سوريا: المتمردون السوريون يسقطون الحكومة ويعلنون دخولهم إلى دمشق بعد انهيار دفاعات النظام

متابعة: تنوير
اعلنت قوات المتمردين في سوريا أنها دخلت دمشق، وصرح مصدر متابع للأحداث لإحدى وسائل الإعلام بأن العناصر المسلحة تتمركز في مواقع رئيسية من العاصمة. وقال المصدر: “عسكرياً، سقطت دمشق”، بعد أن اجتاح تحالف المتمردين البلاد في هجوم خاطف.
لا يوجد الرئيس السوري في دمشق، بحسب مصدر آخر، لكن المكتب الرئاسي السوري والمسؤولين الإيرانيين يؤكدون أنه لم يغادر العاصمة. وقال مسؤولون أميركيون لنفس الشبكة الإخبارية إن نظام الأسد قد يسقط قريبا. وقال المتمردون إنهم على اتصال بضباط كبار في نظام الأسد يفكرون في الانشقاق.
كما قال المتمردون السوريون إنهم “حرروا بالكامل” مدينة حمص، ثالث أكبر مدينة في البلاد، بعد أكثر من أسبوع من استيلائهم على حلب. وشوهد السكان وهم يمزقون صور الأسد في مشاهد تذكرنا بالاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية في المدينة خلال الربيع العربي قبل أكثر من عقد من الزمان.
في بيان صدر فجر اليوم الأحد، صرح مقاتلو المعارضة السورية الذين يقاتلون ضد حكومة بشار الأسد بأنهم سيطروا على سجن صيدنايا العسكري سيئ السمعة شمال دمشق. وجاء في البيان أن المقاتلين أزفّوا للشعب السوري خبر تحرير أسراهم وفك سلاسلهم وإعلان انتهاء عصر الظلم في سجن صيدنايا.
وكانت منظمة العفو الدولية قد أطلقت على صيدنايا اسم “المسلخ البشري” في تقرير صدر عام 2017 بعد توثيق عمليات الشنق الجماعي هناك على نطاق واسع. وفي يوليوز 2023، سلط تقرير صادر عن مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان الضوء على “استمرار أنماط التعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة على نطاق واسع ومنهجي، بما في ذلك حالات الاختفاء القسري” داخل مراكز الاحتجاز السورية بما في ذلك صيدنايا.
وأفاد بيان صدر صباح الأحد أن المتمردين السوريين يتجهون للسيطرة على مكاتب وسائل الإعلام الرسمية في دمشق. وجاء في البيان أن “قيادة العمليات العسكرية تتجه للسيطرة على مبنى الإذاعة والتلفزيون لبث إعلان النصر على الأسد”.
وفي وقت سابق من مساء يوم السبت، نشر التحالف المتمرد رسالة على حسابه الرسمي على تيليجرام يزعم فيها أن “قواته بدأت تدخل العاصمة”. وقال أحد سكان حي برزة في دمشق لمبكروفون الشبكة الإخبارية إن المتمردين موجودون في المنطقة وإن الاشتباكات تدور هناك.
وبالموازاة مع استمرار قوات المتمردين السوريين في تقدمها الخاطف نحو العاصمة، انتشرت مشاهد الفوضى داخل مطار دمشق في ساعة مبكرة من صباح الأحد بالتوقيت المحلي، وأظهرت بالفعل لقطات تحققت منها نفس وسيلة الإعلام عشرات الأشخاص وهم يمرون بسرعة عبر نقاط التفتيش الأمنية ويهرعون إلى بوابات المغادرة في محاولة للفرار من البلاد. وبدا المطار خاليا إلى حد كبير من الموظفين، ولم تظهر مواقع مراقبة الرحلات الجوية أي رحلات مغادرة وشيكة مقررة.
بعد مرور وقت وجيز، تأكد فعلا سقوط الحكومة السورية في صباح الأحد في نهاية مذهلة لحكم عائلة الأسد الذي استمر 50 عاما بعد هجوم مفاجئ شنته قوات المعارضة عبر الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة ودخلت العاصمة في عشرة أيام.
بث التلفزيون السوري الرسمي بيانا معززا بصور ظهرت فيها مجموعة من الرجال وهم يقولون إن الرئيس بشار الأسد قد تمت الإطاحة به وتم إطلاق سراح جميع المعتقلين في السجون.
وقال الرجل الذي قرأ البيان إن غرفة عمليات فتح دمشق، وهي جماعة معارضة، دعت جميع مقاتلي المعارضة والمواطنين إلى الحفاظ على مؤسسات الدولة في “الدولة السورية الحرة”.
وجاء هذا البيان بعد ساعات من تصريح رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان، وليد المعلم، بأن الأسد غادر البلاد إلى مكان غير معلوم، هاربا أمام المتمردين الذين قالوا إنهم دخلوا دمشق بعد التقدم السريع بشكل ملحوظ في جميع أنحاء البلاد.
وقال رئيس الوزراء السوري محمد غازي جلالي إن الحكومة مستعدة “لمد يدها” للمعارضة وتسليم مهامها لحكومة انتقالية.
وقال جليلي في بيان مصور: “أنا في منزلي ولم أخرج منه وهذا بسبب انتمائي لهذا البلد”، وأضاف أنه سيتوجه إلى مكتبه لمواصلة عمله في الصباح، ودعا المواطنين السوريين إلى عدم المساس بالممتلكات العامة.
ومع حلول النهار في دمشق، تجمعت الحشود للصلاة في مساجد المدينة وللاحتفال في الساحات، مرددين هتافات “الله أكبر”. كما ردد الناس شعارات مناهضة للأسد وأطلقوا أبواق السيارات. وفي بعض المناطق، دوت طلقات نارية احتفالاً.
غادر الجنود ورجال الشرطة مواقعهم ولاذوا بالفرار، واقتحم اللصوص مقر وزارة الدفاع.
وقال عمر ظاهر وهو محام يبلغ من العمر 29 عاما “مشاعري لا توصف. بعد الخوف الذي جعلنا (الأسد) ووالده نعيش فيه لسنوات عديدة، وحالة الذعر والرعب التي كنت أعيشها، لا أستطيع أن أصدق ذلك”.
وقال ظاهر إن والده قُتل على يد قوات الأمن، وشقيقه قيد الاعتقال، ومصيره غير معروف. وأضاف أن الأسد “مجرم وطاغية وكلب”.
وقالت غزال الشريف، وهي من المحتفلين في وسط دمشق: “لعنة الله عليه وعلى عائلة الأسد بأكملها. إنها دعاء كل مظلوم وقد استجاب الله له اليوم. كنا نعتقد أننا لن نراه أبدا، ولكن الحمد لله أننا رأيناه”.
وبدا مقر الشرطة في العاصمة مهجورا، حيث ترك بابه مفتوحا دون وجود أي ضباط بالخارج. وصوّر صحفي من وكالة أسوشيتد برس لقطات لنقطة تفتيش عسكرية مهجورة حيث تم التخلص من الزي الرسمي على الأرض تحت صورة لوجه الأسد. وأظهرت لقطات بثتها وسائل إعلام مرتبطة بالمعارضة دبابة في إحدى الساحات المركزية في العاصمة.
وكانت هذه المرة الأولى التي تصل فيها قوات المعارضة إلى دمشق منذ عام 2018، عندما استعادت القوات السورية مناطق على مشارف العاصمة بعد حصار استمر لسنوات.
وذكرت إذاعة “شام إف إم” الموالية للحكومة أن مطار دمشق تم إخلاؤه وتوقفت جميع الرحلات الجوية.
للإشارة، يتألف التحالف المتمرد في سوريا من فصائل إسلامية ومعتدلة، توحدت، رغم اختلافاتها، على محاربة نظام الأسد وتنظيم الدولة الإسلامية والميليشيات المدعومة من إيران.
وفي ما يلي بعض المجموعات التي تشكل الائتلاف:
– هيئة تحرير الشام: أبرز هذه الجماعات وأكثرها قوة هي هيئة تحرير الشام، المعروفة أيضًا باسم منظمة تحرير الشام. أسس هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني ، وهو قائد عسكري اكتسب خبرة كمقاتل شاب في صفوف القاعدة ضد الولايات المتحدة في العراق.
أسس جبهة النصرة، فرع القاعدة في سوريا، وظل يدير الجماعة حتى انشقاقها علنا في عام 2016 بسبب الاختلافات الإيديولوجية والمعارضة لتنظيم داعش. شكل الجولاني هيئة تحرير الشام في عام 2017.
ورغم جهود الجولاني لإبعاد هيئة تحرير الشام عن القاعدة وداعش، فقد صنفتها الولايات المتحدة ودول غربية أخرى كمنظمة إرهابية في عام 2018 ووضعت مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لكل من أتى إليها برأسه.
– الجيش الوطني السوري: يضم “الجيش الوطني السوري” عشرات الفصائل ذات التوجهات الإيديولوجية المختلفة والتي تتلقى التمويل والسلاح من تركيا.
يضم هذا التحالف الجبهة الوطنية للتحرير، التي تضم فصائل مثل أحرار الشام التي أعلنت أن أهدافها هي “الإطاحة بالنظام (الأسدي)” و”إقامة دولة إسلامية تحكمها الشريعة الإسلامية”.
وما يزيد الأمور تعقيداً هو أن بعض أعضاء التحالف المتمرد يقاتلون أيضاً القوات الكردية.
وقال الجيش السوري الحر المدعوم من تركيا الأسبوع الماضي إنه سيطر على مدينة تل رفعت وبلدات وقرى أخرى في الجزء الشمالي من محافظة حلب.
وكانت تلك الأراضي في السابق تحت سيطرة حكومة الأسد، وليس فصيل آخر مشارك في الحرب الأهلية متعددة الجبهات: قوات سوريا الديمقراطية.
تتكون قوات سوريا الديمقراطية إلى حد كبير من مقاتلين أكراد من مجموعة تعرف باسم وحدات حماية الشعب، والتي تعتبرها تركيا منظمة إرهابية.
وفي جنوب سوريا، انضم مقاتلون من الأقلية الدينية الدرزية في البلاد إلى القتال أيضاً، بحسب ما ذكرته مجموعة ناشطة محلية لنفس الشبكة الإخبارية.
ويقاتل الدروز في مدينة السويداء الجنوبية، المجاورة لمحافظة درعا، حيث تزعم قوات المعارضة أنها سيطرت على مدينة درعا.