حوار تنوير مع الخبير التربوي عبد الرزاق بن شريج حول المنظومة التربوية (الجزء الثالث)

س= من بين أسس “الخطة الوطنية لتدبير الزمن المدرسي والتنظيم التربوي لتعلمات التلميذات والتلاميذ”، التي وضعتها وزارة التربية الوطنية: تكثيف وتعزيز آليات الدعم التربوي عبر ثلاثة محاور، تهم إعطاء الأولوية للمواد الإشهادية، واستثمار منصة TilmidTICE، وحصص الدعم التربوي، واستثمار الحصص المسائية وعطل نهاية الأسبوع، ما تعليقكم على ذلك؟
ج= للإجابة عن هذا السؤال لابد من تفكيك عناصره لتوضيح متطلبات كل عنصر من عناصره:
- دعم: إدراج كلمة دعم في هذا التصور يدل على أن هناك خلط في المفاهيم، فالدعم عملية تربوية تعليمية تأتي بعد مرحلتين، مرحلة تقديم الدروس، ومرحلة تقويمها، ولا يمكن لأي عالم أو خبير القيام بالدعم التربوي دون معرفة الدروس المنجزة وإخضاع متعلمي القسم الواحد للتقويم المناسب وتصنيفهم في مجموعات، ولكل مجموعة دعم خاص، أي أنّ القسم يوزع إلى مجموعات ويصبح قسما مشتركا، والخبراء يعرفون أن التدريس بالقسم المشترك أصعب، ويحتاج خبرة خاصة. والخلاصة هي أنّ المتعلمين ينتظرون الدروس أولا ، فكلمة دعم مجرد “لغو” أو لنقل كلام لا مكان له في الوضع المزري الذي تعيشه المدرسة حاليا.
- إعطاء الأولوية للمواد الإشهادية: سيتم تكييف الامتحانات كما سبق ذكره لأن المهم عند الوزارة الوصية الانتقال وليس النجاح.
- استثمار منصة TilmidTICE: لا نحتاج العودة للحديث عما جاء في التقرير النهائي للدراسة التي أنجزتها الهيئة الوطنية للتقييم لدى المجلس الـعلمى للتربية والتكوين بشراكة مع منظمة اليونيسف في سنة 2021 حول “التعليــم فــي زمــن كوفيــد بالمغــرب تشخيصاً لتجربة المُدرّسين والمُتعلّمين مع نمط التعليم عن بُعد، واستشرافاً للآفاق المستقبلية لهذا النمط من التدريس في المغرب، حيث جاء في الصفحة 10 من ملخص التقرير أن نسبة التلاميذ الذين تمكن الأساتذة من التواصل معهم عبر منصة TilmidTICE3 فقط وهنا نستحضر التعليم الخصوصي وليس أبناء الطبقة الكادحة، ولا ننس كذلك حسب نفس الملخص أن من بين عراقيل التعليم عن بعد غياب تكوين للأساتذة في هذا المجال وهو ما يعقد أكر عملية التعليم عن بعد. فحسب تصريحاتهم، % 13.5 من الأساتذة المستجوبين لا يتقنون تكنولوجيات الإعلام والتواصل، و% 67.1 منهم مستواهم متوسط، و% 19.4 منهم فقط يتمتع بمستوى جيد أو جيد جدا في استعمال الرقميات.
- استثمار الحصص المسائية وعطل نهاية الأسبوع: حسب الأخبار المستقاة من مجموعة من المديرين والأساتذة حول هذه النقطة نجد أن الأمر يهم المستويات الإشهادية فقط، وهناك اختلاف كبير بين المؤسسات خلال العطلة البينية الأخيرة، فهناك مؤسسات لم تنخرط لأن العملية اختيارية، بل هناك مشكل من سيؤدي مستحقات الأساتذة العاملين خلال العطلة لأن الوزارة رمت الكرة للأكاديميات لترميها هذه الأخيرة للمديريات الإقليمية، والتخريجة التي وجدتها أغلب المديريات هي ميزانية “جمعية جيل النجاح” والتي لا يوجد في قانونها الأساسي أي بند يسمح بذلك، مما قلص من عدد المتطوعين، كما أنّ هناك مؤسسات اعتمدت فقط على الجمعيات وهو يعتبر بحثا عن مبررات واهية.
س= هل من مقترحات أغفلتها الخطة التي عرضتها الوزارة؟
ج= الخطة غير تربوية، بل أعتبرها خطة إدارية تروم حسابات تقنية لتبرير انتقال المتعلمين دون نجاح ودون تملك الكفايات الضرورية، والأكيد أنّ أي خطة لن تحقق الأهداف المرجوة منها إن اعتمدت ما تبقى من السنة الدراسية سقفا زمنيا لها، وذلك لعدة أسباب، أهمها التكوين الأساس والتكوين المستمر، فالأساتذة والأستاذات في الميدان دون عتاد ديداكتيكي وبيداغوجي، كما أن الجدد منهم يحتاجون إلى تكوين أساس متين لمدة لا تقل عن سنتين، والقدماء في حاجة إلى تكوين مستمر. هذا في الظروف العادية، فما بالك بالوضع في الظروف الحالية الصعبة، التي تحتاج تكوينات وتداريب خاصة على وضعيات جديدة؟
أحسن خطة في نظري هي تكثيف الجهود لتمكين متعلمات ومتعلمي البكالوريا من النجاح، وتكرار السنة الدراسية لباقي المستويات دون احتسابها في سجلهم الدراسي، مع الاشتغال من الآن على بناء مقررات مخففة تركز على الكفايات وبيداغوجية المشروع بصيغة جديدة، والابتعاد عن الحشو الذي يملأ بعض المقررات الدراسية، وتكوين المدرسات والمدرسين في المنهجية التدريسية الجديدة.
عبد الرزاق بن شريج
-خبير تربوي
-المنسق الوطني لقطاع التعليم التابع للحزب الاشتراكي الموحد