الخروج الإعلامي لفاطمة الزهراء المنصوري بصدد “الهروب الكبير” لم يكن موفقا (فيديو)

أحمد رباص
في الجلسة الافتتاحية للجامعة الصيفية التي انطلقت ببوزنيقة يوم الجمعة 20 شتنبر الحالي، أكدت السيدة فاطمة الزهراء المنصوري، منسقة القيادة الثلاثية لحزب الأصالة والمعاصرة، أن فقدان الأمل وغياب الثقة وكذا الاستغلال من أعداء المغرب، كانوا وراء محاولة الهجرة الجماعية، يوم 15 شتنبر الحالي، مستطردة أن “المهاجرين الآن يغامرون في ظروف غير قانونية ويعيشون في بلدان الاستقبال الخوف والرعب، ويعيشون في ظروف أقل كرامة بكثير مما يعيشونه في المغرب”.
واعتبرت وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة أن ما وصفتهم بـ”أعداء الوطن” أو “أعداء المغرب” حاولوا اللعب على هذا الوضع واستغلال مواقع التواصل الاجتماعي من أجل “زعزعة الوطن”، لكنهم في المقابل وجدوا شبابا فقد الأمل ويعاني من أزمة ثقة.
وحملت المنصوري المسؤولية في فقدان الأمل للخطاب الشعبوي الذي يقدم صورة سوداء عن الوطن، والذي يصور العيش في بلدان أخرى أفضل من العيش في المغرب، مؤكدة أن الحكومة اشتغلت وتشتغل، لكن الأمر يتطلب الوقت للتأثير على الشباب ومختلف الشعب المغربي، خصوصا مع وجود تراكمات سنوات خلقت الكثير من المشاكل.
طبيعي، والحالة هاته، أن تبحث السيدة المنصوري عن عوامل تبرر بها ما وقع يوم الأحد الأسود بعيدا عن الاعتراف مباشرة وصراحة بمسؤولية الحكومة التي تنتمي إليها، تماما مثلما فعل الأستاذ مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة، عندما قال، عقب المجلس الحكومي ليوم الخميس الأخير، إن الهجرة السرية ظاهرة موجودة في مختلف البلدان، مؤكدا أن تحريض الشباب في واقعة ما أصبح يعرف ب”15 شتنبر” تم من طرف جهات غير معروفة، عبر استغلال مواقع التواصل الاجتماعي.
قبل الدخول في تحليل أقوال السيدة فاطمة الزهراء المنصوري، أرى انه من المناسب إبداء ملاحظتين. الملاحظة الأولى هي أن محاولة الهروب الجماعي لم يشارك فيها الشباب والقاصرون المغاربة بل كان معهم مهاجرون من تونس والجزائر ودول إفريقية أخرى، وذلك لأن بلادنا أصبحت منذ سنوات معبرا إلى أوربا بالنسبة إلى المهاجرين الأفارقة. الملاحظة الثانية مفادها أنه ينبغي استبعاد فرضية المؤامرة التي يتم التعبير عنها للدلالة على ما فعله “أعداء الوطن” بصيغ مختلفة (التحريض، استغلال شبكات التواصل الاجتماعي، إلخ..)، كما يجب التوقف عن تحميل “الخطاب الشعبوي السوداوي” مسؤولية ما جرى، لأنه لا يعقل أن يقع طفل صغير تحت تأثير المحرضين والعدميين حتى ينخرط قلبا وقالبا، روحا وجسدا، في محاولة “الهروب الكبير”.
من العوامل التي تخيلتها السيدة المنصوري في عداد دواعي محاولة الهجرة الجماعية التي أساءت خواتمها المفجعة لصورة المغرب الاجتماعي والحقوقي أمام العالم، هناك “فقدان الأمل” و”غياب الثقة” بين أوساط شبابنا. ومن البديهي أن القاموس الذي اختارته المسؤولة الحزبية والحكومية يدل، من بين أشياء أخرى، على أنها تعترف بفشل حكومة الائتلاف الثلاثي (الحمامة، الجرار، الميزان) في زرع بذور الأمل والثقة في نفوس المغاربة، لكنها تحاول يائسة طمأنة الخواطر بقولها إن الحكومة لم تتوقف عن الاشتغال ولا يخصها سوى مزيد من الوقت، وكأن ثلاث سنوات المنقضية من ولايتها لم تكن كافية لتحقيق حد مقبول من التنمية. والٱن، هل بقي للتقرير الحكومي عن إنجازات الحكومة خلال التصف الأول من ولايتها حبة خردل من المصداقية؟
أما قولها إن المهاجرين يعيشون في الدول الأوربية تحت ظل ظروف أقل كرامة منهاىفي المغرب، ففيه أولا اعتراف بانعدام شروط العيش الكريم لدى جزء كبير من الشعب المغربي بذكوره وإناثه من مختلف الأعمار، وفيه ثانيا تدليس لا ينطلي حتى على ضعاف العقول؛ ذلك لأن الإنسان في أوربا، أيا كان أصله وفصله، يحظى بالاحترام ويعامل برفق وحدب. ألا تعلم الوزيرة المحترمة أن حرس خفر السواحل التابع لإسبانيا وفرنسا وايطاليا يقدم طوق النجاة للمهاجرين السريين عندما يكونون مهددين بالموت غرقا بسبب من الأسباب؟ أليس في علمها أن الاتحاد الأوربي يستقبل المهاجرين القصر بالأحضان، ويضمن لهم المأكل والمبيت والملبس والتعليم، .. إلخ؟ لهذا أقول لها: خروجك الإعلامي بهذا الصدد لم يكن موفقا.