاك تقنيات فنية و بلاغية لفهم مضامينها.
كيف تتعاملون أنتم مع هذه النوعية من القراءة؟
جواب: طبعا القصيدة الزجلية ليست أمرا متاحا فهي تعبير عن حالات صادقة في الوجدان .. مسالكها وعرة .. تؤسس لروح الكلمة ولحمولتها الثقافية والجمالية والايقاعية في انسجام يحدد بنيتها الشيء الذي يتيح لها امكانيات التدوين والقراءة والدراسة ..
هي قصيدة تمتح من جماليات المثل الشعبي وايقاعات شيوخ النظم في تناص يشي بعمق معاناة الانسان ويفصح عن لواعج تجتاح دواخله .. هي آهات مكبوتة وعشق يعكس عشق العامة وأوجاعها، وادانة لكل أسباب ومسببات معاناتها .. هي قراءة وتجربة من منطق العامة بلغة متداولة بصوتها حيث التقاطع بين المادة والايقاع من دواخل الذات الشاعرة .. هي بلاغة نص يتبث جمالية الأدب العامي وأبعاده الفنية في تصوير المعاناة الداخلية للانسان العامي وأوجاعه وصدق أحاسيسه الفطرية بعيدا عن التوجيه والتأطير وفق دلالات محددة ترتقي إلى طبيعة ووظيفة العمل الأدبي.