26-التجديد الفكري بين التوطين والإجهاض…محمد صلحيوي

أما بخصوص القطيعة الثانية،فيقول الفقيد عبد السلام المودن في تقديم وثيقته النظرية التوجيهية المؤرخ بتاريخ6اكتوبر1989 مايلي:
“إن المادية التاريخية تعيش أزمة حادة وعميقة.هذه حقيقة أصبحت دامغة لا سبيل لإنكارها.وإن كل من يؤكد العكس،،يبرهن بذلك عن دغمائية محافظة.
لكن ما المقصود بأزمة المادية التاريخية؟
تلك هي المسألة…
….لننطلق من هذه البداهة:إن الأزمة تدخل في صلب كل فكر إنساني عظيم،، والمتأمل في تاريخ المنظومات الفلسفية الكبرى،،يعرف بأن كل منظومة،مهما عظم شأنها،،إلا وتمر حتما بأزمة خلال تطورها،،والإعتقاد بانعدام وجود ازمة في المادية التاريخية،هو مجرد تصور تظري مثالي خالص.لأن التناقص بصفته حاملا الأزمة في أحشائه،والذي له صفة الإطلاق،له القدرة في إختراق كل فكر.
لنطرح السؤال من جديد:ما هي طبيعة أزمة المادية التاريخية؟.
هنا يجب التمييز بين المطلق والنسبي،بين العام والخاص،مع التأكيد في نفس الوقت على وحدة المطلق والنسبي..وحدة العام والخاص..وهذا معناه، أن المطلق لا يمكن ان يوجد ويتجسذ ويتشخص إلا في النسبي الذي يمنحه صورته الملموسة.كذلك إن العام لا وجود له خارج الخاص.
من هنا يمكن القول،بأن المادية التاريخية في عموميتها،تمثل الحقيقة المطلقة بالنسبة لتاريخ المجتمعات،باعتبار أن كل تاريخ مجتمعي،يتطور وفق قوانينها المطلقة.
لكن تلك القوانين المطلقة تعبر عن نفسها في شكل فكر نسبي،وما الماركسية-اللينينية في جوهرها سوى شكل فكري للمادية التاريخية.في مرحلة صعود الطبقة العاملة الصناعية في المجتمعات الرأسمالية،
إننا هنا إذن نميز مابين مبدأ المادية التاريخية(المطلق-العام-الثابت)وبين شكلها(النسبي-الخاص-المتغير).
إن أزمة المادية التاريخة تكمن في كونها دخلت في تناقض حاد مع الماركسية-اللينينية،باعتبار أن هذه الأخيرة أصبحت معيقة لتطور الأولى “.