اخبار جهوية

 الخريبكيون يد واحدة من أجل تخفيف معاناة ضحايا الزلزال

خلَّف الزلزال الذي ضرب البلاد، يوم الجمعة 08 شتنبر خسائر مادية وبشرية كبيرة بفعل قوته التي بلغت سبع درجات على سلم ريختر، وأحدث حزنا عميقا في نفوس وقلوب كل المغاربة فهبَوا بسرعة مُلفتة لمدّ يد العون وتنظيم قوافل تضامنية مع متضرّري الزلزال في أقاليم الحوز وشيشاوة وتارودانت وورززات وغيرها.

إقليم خريبكة لم يكن استثناء فرغم قوة الصدمة وفجائية الحدث، فلم يتأخر رد الفعل الشعبي، وأبانوا عن معدنهم النفيس الذي لا يصدأ. في واحد من المشاهد الجميلة التي ظهر فيها الخريبكيون كأسرة واحدة، وجدت نفسها معنية ومسؤولة أخلاقيا بالانخراط في جهود مواجهة وتخفيف آثار وتداعيات تلك الكارثة. فحتى الفقراء المعدمون لم يقبلوا أن يبقوا دون مساهمة. فمنهم من تبرع بشيء من السكر ومنهم من تبرع بغطاء رغم حاجتهم لما تبرعوا به وفي مشهد أنساني لا يمكن نسيانه سيدة مسنة تقاسمت ما تملك من أواني منزلية مع ضحايا الزلزال. وهو مثال لعشرات المشاهد المؤثرة.

أما حملة التبرع بالدم فقد استجاب الخريبكيون سريعا لهذا النداء، من أجل جمع أكبر عدد ممكن من أكياس الدم لإنقاذ الأرواح، ولقيت إقبالا كبيرا سواء من المواطنين بشكل فردي أو من بعض القطاعات والهيئات المهنية من مهندسين وأطباء ومحامين وأطرٍ تربوية والتجار والحرفيين وموظفو المحكمة… حيث تجاوز عدد المتبرعين 850 وكان ملفتا تبرع عدد كبير من رجال الأمن على رأسهم رئيس المنطقة الأمنية: عبد الهادي دكالي. إضافة إلى مكونات فريق أولمبيك خريبكة (مكتب ولاعبون وجمهور…) الذين لبوا نداء التبرع بالدم والتحقوا يوم السبت 09 شتنبر، بالمركز الاستشفائي الإقليمي بخريبكة من أجل المساهمة في الحملة الوطنية وترسيخاً لمبدأ العمل التطوعي ولتوفير كميات من الدم والمساهمة في إنقاذ حياة المرضى ضحايا الزلزال. حول هذه المبادرة قال رئيس فريق أولمبيك خريبكة السيد الحبيب لكنوزي ، إنها جاءت لفائدة المتضررين من الزلزال واستجابة للواجب الوطني، خاصة في هذه الأوقات الصعبة التي تمر منها البلاد، مشيرا إلى أن هذا أقل ما يمكن أن يقوم به نادي أولمبيك خريبكة في هذه الظروف العصيبة.

في هذا السياق، نوهت الممرضة المسؤولة عن وحدة بنك الدم خريبكة نادية أصغير بالإقبال الكبير الذي شهده بنك الدم وهو ما يبرز الحس الإنساني والتضامني للشعب المغربي عامة ولساكنة إقليم خريبكة على سبيل التحديد، وأبرزت أنه تم تعبئة كل الموارد اللوجستية والبشرية لضمان نجاح هذه العملية والتخفيف من معاناة المصابين مشددة على أن الطاقم يبذل جهودا مضاعفة، تقنية وتنظيمية، لاستقبال كافة المتبرعين وتدبير عملية التبرع بشكل سلسل. ودعت نادية أصغير كافة المواطنين، إلى الحرص على الانتظام في التبرع بالدم، في هذه المحنة وفي باقي أشهر السنة لضمان مخزون قار وكاف من شأنه تلبية حاجيات المرضى.

وعلى الرغم من كون عملية التضامن تمت بشكل تلقائي خارج الوصايا والتوصيات، حيث لم ينتظر أحدٌ وِصاية حزبية أو قبلية أو حتى رسمية. فقد كانت فعاليات المجتمع المدني الخريبكية حاضرة وساهمت في التأطير والتنسيق مع السلطات لضمان نجاح العمليات. التي تميزت بخاصيتي: السرعة والتنظيم. وهذا ما أشار إليه محمد حليلو وهو شاب من مدينة خريبكة انتقل إلى مناطق الزلزال في أكثر من قافلة حيث قال “فور وقوع الزلزال انطلقت عشرات الشاحنات والمركبات من المنطقة، محمّلة بالمساعدات الغذائية ملابس، أفرشة، مستلزمات شبه طبية وأدوية، أغطية وغيرها. بمتطوعين لم يأبهوا بالطرق الوعرة والمخاطر في سعيهم إلى إغاثة المنكوبين”.

المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية خريبكة ENSA، كانت حاضرة أيضا من خلال طلبتها الذين قاموا بمبادرة لمساعدة ضحايا الزلزال بمنطقة أزيلال

ولفتت رجاء تومة -فاعلة جمعوية- إلى ما لمسته من تعاطف كبير وروح التعاون الموجودة لدى المساهمين بجميع أطيافهم، كما عهدتهم مستعدين دائما للتضحية وتقديم كل ما يملكون في سبيل الوطن ومواطنيهم الذين فقدوا أهاليهم وممتلكاتهم. مضيفة أن عمليات تقديم المساعدات تتم في ظروف جيدة من خلال التعاون مع السلطات المحلية. وبدورها صرحت اسمهان الحراك، شابة متطوعة من مدينة خريبكة، أن تقديم المساعدات لهؤلاء المتضررين أمر ضروري بالنسبة لكل مواطن ، فدعم أسر الضحايا بالمواد الغدائية والألبسة والأغطية ، هي فقط مساهمة بسيطة  يجب على كل الجميع أن ينخرط فيها لدعم المنكوبين  كما أشارت أن مساهماتهم ركزت على تقديم الإسعافات الأولية و الأدوية و المواد شبه الطبية اللازمة .أما حمزة زلاق سائق سيارة الإسعاف فقد قرر الانتقال الى مناطق الزلزال لتقديم المساعدة بعين المكان لأنه حسب تعبيره لا يمكن لأحد أن يرى آثار الفاجعة و الدمار و يبقى دون تقديم يد المساعدة وفك العزلة عن هؤلاء الضحايا الذين أفقدهم الزلزال أقاربهم وكل ممتلكاتهم مضيفا أنه لا بد من تقديم المزيد من المساعدات لأن الناجين لا زاولوا في حاجة ملحة إلى الإسعافات الطبية والغذاء والأغطية. أما عز الدين الزماني فحدثنا عن تجربته قائلا: ” كانت لي زيارة الى المناطق المتضررة من الزلزال ضمن إحدى القوافل الخريبكية شاهدت الكثير من المنازل مدمرة بالكامل او جزئيا وما اثار انتباهي هو حسن الضيافة والاستقبال من طرف الساكنة رغم المعاناة ولا أنسى أبدا حكاية الطفلة التي تركت وصيتها لوالديها توصيهم بالصبر والتكافل بين اهل الدوار وتوفيت فيما بعد بسبب الزلزال (دوار تارجدالت) إقليم تارودانت. وفي الاخير اشيد بحكمة جلالة الملك والتضامن الشعبي الكبير لتجاوز هذه المحنة”

ولأن المصاب جلل، فقد كان طبيعياً أن يعلن عن تأجيل أو تعليق عدد من الفعاليات الثقافية والرياضية كموسم بني يخلف الذي انطلق بيوم قبل الزلزال وموسم بوعبيد الشرقي الذي كان مبرمجا  ما بين 20 و 24 شتنبر حيث أن المجلس الجماعي لمدينة أبي الجعد كان قد أصدر في وقت سابق بلاغا للعموم أعلن من خلاله عن تعليق كافة الأنشطة الثقافية و الفنية و الرياضية التي جرت بها العادة في كل موسم، و ذلك بعد حادث الزلزال الذي ضرب بلادنا قبل أيام، في حين اختزل احتفال هذه السنة في الأنشطة ذات الطابع الديني التي جرت مراسيمها داخل قبة ضريج الشيخ المؤسس أبو عبيد الله امحمد الشرقي،  بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم، وأمداح نبوية من طرف مجموعة من الفقهاء وحفظة القرآن، و قراءة مجموعة أذكار ، مع الإكثار من الدعاء والترحم على ضحايا الزلزال و طلب الشفاء للمصابين.

هبَ الجميع وبسرعة مُلفتة وفي تسابق لمدّ يد العون لضحايا الزلزال، الأمر الذي شكل نقطة مضيئة في زحمة المنظر المروع والمأساوي للكارثة. واقعة مثل هذه على الرغم مما خلفته من مآس وآلام يصعب مداواتها بسهولة؛ فإنها تركت صورة لابد من التقاطها للبناء عليها، وتحويلها إلى مُعبّر ومعيار جديد، لدفع الجميع نحو استغلالها لتعزيز روح التضامن والتكافل.

خريبكة

هشام مدي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى