هل استعادت المقاومة الإسلامية بلبنان (حزب الله)عافيتها التنظيمية والأمنية ؟ ذ.عبد الرحيم جدي

هذه التغريدة كتبت قبل إعلان الرد الإيراني على اغتيال اسماعيل هنية ..وهو رد يعزز الخلاصة التي انتهت إليها مما شجعني على تعميمها.
هل استعاد ت المقاومة الإسلامية بلبنان ( = حزب الله)عافيتها التنظيمية والأمنية ؟
المعروف أن حزب الله كابد خلال الأسبوعين الأخيرين محنة تنظيمية /استخباراتية استثنائية طاولت أطره العسكرية والسياسية من الصف الأول انتهاء باغتيال أمينه العام ، الراحل /رمز المقاومة ، حسن نصر الله ..
وإذا كانت التكهنات متضاربة بشأن أسباب ومدى هذا الاختراق الأمني ، إذ تراوحت في تفسيره بين قدرة الاحتلال وداعميه على التقاط مواقع القياديين المغتالين عبر بصماتهم الصوتية بواسطة الأقمار الصناعية التي تغطي كل فضاء الشرق الأوسط بما فيه سماء لبنان ، وهو تفسير يجد مبرراته في السياسة الدفاعية التي انتهجها حزب الله منذ إطلاقه جبهة الإسناد بتاريخ 8/10/2023 إذ ركزّت في المجمل على ضرب البنية التحتية الاستخباراتية لقوات الاحتلال بما في ذلك رده على اغتيال فؤاد شكر .. الذي طاول قاعدة 8200 المتخصصة في الاستخبار الخارجي عبر الأقمار الصناعية .. مما يعني إدراك الحزب مبكرا لخطورة التحدي الذي يمثله التفوق التكنولوجي/الاستخباراتي للاحتلال ..
غير ان اقتصار عمليات االتصفية على قيادة الصف الأول التي تعمل انطلاقا من مقراتها بالضاحية الجنوبية لبيروت حيث اغتيلت كلها و سلامة البنيات العسكرية الأخرى الفاعلة في الميدان على ما يدل عليه استمرارها في القصف بنفس الوتائر المعتادة مع الزيادة في مداه وكثافته تدريجيا مع تطور الأحداث .. قد يفتح االتفسير على فرضية ثانية تقوم على توجس وجود اختراق امني بشري داخل التنظيم في مستوى هرمي متقدم …فرضية وإن كانت طبيعة التنظيم العقائدية تستبعده ..إلا أن خطورة الضربات تقتضي اعتبار كل شيء ممكن .. وهو أمر سيحسمه التحقيق الداخلي الذي فتحته قيادة الحزب في الموضوع ولا يسعنا إلا انتظار نتائجه .. مع العلم أن الراحل حسن نصر الله كان لمّح إلى هذه الفرضية في أحد خطبه حين أشار إلى أن عملية الردّ على اغتيال القادة ستعرف ” ضمن دائرة ضيقة من الحزب ” …
غير أن الأهم بالنسبة لهذه المقالة ..هو السؤال التالي : هل كسرت الاغتيالات والضربات العشوائية على امتداد مواقع الحزب بلبنان بنيته العسكرية ومعها سياسته الدفاعية عن غزة /الشعب الفلسطيني ؟
لتلمس بعض عناصر الجواب عن هذا السؤال يجدر بدءا تقييم السياسة الدفاعية التي انتهجها الحزب إلى غاية الإغتيالات الأولى لكوادره العسكرية والتنظيمية من الصف الأول ..لقد شدّد الأمين العام الراحل مرارا على أن عمليات الحزب العسكرية تقتصر على الإسناد لغزة … وتزداد وتيرتها ومداها فقط للحفاظ على قواعد الاشتباك مع تركيزها على البنيات العسكرية لجيش الاحتلال حتى عندما تم الرد على اغتيال فؤاد شكر – رئيس هيئة أركان الحزب-وضربت لأول مرة قاعدة 8200 المتاخمة لتل ابيب ..
غير أن هذا النفس الاعتدالي الصبور في ضبط إيقاع العمليات العسكرية ، والذي يظهر أنه ووجه بمقاومة من داخل الحزب وماكان ليستقر على امتداد 11 شهرا من الاشتباك لولا الكاريزما الخاصة التي يمثلها حسن نصر الله في وعي المقاومة .. فهم ( بضم الفاء )من قبل جيش الإحتلال الإسرائيلي على أنه سقف نهائي لمدى ما خططه الحزب من عمليات للمقاومة .. التي تروم فقط الضغط السياسي على حكومة الاحتلال بتهجيرها لكل مستوطني الشمال ولا تتطلع إلى منازلة شاملة معه خاصة مع تردد القيادة الإيرانية في الردّ الموعود على اغتيال اسماعيل هنية بظهرانيها .. هذا الحرص من قبل قيادة “حزب الله “على عدم الذهاب بالمنطقة إلى حرب مفتوحة وشاملة من شأنها جر الولايات المتحدة الأمريكية وحلف الناتو إلى الإنخراط المباشر والعلني فيها … استغله نتنياهو وحكومته لتنزيل سياسة تصفية قادة الصف الأول مع اطمئنانهما إلى أن ردّ الحزب لن يتجاوز المعهود من عملياته العسكرية ..بل قد تفضي إلى ارتباكه واضطراب قدرته ناهيك عن تدمير روحه المعنوية ..وهو ما ظهر جليا إثر اغتيال أمينه العام …ورافقه قصف مكثف للطيران الإسرائلي على امتداد قاعدة الحزب الاجتماعية بلبنان ..مع بداية تفعيل الاجتياح البري لجنوبه تقديرا منه على أن الحزب فقد المبادرة ولن يستطيع المجابهة …
بالموازاة مع انتشاء نتنياهو بإنجازاته وزهوه بقدرة إسرائيل على إعادة رسم معالم كل الشرق الأوسط بالحديد والنار … التفّ حزب الله على جراحه وجاءت كلمة نعيم قاسم – نائب الأمين العام – المفعمة بالألم والتحدي ، إيذانا على تحول حاسم في بنية الحزب وسياسته العسكرية … فقياداته الشابة والمتحفزة تخلصت بقوة الأشياء من اعتدال وصبر قيادته المؤسسة .. وافتتحت زمنها الجديد بقصف حيفا وتل أبيب كما أمطرت جيوش الاحتلال التي كانت تتحفز لاجتياح الجنوب بصواريخ استعملت لأول مرة .. في إشارة إلى طي سياسة الاعتدال مع اغتيال قائده .. وتكريسا لمبدا مواجهة الجموح الإسرائلي بجموح مماثل .. ولأا أحد بوسعه الان استشراف حجم التصعيد الذي ستغرق فيه المنطقة …في انتظار موعد الساعة الانتخابية الانتخابي الأمريكية .