الاقتراح الأمريكي لوقف إطلاق النار بغزة أو الصيغة الجديدة لشعار” اليوم التالي للحرب” !

دأبت و م أ ( أمريكا ) على إعلان معارضة إعلامية – لا تتجاوز حدود المنابر -لسياسة الحكومة الصهيونية العدوانية إزاء الشعب الفلسطيني بغزة وذلك بذريعة أنها لا تجيب على مشكلة اليوم التالي للحرب … أي من سيحكم غزة بعد أن تضع الحرب آوزارها ؟
وإذا كان السؤال ينبئ إلى تصدّع اقتناع و م أ بقدرة إسرائيل على كسب المعركة ضد المقاومة الفلسطينية إلا أن ذلك لا يعني تسليمها بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وقيام دولته المستقلة ذات السيادة .. بل فقط إسعاف البرنامج الأقصى الجنوني لحكومة نتنياهو – الذي يقوم على افتراض سحق حماس وتفكيك المقاومة وتتويج كل العملية بتسليم غزة لإدارة تحت إشرافها هي قيد البحث إن لم يتحقق حلمها الكبير الرامي إلى تهجير فلسطينيي القطاع إلى سيناء – أقول إسعافه ببرنامج حد أدنى ملتو يحقق نفس الأغراض – تصفية المقاومة الفلسطينية – لكن بأجندة مختلفة تراعي جملة تحولات في وعي شعوب المجتمعات الغربية والعالمية وانعكاساتها على شروط خوض الحرب سياسيا ودبلوماسيا وقانونيا …الخ .
ولعل ما يكشف الطابع المخادع في مبادرة الرئيس بايدن لوقف الحرب على غزة هو تشديديها وضغطها -بمعية دول أخرى -على حماس للقبول بها رغم غموضها بشأن الوقف النهائي للحرب ، علما أن المقاومة كانت قبلت يوم 6 مايو بمقترح الهدنة المفضية إلى وقف إطلاق النار مع تبادل الأسرى وأن رئيس حكومة الاحتلال الاسرائلي هو من رفضها بدعوى أن صيغة المبادرة التي قدمت له تختلف عن الصيغة المعتمدة من قبل الوسطاء .. وهنا لا يسعني إلا أن أسال : ما هي دوافع المبادرة المحتملة وما ذا طبخ لتنفيذها ؟
لعل أبرز ما تتوخاه إدارة الرئيس بايدن من مبادرتها هو الظهور بمظهر من يهتم لمصير الشعب الفلسطيني لامتصاص غضب قواعد الحزب الديمقراطي من الأمريكيين ذوي الأصول العربية والإسلامية – وغيرهما -فضلا عن اليسار الديمقراطي والذين يهددون بمعاقبة بايدن بعدم التصويت له .. وإذن فالإدارة تبغي من المبادرة وقف الحرب في الزمن الحرج انتخابيا واستعادة ثقة ناخبيها خاصة من الشباب الطلابي ..
من جهة ثانية لوحظ تدحرج جبهات الإسناد للمقاومة الفلسطينية ، خاصة في الجنوب اللبناني والبحر الأحمر ، إلى مستويات غير مسبوقة من التصعيد الأمر الذي قد يتحول إلى حرب إقليمية سعت و .م .أ إلى وأدها منذ البداية .. عبر إرسال بوارجها الحربية إلى المنطقة والتهديد بالاشتباك العسكري المباشر مع من يتجرأ على مهاجمة إسرائيل .. تحقّق هذا السيناريو من شانه تغيير أولويات و .م .أ التي تخطط للخروج من منطقة الشرق الأوسط بعد تعيين وصي عليها في شكل ” ناتو عربي إسرائيلي ” أجهضت الإعلان عنه عملية الطوفان الأقصى .
أما حكومة الاحتلال ، ورغم تعثرها العسكري ، لا زالت تعمل على تحقيق برنامجها غير المعلن لتهجير الفلسطينيين من القطاع وذلك عبر الاستمرار في دكه حتى من غير أهداف عسكرية مباشرة و جعله منطقة غير قابلة للحياة – اعلنت الأمم المتحدة عبر أجهزتها المختصة انه يلزم 14 سنة فقط لتدوير مخلفات الدمار – فضلا عن الاستمرار في خلق وتثبيت شعور عدم الإطئنان على الحق في الحياة لدى الفلسطينيين من خلال الهجمات الاعتباطية على مخيمات النازحين ..وتجويعهم وتهيئ ميناء اصطناعي بمساعدة أمريكية على ميناء غزة بدعوى تقديم مساعدات إنسانية ..واستعماله منفذا للهجرة عند ما تحين الفرصة .
وأخيرا وليس آخرا ، أعلن الكاتب / المناضل جلبير الأشقر استنادا إلى مصادره الخاصة ، في مقال له تحت عنوان ” أي مستقبل لغزة ” نشرته جريدة العالم الديبلوماسي لشهر يونيو 2024 .. أن ثمة ترتيبات تخطط لها و م أ بتنسيق مع إسرائيل لجعل إدراة غزة تحت وصاية دول عربية – هي مصر والإمارات والمغرب – وبإشراف أممي … غايتها توفير الشروط الانتقالية لبسط السلطة الفلسطينية نفوذها على غزة ..
لماذا لا يعلن وقف إطلاق النار من قبل مجلس الأمن دون فيتو أمريكي .. وتنتهي الحرب ومن غير حاجة لا لمبادرة بله إقناع الأطراف بها ؟
لأن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة اصبح مطروحا على الأجندة الدولية .. والمبادرة الأمريكية هي محاولة للعودة إلى التفاوض الذي انطلق منذ 1994 تحت الإشراف الأمريكي والذي في إطاره استوطن بالضفة ما يزيد عن 700000 صهيوني ..وهو ما يعني تدمير الشروط المادية لقيام دولة فلسطينية .. المزيد من المقاومة هو الحل .
ذ.جدي عبد الرحيم