“سوريا الجديدة”: مَقاتل السوريين والإعلام “شاهد الزور”

خلف اللحية المشذبة للجولاني، زعيم هيئة تحرير الشام المتحورة من داعش والقاعدة، يكمن الوحش الكاسر، الذي يتربص بالسوريين، الذين لم يعرفوا معنى الطوائف إلا بدخول جحافل الظلام تحت جناح الراعي الإمبريالي والكائن الوظيفي الحالم باستعادة مجد متوهم لأبشع خلافة.
لم يحلم السوريون كثيرا، حتى اختفت كل مظاهر الفولكلور الديمقراطي، وانطمست معالم سوريا الجامعة لكل أبنائها.
كان كبيرهم الذي علّمهم الإرهاب يوزع أحاديثا على الإعلام العربي والغربي حول التدبير التشاركي، بينما كان قادة “جنده” يمارسون الإرهاب في كل مكان. حاولت إدارة الإرهاب في دمشق أن تصور للناس أنها حالات منعزلة، ولكن طفح الكيل فخرج السوريون في أشكال سلمية احتجاجية، لكن تحمل نبرة التهديد للعصابات الإرهابية.
من يمسك بخيوط دماغ الجولاني أفتاه بتخريجة لعينة يمكن من خلالها سحق الشعب السوري تحت ذرائع متعددة.
قبل يومين صرّح وزير خارجية حكومة الأمر الواقع بدمشق قائلا بأنه على إيران ألا تتدخل في الشأن السوري وحملها مسؤولية أي فوضى تقع في البلاد. نسي الوزير أن إسرائيل احتلت 500 كيلومتر من الأراضي السورية ناهيك عن الجولان، التي ضمها بموجب قرار للكنيست، ونسي أن تركيا قررت إقامة قواعد لها والوجود الأمريكي ينهب نفط سوريا، ولكن كان يبحث عن مشجب يعلق عليه فشله.
أي أن الاحتجاجات التي سيقوم بقمعها يكون قد هيأ لها مبررا، إذ شرعت قنوات “النفط العربي” في ترديد لازمة “الإدارة السورية تشن حملة أمنية ضد خلايا إيران”، تم عادت لترويج لمسوغ آخر “قوات الأمن السورية تشن حملة اعتقالات ومواجهة مع فلول النظام السابق”. التبرير الذي قدمته وكالة الأنباء الفرنسية، التي اعترف أحد مراسليها أنه ينتمي لـ”الثورة”، هو أن الحملة تمت وسط الطائفة العلوية التي ينتمي إليها بشار الأسد، كي تبحث عن خيط علاقة بين انتفاضة شعب وبين النظام السابق، ناسية أن زوجة بشار سنية المذهب.
يلعب الإعلام دور “شاهد الزور” على مقاتل السوريين، الذين يتعرضون لحملة من أشنع الحملات، تحت تحريف خطير للحقائق بل تشتيت للأنظار من خلال “الضرب على الصحون” والتركيز على موضوع واحد بعيد عن الأحداث الحقيقية.
انتفاضة الشعب السوري تشمل كل الفئات والطوائف وهي تعبير عن تحدي المظالم التي تمارسها عصابات الإرهاب التابعة للجولاني، ومن باب العذر أقبح من الزلة أن أحد قادة التنظيمات المسلحة، التي أصبحت هي الأمن في سوريا، أن نسب الاعتداءات للمقاتلين الأجانب، دون أن يبرر وجودهم وما هو الغرض منه؟
يمكن أن تفتح قنوات “النفط العربي” وتليفزيونات الإمبريالية ووسائل إعلام “الخليفة الصغير” لن تعثر سوى على أن الإدارة الجديدة ستتعامل بحزم مع الفتنة التي تؤججها خلايا إيرانية أو فلول النظام السابق، وهذه مبررات كانت معروفة وليست بالشيء الجديد، لأن من يملي على الجولاني لا يريد خيرا لسوريا بتاتا، بدءا من تشكيل حكومته، التي هي أصلا حكومة إدلب نقلها إلى دمشق، حيث لم يشرك الجماعات الإرهابية، التي شاركته “الثورة” بل لم يشرك المجلس الانتقالي السوري وما يسمى قادة المعارضة.
ادريس عدار