تمارة: دور المدرسة في التربية على المواطنة وتحقيق التماسك الاجتماعي (الجزء الاول)

متابعة: أحمد رباص
تفعيلا لتوصيات ندوة حول اتعليم احتضنها مقر الحزب الاشتراكي الموحد بتمارة يوم 19 يناير 2024, نظم الحزب مساء يوم السبت 30 مارس الأخير بنفس المقر ندوة سياسية أخرى حول موضوع “دور المدرسة العمومية في بناء المواطن، الإنسان والتماسك المجتمعي”.
ساهم في هذه الندوة الأساتذة التالية أسماؤهم: عبد الصمد العرفي، ربيع الكرعي، بديعة الجمالي، عبد الوهاب السحيمي. واعتذرت عن عدم الحضور الأستاذة آمال غنام، في حين تقرر تسيير أشغال هذه الندوة من قبل نور الدين عبقادري الذي وجه في البداية تحية إلى الحاضرين الذين غصت بهم جنبات القاعة.
ااعتبر عبقادري ان هذا اللقاء هو الثاني من نوعه في سياق تتبع الشأن التعليمي بصفة عامة وما تشهده المدرسة العمومية على وجه الخصوص من أزمة واحتقان. كما وجه كلمة شكر إلى الأساتذة الذين لبوا دعوة المشاركة في هذه الامسية وتخطوا هذه الاجواء الرمضانية بما يميزها من أحوال جوية مطيرة.
كما ذكر ان اللقاء يأتي في سياق متابعة واستمرارية للقاء سابق من أجل تعميق النقاش ومحاولة البحث عن صيغ عملية وإجرائية بشأن العناوين الكبرى التي باتت تؤطر خطاب الأزمة في منظومتنا التعليمية؛ هذه الأزمة التي يبدو أنها طالت واستطالت إلى درجة لم نعد معها نتبين على وجه التدقيق الأسباب والمسببات، خاصة وأن ما يمكن اعتباره إشكالات بتيوية للمدرسة العمومية مع مرور الوقت ما فتئت تتعمق لتأخذ أبعادا تجاوزت حدود ما هو وطني وما هو إقليمي. واضاف مسير الجلسة أن لقاء اليوم جاء من اجل نوع من التفاعل الحميمي بشأن أسئلة مؤرقة عله يخلق نقط ضوء في مسار المدرسة العمومية التي لا زلنا نراهن عليها كأداة فعالة لبناء المواطن.
بعد هذه الكلمة التمهيدية، أعطى عبقادري الكلمة للأستاذ عبد الصمد العرفي الذي قدم نفسه كممثل عن التنسيقية المحلية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد بإقليم الصخيرات تمارة وعبر عن تضامنه مع الأساتذة الموقوفين.
أكد العرفي، في بداية مداخلته، على ضرورة التطرق لمجموعة من المشاكل والأزمات التي يعيشها المجتمع المغربي حاليا، منها، على سبيل الذكر لا الحصر، مشكل شغب الجماهير الشعبية الذي يتكرر باستمرار في شكل عنف متبادل في صفوفها، وإتلاف ممتلكات عامة وخاصة وترويع المواطنين. وهناك، فضلا عن ذلك، مشاكل بيئية، مثل أزمة العطش المرتبطة بالبيئة والتي نجمت عن سلوك أشخاص وشركات أدت إلى استنزاف الفرشة المائية، بالإضافة إلى مشاكل اجتماعية واقتصادية.
هذه المشاكل، يتابع العرفي، تعبر عن مشاكل داخل المدرسة العمومية لأنها إحدى مؤسسات التنشئة الاجتماعية وهي الثانية من حيث الاهمية بعد الأسرة.
وأكد أن المدرسة تقوم بمجموعة من الادوار والمهام، أهمها تزويدها للتلميذ بالمنهج العلمي وتتكفل بتربيته على الحس النقدي وتوفر له تربية بيئية لا شك أنها ذات علاقة بكيفية تدبير الماء في أوقات الندرة والجفاف. وبحكم الواقع، لم تقم المدرسة بواجبها المتمثل في تربية المتعلمات والمتعلمين على احترام البيئة وترشيد استعمال الموارد المائية.
واسترسل الأسناذ المتحدث مشيرا إلى أن للمدرسة دورا أساسيا في كل المجتمعات وهو التربية على المواطنة التي لها علاقة بالحق والواجب.
ورأى المتحدث، من جهة أخرى، أن المدرسة تؤدي أدوارا إضافية تهم بناء المواطن والمجتمع تلمنشود، وأنه لا يمكن بناء مواطن صالح، مساهم في نهضة بلده دون الانطلاق من مدرسة بمواصفات الجودة، والحال أن تشخيص اعطاب المدرسة العمومية يدل على أنها تعيش أزمة مرتبطة أساسا بمسؤولية الدولة. فإذا قارنا مساهمة الناتج الداخلي الخام في التعليم بالمغرب بنظيرها في الدول المتقدمة نلاحظ أنها ضئيلة جدا، وهذا أحد الأسباب في فشل المدرسة العمومية في الاضطلاع بمهامها. ثم إن المناهج التعليمية غير مواكبة للعصر التكنولوجي ما يفرض تحيينها وتغييرها.
وأشار العرفي إلى ان هناك اعطابا أخرى تساهم في الازمة التي تعيشها المدرسة المغربية أهمها الاكتظاظ داخل الحجرات الدراسية، وفي ظل هذا الواقع لا يمكن للمدرسة أن تؤدي مهامها وأدوارها المومئ إليها أعلاه. كما أن الدولة ترى أن التعليم مكلف؛ الشيء الذي يحكم على العاملين في قطاع التعليم بأن يعيشوا ظروفا مزرية ويتلقوا أجورا متدنية، خاصة في العالم القروي الذي يشهد غياب أبسط وسائل الاشتغال. لهذا كله، خاضت الشغيلة التعليمية، بعد وقبل 5 اكتوبر، مجموعة من الاحتجاجات التي خاضنها التنسيقيات، بما فيها التنسيقية التي أنتمي إليها. كان الشعار المرفوع خلال هذه الاحتجاجات هو الدفاع عن كرامة الأستاذ والمدرسة، من منطلق أن الأستاذ لا يمكن له القيام بدوره التربوي والتعليمي والنساهمة في تكوين المجتمع الصالح والمواطن الصالح دون أن يتوفر على الوسائل التي تمكنه من تحقيق هذه الأهداف، ودون تقليص عدد التلاميذ في القسم إلى الحد المعقول.
(يتبع)