وجهة نظر
في الحاجة إلى تشخيص هوية الإنتماء وتأويل حالة الإصطفاف-ذ.مصطفى المنوزي

عندما يبادر المرء إلى إعلان موقفه أو يظهر في مشهد ما ، ينعت ، حسب السياق أو الظرفية أو الغاية ، بصفته أو موقعه أو مهنته أو منصبه أو وظيفته المعروف بها ؛ وغالبا ما يطلق عليه نعت : إما مناضل أو حقوقي أو سياسي أو إعلامي أو فنان أو رياضي . وما يهم في هذا الصدد هو أننا اكتشفنا بأننا فشلنا في أن نكون سياسيين بالمعنى الذي تقتضيه الواقعية والمصلحة والنفعية ، كما فشلنا في أن نصير مناضلين بالمعنى الذي يتطلبه الصراع الإجتماعي والسياسي والفكري في أبعاده الجماعية ، في ظل تصاعد المد الفرداني وانتعاش المبادرات المصلحية الضيقة النزوع ؛ لأن كل ما نملك مجرد مقاربات شخصية يتطلب تنفيذها احتلال موقع للسلطة وتملك مصدر للقوة ، مما يجعل أغلبنا مجرد موضوع للسياسة والسياسيين ، يطلب منا تصريف المواقف وفق جدول أعمال يعتمد تعبئة من أعلى ، ورغم أنه ليس كل فشل قدري ؛ فإن إشكالية التموقع بين مساحة ” المناضل ” وظلال ” السياسي ” يمكن أن تكون محل سجال ونقد أنطولوجيين لإرتباطه بعنصر القدرة على التموقع والريادة بدل الخضوع لمنطق إرادة الإصطفاف والوعي بجدوى الإنتماء للتفكير والتدبير الجمعي ، وإذا كان لابد من التعبير عن الإنتماء فإننا ننتمي لجيل النرجسيات الجماعية والذي قدر له أن يتعايش مع جميع أقرانه في جيل القنطرة ، مخضرم بين إستقلال لم يكتمل ، وديمقراطية موؤودة ، وعدالة مترددة ، وإشتراكية مبتذلة في صيغة أحلام حداثية فيما يشبه الكوابح الذاتية السائلة . حقا نجحنا في تبوء موقع ضمن المجال العام أو الفضاء العمومي ، لكن حضورنا يظل مجرد كومبارس يخدم مصلحة صانعي القرار الأمني أو الحزبي لا فرق ؛ لنظل مجرد ضحايا هيمنة المجال السياسي المغلق قسريا ، وفريسة لعوالم التواصل الإفتراضي ، مما يتطلب منا خوض معارك إثبات الذات والشقاء ولفرض الوجود من أجل البقاء ؛ وبتجديد النفَس ، والإقرار بالنفْس ، لتصير الكلفة مضاعفة ، ومضطرين لتكثيف التفكير بحس إنساني حتى لا يسقط وعينا المتراكم في العدم ، وتفاديا لأي تماه عبثي بين مطلب ” أعرف نفسك ” المعنوية وواجب ” اهتم بنفسك ” الثقافية !
ذ.مصطفى المنوزي