وجهة نظر

“نيكي مناج” أين الميزان يا”موازين”؟ القيم أهم من أشباه الفنانين

إدريس الأندلسي

ستصل” المغنية والشاعرة والمؤلفة” نيكي مناج من ترينيداد توباغو لتتغنى بالمخدرات والجنس وتكلف مهرجان موازين أكثر من 300 مليون سنتيم. أطلق سراحها بكفالة في مطار أمستردام يوم 25 ماي الماضي وألغيت حفلتها في إنجلترا بعد أن نسبت المخدرات لأحد أفراد فرقتها الموسيقية. ووجب التوضيح لكي لا يشك من يهوى الشكوك في معاداة الفن والتعبير الحر. الأمر يتعلق أيضا بغياب جمالية الفن وبإحترام قيم مجتمع منفتح. قد تكون هذه المرأة مدافعة عن حقوق فئة، ولكن التعبير لا يرقى دائما إلى سمو المبادىء الإنسانية الكونية.
تعد برمجة المهرجانات تعبيرا عن خلفيات ثقافية لمنظميها. كما تعبر عن قدرتهم على تعبئة الأموال الطائلة لتغطية نفقات كبيرة جدا وخصوصا لمهرجان مثل موازين. أعتبر المهرجانات الفنية والثقافية منتوجا يعبر عن الإهتمام بالإبداع والتميز والترفيه الراقي والهادف. وليس من حق أي أحد أن يحكم على تنظيم المهرجانات بالزوال، ولكن من حق الجميع أن يطرح عدة أسئلة تتعلق بمدى استفادة المبدعين المغاربة من المهرجانات التي تنظم على أرضهم، و كذلك بالقيمة المضافة الفنية والثقافية التي يأتي بها الفنانون الأجانب لبلادنا. من حق جميع المهتمين والنقاد و الصحافيين أن يحصلوا على كل المعلومات التي تتعلق بالبرمجة والتمويل وحقوق الجمهور. المهرجانات يمول جزء كبير منها من المال العام و لو ظهرت على إعلانات المهرجانات مقاولات خاصة. وننسى أن تكلفة التنظيم والسهر على الأمن تشكل عبئا كبيرا على الأجهزة التي يقع عليها تدبير ثقل كبير ومكلف من جراء ثقل المهرجانات.
حاولت وضع إطار مبدئي لموقفي من تنظيم المهرجانات الفنية والثقافية. وأعبر عن التقدير الكامل لمن خلق مهرجان الثقافة الشعبية بمراكش منذ مدة تزيد على ستين سنة، و مهرجان مسرح الهواة الذي أصابته علة الخوف من رسائل موليير وشكسبير والصديقي وعبد الكريم برشيد وشهرمان وغيرهم. وكثيرة هي المهرجانات التي يجب أن تستمر والتي يجب أن يتم دعمها.
و ما يخيفني على بلادي هو ذلك الهجوم على القيم والسلوك المجتمعي الذي أعتبره، كغيري، سويا. قبل سنوات كادت إحدى المغنيات الأجنبيات أن تتعرى أمام آلاف الحاضرين فوق المنصة الكبرى للمهرجان المجاورة لفندق “هلتون” سابقا. واليوم تبين معطيات البرنامج أن مغنية آتية من خنادق فن يتغنى بالمخدرات والدعارة والجنس ستكون من نجمات مهرجان موازين. إنها تلك التي تم اعتقالها أخيرا في مطار أمستردام يوم 25 ماي عقب اكتشاف مخدرات في حقائبها. وتم إلغاء حفلها في مانشستر بعد تأخرها عن الوصول إلى مكان الحفل. هذه “الفنانة” يقال إنها ملحنة وكاتبة كلمات ومغنية. وسوف تقف بعد أيام أمام عشرات الآلاف من المغاربة لتقول لهم: “أنا العاهرة يا صاحب الشغل أو الباترون…أنا أمكن هؤلاء السود من عمل…و قد يصبحون مهمين… يريدون فرجي ..لكنني سأعطيهم بعض البسكوت”. و يصبح من الصعب الاستمرار في البحث عن ترجمة للكلمات التي ستتلفظ بها مغنية دفع لها مبلغ يزيد على 300 مليون لكي تقول ما تشاء في بلد يعتبر الإحترام صنوا للتوقير الواجب للكل. اعشق حرية التعبير عن الحقوق والواجبات وكثير من التعبيرات الثقافية، لكنني أوقر من المرتكزات الثقافية ببلادي. والأهم، أنني أخاف أن يصبح كل شيء مباحا باسم قيم الانفتاح و غدرا لها.
و سأكرر للمرة الألف أن المهرجانات الفنية والثقافية عنوان على الانفتاح على قيم الحرية وعلى كل القيم الإنسانية. ولكنني ضد الابتذال والنزول إلى الحضيض باسم حرية التعبير عن إدمان المخدرات وتسويق الجنس. قد يقول البعض إن “فنانة” ترينيداد توباغو” تريد أن تنتقد ذلك الغرب الشرير. أقول لهم إنني، و غيري من عشاق الفن والأدب، أريد محاربة الظلم والاستعباد، ولكنني لا أريد أن تصبح المخدرات والكلام عن الجنس في سوق عبودية متجددة وقابلة للدخول إلى كل المجتمعات التي تحاول أن تحافظ على حريتها وتصون قيمها وكذلك أموالها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى