الصحافي الامريكي بوب وودوارد يفضح المستور في كتاب جديد

أحمد رباص
في كتاب جديد، يروي بوب وودوارد، الحائز على جائزة بوليتسر مرتين، القصة الموحية والتي تجري اطوارها في ما وراء الكواليس لثلاث حروب – أوكرانيا والشرق الأوسط والصراع على الرئاسة الأمريكية. يُعد كتاب “الحرب” سردا حميميا وشاملا لواحدة من أكثر الفترات اضطرابا في السياسة الرئاسية والتاريخ الأمريكيين.
هنا نرى الرئيس جو بايدن وكبار مستشاريه في محادثات متوترة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. نرى أيضا دونالد ترامب، وهو يدير رئاسة ظل ويسعى لاستعادة السلطة السياسية.
من خلال تقارير لا مثيل لها مسربة من داخل الغرفة، يُظهر وودوارد نهج الرئيس بايدن في إدارة الحرب في أوكرانيا، وهي الحرب البرية الأكثر أهمية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، ومساره المعذب لاحتواء الصراع الدموي في الشرق الأوسط بين إسرائيل وجماعة حماس الإرهابية.
يكشف وودوارد عن التعقيد غير العادي والعواقب المترتبة على دبلوماسية القناة الخلفية في زمن الحرب وصنع القرار لردع استخدام الأسلحة النووية والانزلاق السريع إلى الحرب العالمية الثالثة.
تتسارع وتيرة الصراع السياسي الحاد مع استعداد الأميركيين للتصويت في نونبر 2024، بدء من الرئيس بايدن وترامب، وانتهاء بالارتقاء غير المتوقع لنائبة الرئيس كامالا هاريس كمرشحة ديمقراطية للرئاسة.
يقدم كتاب “الحرب” فحصا صريحا لنائبة الرئيس وهي تحاول تبني إرث بايدن وسياساته بينما تبدأ في رسم مسار خاص بها كمرشحة رئاسية.
مرة أخرى، يضع تقرير وودوارد معيار الصحافة في أكثر صورها موثوقية وتنويرا.
في كتابه الثالث والعشرين، “الحرب” (الذي ستنشره يوم الثلاثاء القادم دار سايمون آند شوستر للنشر)، يتعمق الصحفي الأسطوري بوب وودوارد، المتخصص في كشف فضيحة ووترجيت، في الدوائر الداخلية للبيت الأبيض في عهد بايدن، لفحص النفوذ الأميركي في الحرب بين روسيا وأوكرانيا، والصراع الإسرائيلي ضد حماس وحزب الله.
الأسرار موجودة دائما، وغالبا ما يكون لها ثقل هائل خاصة في العلاقات الإنسانية. ما الذي يفكر فيه القادة الرؤساء حقا بشأن بعضهم البعض؟ ما الذي يحدث خلف الكواليس والذي قد لا يلاحظه الآخرون أو يتخيلونه؟ ما هي القوى الدافعة التي قد لا يتم التعبير عنها أو رؤيتها؟
يقول الصحافي القدير والخير بشؤون بلاده إن إحباطات الرئيس بايدن وانعدام ثقته برئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو تراكمت لسنوات، وفي ربيع عام 2024 انفجرت أخيرا. ومن بين ما قاله بايدن عن رئيس الوزراء الإسرائيلي: “هذا الابن القذر، بيبي نتنياهو، هو رجل سيء. إنه رجل سيء للغاية!” هذا ما فاه به الرئيس بايدن في حديث خاص لأحد أقرب مساعديه، مضيفا أن نتنياهو “لا يهتم بحماس، بل يهتم بنفسه فقط”. وكان الرئيس منشغلا بالمرارة وعدم الثقة في نتنياهو، الذي قال إنه كان يكذب عليه بانتظام.
دمر نتنياهو منطقة غزة بأكملها، وقصف أحد أكثر الأماكن اكتظاظا بالسكان على وجه الأرض بما يقدر بنحو 45000 قنبلة. وكان ما يقرب من نصف سكان غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة من الأطفال دون سن 18 عاما، أي 47٪. مئات القنابل التي ألقيت على غزة من النوع الضخم الذي يبلغ وزنه 2000 رطل. وكانت المذبحة أشبه ببعض أسوإ عمليات القصف خلال الحرب العالمية الثانية. وواصل نتنياهو القول بأنه سوف يقتل كل عضو في حماس. وحاول بايدن إقناعه بأن ذلك مستحيل، وهدده سراً وعلناً بمنع شحنات الأسلحة الهجومية الأميركية إلى إسرائيل.
املا في امتصاص غضب بايدن، وعده نتنياهو بأن إسرائيل ستغير استراتيجيتها وستلاحق حماس بعمليات أكثر دقة وتركيزا. وهكذا تكررت عملية المطاردة الأكثر منهجية وصبرا التي استمرت لمدة عام للقضاء على مسلحي منظمة أيلول الأسود الفلسطينية الذين قتلوا 11 عضوا في الفريق الأوليمبي الإسرائيلي في ميونيخ عام 1972.
توقف إطلاق الصواريخ والمدفعية من دون استراتيجية واضحة، ولم يعد هناك المزيد من القنابل الضخمة التي تسقط على المناطق الحضرية. ولكن نتنياهو استمر في إصدار هذه الأوامر على وجه التحديد.
قبل السابع من أكتوبر، كانت الزعامة السياسية لنتنياهو في حالة يرثى لها. فقد واجه اتهامات جنائية بالنصب والرشوة، والتي تأجلت عدة مرات، وتعرض لانتقادات واسعة النطاق بسبب دفعه بإصلاحات قانونية وقضائية أضعفت استقلال القضاء الإسرائيلي. وكان نتنياهو على وشك الإطاحة به من منصبه كرئيس للوزراء.
ولكن بعد الهجوم الواسع النطاق الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر، في عهده، تجاهل نتنياهو الأسئلة المتعلقة بإخفاقات إسرائيل الاستخباراتية والأمنية الكارثية، وأعاد نفسه إلى الحياة كزعيم قوي في زمن الحرب. فقد احتشدت إسرائيل حول رئيس وزرائها. وكانت الحرب المستمرة بمثابة درع لنتنياهو.
وقال الرئيس بايدن لصديق له إن نتنياهو يعمل الآن بجد لإنقاذ نفسه سياسيا والبقاء خارج السجن.
وتساءل بايدن: “لماذا لم تحدث ثورة داخلية؟ ثورة داخلية قوية من أجل التصويت لإخراج بيبي من منصبه بطريقة أو بأخرى! فقط أخرجوه من هناك!”
ويذكر الكاتب أن الرئيس بايدن اشتكى بشدة من أن نتنياهو لم يقض وقتا طويلا في وضع خطة لغزة والمنطقة بعد انتهاء الحرب. وقد علم بذلك من خلال مكالمات متعددة آمنة مع نتنياهو والعديد من الاجتماعات التي أبلغ عنها بلينكن على مدار الأشهر الستة الماضية.