الجفاف المزمن في المغرب، هذا الوضع الذي يربك حسابات الفلاحين والحكومة سواء بسواء

في قلب الاهتمامات الحالية للمملكة هناك قضية ذات أهمية قصوى: إدارة المياه والسقي في القطاع الزراعي. تمثل الفلاحة المغربية، إحدى ركائز الاقتصاد الوطني، حيث نساهم بحوالي 15% في الناتج المحلي الإجمالي وتشغل حوالي 40% من السكان النشطين. ومع ذلك، يتعرض هذا القطاع الحيوي لضغوط هائلة بسبب المخاطر المناخية. وتتضاعف نوبات الجفاف وتتزايد حدتها، مما يعرض المحاصيل للخطر، ويهدد سبل عيش المزارعين، ويؤثر على الأمن الغذائي في البلاد. تعاني المناطق الفلاحية المشرفة على المحيط الأطلسي، من سهل سوس ماسة إلى أراضي الغرب الخصبة، من عجز مائي مقلق.
يوجد المغرب اليوم على حافة الهاوية المائية. ومع استمرار الجفاف للسنة السادسة على التوالي، وصعت إدارة المياه في المملكة على المحك، خاصة وأن احتياطيات المياه في السدود بلغت مستويات منخفضة تاريخياً، كما أن المياه الجوفية مستغلة بشكل مفرط. وقد دفع هذا الوضع الحرج الفلاحين إلى التعبير عن قلقهم والدعوة إلى اتخاذ إجراءات حكومية سريعة وفعالة. ويقف المزارعون المغاربة، وخاصة صغار المزارعين، في الخطوط الأمامية لهذه الأزمة، معربين عن استيائهم من نقص المياه الذي يؤثر على إنتاجهم. وبدون الماء، تصبح الأرض قاحلة، ويفقد المزارعون مصدر دخلهم. وفي العديد من المناطق، أبلغ المزارعون عن خسائر في المحاصيل وتزايد الصعوبات في سقي أراضيهم. وتتأثر بشكل خاص أهم المحاصيل في بلادنا، مثل الحمضيات والزيتون والخضروات.
– ردود حكومية: تدابير معززة
في مواجهة هذه الأزمة غير المسبوقة، وعتت الحكومة المغربية بالحالة الاستعجالية وأعلنت عن سلسلة من التدابير لتعزيز مرونة القطاع الفلاحي. وأعلنت الحكومة، تحت الضغط، مؤخراً عن إجراءات لمحاولة سد التسريبات – بالمعنى الحرفي والمجازي. لكن الحلول المقترحة، رغم كونها طموحة على الورق، تفتقر إلى الجوهر. ومن بين هذه المبادرات نشير إلى المخطط الوطني للماء 2020-2050 الذي يهدف إلى ترشيد استخدام المياه وتحسين كفاءة أنظمة السقي وتطوير تقنيات إعادة استخدام المياه العادمة. والهدف هو ضمان الإدارة المستدامة والعادلة للموارد المائية.
بالإضافة إلى ذلك، قدمت السلطات إعانات دعم للسقي بالتنقيط للمزارعين لتشجيعهم على استعمال تقنيات الري الأكثر كفاءة. وتتيح هذه الطريقة الاستخدام الأمثل للمياه، وبالتالي تقليل الهدر وزيادة الإنتاجية. كما يجري حالياً إنشاء سدود جديدة وتطوير محطات تحلية مياه البحر لزيادة احتياطيات المياه المتاحة. وتعتبر هذه البنيات التحتية ضرورية لتوفير مصدر مستقر وموثوق للمياه لفائدة للمزارعين.
كما يعد تحديث وصيانة شبكات السقي الحالية أمرا ضروريا للتقليل من فقدان المياه. ويجري إطلاق مشاريع لتجديد قنوات الري وإدخال تقنيات متقدمة لإدارة المياه. وقد أنشأت الحكومة برامج تكوينية للمزارعين لرفع مستوى الوعي بالممارسات الزراعية الجيدة والاستخدام الفعال للمياه. وتهدف المساعدة التقنية إلى دعم المزارعين في الانتقال إلى أساليب أكثر استدامة.
– السياسات الزراعية: أوهام مسقية ووزارات تحت الماء
بالإضافة إلى ذلك، لا يزال تغير المناخ يشكل تهديدا خطيرا. وتشير التوقعات إلى ارتفاع درجات الحرارة وزيادة تقلب هطول الأمطار، مما يجعل إدارة المياه أكثر تعقيدا. ولذلك يجب على المغرب تعزيز قدراته على التكيف والمرونة في مواجهة هذه التحديات البيئية. تعتبر إدارة المياه والري في القطاع الفلاحي المغربي مسؤولية جماعية تشمل الحكومة والفلاحين والمجتمع بأكمله. ومن الضروري العمل بسرعة وفعالية لضمان استدامة الزراعة والأمن الغذائي للبلاد. المزارعون، الذين يغرقون في الركود المناخي والإداري، يستغيثون. المغرب يرى أن أراضيه أصبحت قاحلة. أصبح السقي، وهو الوريد الحيوي، صعب المنال تحت التأثير المشترك لسوء الإدارة والإفراط في الاستغلال وقلة هطول الأمطار. ضخ المياه الجوفية يتم بشكل مفرط، الأنهار منها من نشف ومنها ما هو مهدد بالجفاف، ولم تعد السدود، التي كانت ذات يوم رمزا للفخر الوطني، أكثر من مجرد ذكريات لعصر أكثر رطوبة.
وزارة التجهيز والماء في حالة اضطراب. تتعرض حملاتها الإعلانية للحد من استهلاك المياه للانتقاد لعدم فعاليتها، حيث يُنظر إليها على أنها إنفاق غير مجدي للمال العام. ويتساءل المواطنون: أين هي الإجراءات الملموسة لإنقاذ المحاصيل المتعطشة للمياه؟