نبيلة منيب: حركة 20 فبراير المجيدة كان لها عمق سياسي

أحمد رباص
بعد مرور ثلاثة عشر عاماً على ظهورها كعلامة بارزة عن الربيع العربي في٥ المغرب، ما زالت حركة 20 فبراير تناضل من أجل تحقيق مطالبها. وبحسب المراقبين، لا يزال يتعين إجراء تغييرات كبيرة، ويجب بذل جهود إضافية لتلبية تطلعات هذه الحركة الرمزية.
في عام 2011، هتف المغاربة بصوت عالٍ معبرين عن رغبتهم في القضاء على الفساد والشطط في استخدام السلطة، ورؤية مساحة الحريات الفردية تتسع. وحملت حركة 20 فبراير، التي ولدت في هذا السياق استجابة للدعوات التي انطلقت على شبكات التواصل الاجتماعي، هذه المطالب، مسجلة بذلك بداية عهد جديد في المغرب.
في أجواء الانتفاضات الشعبية التي هزت العالم العربي، اختار المغرب تحولا ديمقراطيا هادئا، تمثل في اعتماد دستور جديد تمت الموافقة عليه بنسبة 98%. وهدف هذا التحول إلى إعادة توازن السلطات من خلال تعزيز صلاحيات السلطة التنفيذية والبرلمان، بهدف تعزيز آليات الحكم والتمثيل.
بعد مرور ثلاثة عشر عاما، من المناسب أن نسأل أنفسنا ماذا بقي من هذه الحركة ومطالبها، وأن نقيم آثارها على المجتمع المغربي. ولهذا السبب، تواصلت جريدة رقمية مغربية ناطقة بالفرنسية مع نبيلة منيب، النائبة البرلمانية عن الحزب الاشتراكي الموحد، التي قامت بتحليل الوضع منذ ظهور الحركة.
قالت الأمينة العامة السابقة للحزب الاشتراكي الموحد إن إحياء الذكرى الثالثة عشرة لحركة 20 فبراير فرصة لتقييم ما حدث منذ ذلك الحين. وأضافت إن حركة 20 فبراير هي حركة اجتماعية سلمية كان لها في الوقت نفسه عمق سياسي، لأن البرنامج الذي وضعته كان مطلبه الأول إرساء النموذج الديمقراطي في المغرب.
وبحسب النائبة، فإن الجانب الرئيسي المطالب به هو وضع استراتيجية لمحاربة الفساد وإساءة استخدام السلطة في المغرب، بهدف إرساء سيادة القانون ومجتمع أكثر مساواة. وهكذا كان شعار الحركة يتمحور حول الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة.
أما بالنسبة لوضع دستور 2011، فقد أكدت منيب أن «البعض يعتبر أن ذلك هو الاستجابة للمطالب»، إلا أنها تعتبر أن دستور 2011 لم يؤسس لإمكانية حقيقية لربط المسؤولية بالمحاسبة.
إلى ذلك، أكدت الفاعلة السياسية أنه منذ حركة 20 فبراير، استمر الفقر في التفاقم، مما أثر على جانب كبير من السكان، في حين يبدو أن الطبقة الوسطى في طريقها إلى الاختفاء.
ورأت نبيله منيب أن جائحة كوفيد-19 سلطت الضوء على الوضع المقلق، وكشفت عن كون حوالي 25 مليون مغربي من إجمالي عدد السكان البالغ حوالي 40 مليون نسمة في حاجة إلى المساعدة. وأعربت عن أسفها لأن هذه الفجوات اتسعت أكثر مع مرور الوقت.
وأشارت المتحدثة بشكل خاص إلى أنه منذ حركة 20 فبراير، ظهرت حركات اجتماعية أخرى، بما فيها تلك التي ظهرت في جرادة ومنطقة الريف، حيث ظلت مطالب الشباب على حالها، سواء الاجتماعية والاقتصادية أو المرتبطة ارتباطا وثيقا بالقضايا السياسية.
وتساءلت منيب: هل يمكن أن نقول بحق إن مطالب حركة 20 فبراير وجدت طريقها إلى التنفيذ؟ الجواب بالنفي لأننا بكل بساطة نواجه الفساد. والحالات الأخيرة التي تم الكشف عنها والتي تورط فيها سياسيون في البرلمان توضح هذا الواقع بوضوح. وبالإضافة إلى ذلك، لا يزال لدينا حتى الآن ما مجموعه 4650 منتخباً محلياً أميين. ثم تساءلت للمرة الثانية: هل يمكنك أن تتخيل التحديات التي نواجهها للمضي قدما في ظل هذه الظروف؟
وأوضحت منيب أن المغرب يعوقه الأمية والفساد والامتيازات. وأشارت إلى أنه بعد مرور ثلاثة عشر عاما على حركة 20 فبراير وثماني سنوات بعد حراك الريف، يبدو أن المغرب يعاني من الركود. وبحسب النائبة فإن الجشع والطمع وانعدام الحس الأخلاقي تعيق تقدم البلاد رغم الجهود التي تبذلها الأحزاب السياسية والنقابات والحركات الاجتماعية.
ومن ذلك، خلصت إلى أننا “اليوم، نحن بحاجة إلى عقد اجتماعي حقيقي جديد، لاستعادة الثقة بين الدولة والمجتمع التي يبدو أنها مهتزة. ويتعين علينا أن نشجع الشباب على أن يصبحوا رواد أعمال، وعلى أن ينخرطوا في المجال السياسي، وأن نعيد ترسيخ أولوية السياسات على الأنظمة التكنوقراطية. يجب أن تكون هناك مصالحة حقيقية مع المناطق التي تم تهميشها، ولا سيما منطقة الريف، والمنطقة الشرقية من المغرب. يجب علينا أيضًا إطلاق سراح السجناء السياسيين، من حراك الريف، والصحفيين، والمدونين.”
وقالت منيب إن العالم يتطور وأن التوازنات الدولية الجديدة آخذة في الظهور، مما يوفر فرصا جديدة للدول النامية، بما في ذلك أفريقيا. ومن الأهمية بمكان بالنسبة للمغرب ألا يكون مجرد نقطة انطلاق للقوى الأخرى الراغبة في الاستثمار في أفريقيا. ويتواجد المغرب بالفعل في 23 دولة إفريقية من خلال قطاعات مختلفة مثل البنوك والتأمين.
وختمت منيب تصريحها الصحفي بالإشارة إلى أن هذه هي فرصتنا التي يجب استغلالها لتحرير أنفسنا. ولكن التحرر لن يأتي وحده في نظرها. أساس التحرر هو أولاً إرساء الديمقراطية ومكافحة الفساد، ثم إنشاء المدرسة العمومية التي ستتأهل، والتي ستتحرر، والتي ستمنحنا نخب الغد التي سيتم تكوينها جيدا، والتي ستناضل أيضا من أجل مغرب جديد لا يزال ممكنا.