اخبار دولية

إسبانيا – المغرب – موريتانيا: التآزر من أجل التنمية والأمن

ممالا شك فيه أن تعميق العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وإسبانيا وموريتانيا يتجلى في الزيارة الأخيرة التي قام بها رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إلى نواكشوط.
يكشف هذا الاجتماع عن استراتيجية متعددة الأبعاد تهدف إلى معالجة القضايا الحاسمة مثل التحول البيئي والأمن الإقليمي وإدارة الهجرة. وتندرج هذه المقاربة في إطار منظور إقليمي أوسع، حيث تلعب مصالح المغرب، باعتباره فاعلا رئيسيا في منطقة المغرب العربي والساحل، دورا مقنعا أيضا.
هذه المقاربة الدبلوماسية، التي تعكس نقطة تحول استراتيجية في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وإسبانيا وموريتانيا، هي أيضا نابعة من الرغبة في تعميق العلاقات حول مواضيع حاسمة مثل التحول البيئي والأمن وإدارة تدفقات الهجرة، مما يعكس القضايا والتحديات والمصالح المشتركة لهؤلاء الشركاء.
ويؤكد التحول البيئي، أحد ركائز هذا التعاون، على الرغبة في تعزيز الطاقات المتجددة في المنطقة، وهو المجال الذي اتخذ فيه المغرب بالفعل مبادرات ملحوظة، لا سيما مع تطوير مجمع ورزازات للطاقة الشمسية.
إن التزام الاتحاد الأوروبي وإسبانيا تجاه موريتانيا في هذا القطاع يمكن أن يشجع على توثيق التعاون مع المغرب بهدف إنشاء ممر للطاقة المتجددة عبر المغرب العربي، وبالتالي تعزيز الأمن الطاقي على المستوى الإقليمي والمساهمة في محاربة تغير المناخ.
كما أن موضوع الأمن ومحاربة الإرهاب، الذي يعتزم الاتحاد الأوروبي وموريتانيا تعزيز تعاونهما فيه، يشكل أيضا مجال اهتمام مشترك مع المغرب. ويمكن للمملكة، بعد أن اكتسبت خبرة معترف بها في محاربة الإرهاب والتطرف العنيف، أن ترى في تعميق العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وموريتانيا فرصة لتوسيع جهود الأمن الإقليمي. ومن شأن هذا التعاون أن يخلق جبهة موحدة أكثر قوة ضد التهديدات الأمنية في منطقة الساحل، حيث تظل الجماعات الإرهابية نشطة للغاية.
وفي ما يتعلق بإدارة تدفقات الهجرة، فإن موقع موريتانيا كدولة عبور للمهاجرين من غرب أفريقيا يهم المغرب بشكل مباشر، وهو أيضا بلد رئيسي على طريق الهجرة إلى أوروبا.
إن التزام الاتحاد الأوروبي بدعم موريتانيا في إدارة هذه التدفقات يمكن أن تكون له تداعيات على ضغط الهجرة في المغرب، وربما يفتح آفاقا لإدارة الهجرة الإقليمية بشكل أكثر تنسيقا، والتي تأخذ في الاعتبار قدرات الاستقبال والتحديات الأمنية لكل بلد معني.
وبالتالي فإن الدعم المالي الذي يقدمه الاتحاد الأوروبي لموريتانيا، والذي يهدف إلى تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، يمكن أن يكون ذا فائدة للمغرب، إلى الحد الذي يمكن أن تؤدي فيه زيادة الاستقرار والتنمية الاقتصادية في دول الساحل إلى الحد من تحركات الهجرة غير النظامية وتخفيف الضغط الأمني ​​على حدود المغرب.
وبالفعل، فمن المقرر خلال العام الحالي ضخ استثمار كبير بقيمة 210 مليون يورو في موريتانيا. ويخصص هذا المبلغ الكبير لعدة مبادرات رئيسية، لا سيما لدعم إدارة حركات الهجرة، التي تنطوي على تدابير وقائية ضد الهجرة غير الشرعية وتعزيز البنية التحتية وترتيبات استقبال المهاجرين.
بالإضافة إلى ذلك، يتم تخصيص جزء من هذا٦ التمويل لتعزيز برامج المساعدات الإنسانية، التي تهدف إلى تحسين الظروف المعيشية للسكان الضعاف، وخاصة المتضررين من أزمات الهجرة. وفي الوقت نفسه، ينبغي لهذه الأموال أن تحفز ريادة الأعمال المحلية من خلال التركيز على التمكين الاقتصادي للشباب والنساء، من خلال تنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم.
يهدف هذا الالتزام المالي للاتحاد الأوروبي إلى المساهمة في خلق فرص العمل وتعزيز الابتكار الاقتصادي، وتوفير فرص جديدة لهذه المجموعات الديموغرافية الأساسية، التي غالبا ما تكون ممثلة تمثيلا ناقصا في قطاع الأعمال. ويدرك تيار التمويل هذا أهمية الشمول الاقتصادي باعتباره حجر الزاوية في التنمية المستدامة والاستقرار الاجتماعي.
كما يمكن أن يفتح الفرص الاقتصادية أمام الشركات المغربية ويعزز التكامل الإقليمي. ويهدف هذا التحليل المتواضع إلى تسليط الضوء على أهمية اتباع مقاربة إقليمية متكاملة، حيث يتم النظر في مبادرات الاتحاد الأوروبي وإسبانيا في موريتانيا ضمن إطار أوسع، بما في ذلك مصالح المغرب ومساهماته.
ولا يمكن لمثل هذا المنظور أن يعزز التعاون الثلاثي بين الاتحاد الأوروبي وإسبانيا وموريتانيا فحسب، بل سيشجع أيضا دينامية التعاون الإقليمي، بما في ذلك المغرب، لمواجهة التحديات المشتركة واستغلال فرص التنمية المستدامة في المنطقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى