وجهة نظر

الجيوسياسيا تليق بالنهضة….. والمقاومة./ الجزء الثاني -ذ عبد الواحد حمزة

كلمة الأستاذ عبد الواحد حمزة، رئيس الجمعية المغرببة للتنوير، كاتب عام فرع البسي و عضو مجلسه الوطني/ المغرب (الجمعة 13 دجنبر 2024).

ومن لايبتغي صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر(….)! هكذا خبرته الكاءنات سرا، و قالها وخلدها الشابي ابو القاسم، جهرا وشعرا، منذ الحقبة الكولونيالية المغاربية المشتركة، بيننا كمغارب، في وجه الاستعمار وبني جلدته، لاستخلاص الدروس و لرفع الهمم الاجتماعية والوطنية !! وقس على ذلك…..

الشعوب التي تكتفي بالمسيرات المدنية السلمية، وقد توظف فيها الاف المعطلين، وهي مهمة، لكن غير كافية، و البلدان التي لا تؤسس لمدرسة حربية اصيلة مستقلة الاركان، تخيف بها العدو والخصم من بعيد وقت السلم، لان الحرب تحضر وقت السلم وليس ابانها، و التي لا تجرؤ الخوض في حروب حاسمة وذكية…فهي شعوب ضعيفة ستجر الويلات والانكسارات والخيبات عبر الزمن، و هي التي لا يتقوى عودها، عود اقتصادها ومجتمعها وثقافتها وشخصيتها، ابدا. و هي بالذات الشعوب التي لاتقيس دوما نفسها مع خصومها واعداءها، منافسيها، و مع الدول التي توجد في وضعية احسن منها، فتخفي عنها طبعا اسرار قوتها، في العلم والمعرفة والتكنولوجيا …وهي التي لا تتطور، ابدا ….

هي هكذا بعض وصايا التاريخ السياسي العالمي، فضلا عن أبيات الشعراء و تفلسف الحكماء.

فهل بمكن ان نتصور زيغ الدفاع الوطني عن وظيفته، فيوجه الحاكم المتسلط العساكر إلى داخل االبلد، يوما، في وجه وصدر شعبه، فذلك ايضا من عجاءب امور البلدان الغير-متحضرة والغير- متقدمة، حتى أن نصيب شعوبها من العنف والقمع وازدراء الدكتاتوريات لها -على النمط الشرقي- فاق ويفوق كل التوقعات، و حيث الوان من الحكرة والإبادة والدفن الجماعي، يسجل عبر تاريخها السياسي الطويل، وحيث لم يستثني احداها ابدا، فكشف وجهها اللانساني- التعسفي بالبشرية، وعليها، جمعاء، فوق كرامة أهل البلد- الاصل، و هو المصير المتحتم الذي اكلم ويكلم العاءلات، قبل التعرف يوما على مقابر اهلها، أو من أجل التطبيق لتوصيات مصالحة لم تكتمل، بعد، الخ.

كلها أمور انقلبت معانيها في الغرب، قبل جحودها في بلدان التأخر والتبعية والاستبداد، فغياب الديموقراطية وحكم الشعب لنفسه بنفسه!. وحيث الحرية مسلوبة، يعوض ويسفه العنف والقهر، بكل أشكالهما الرمزية والمادية، مكارم الوعي والسلام والاحتكام للقانون، تماما كما يعوض تزييف وتحريف الإرادة الشعبية الحوار والتفاوض والحكمة!

وتوظف من اجل ذلك كله فزاعات كثيرة، كتهويل خطر الحرب والدمار والابادات الجماعبة، حقيقية كانت او مفتعلة، مزيدة او منقحة، حتى لا يستسهل احد “المغامرين” بطش الطغاة. وهم من يبلعوا ألسنتهم وقت سقوط فراعنة الاستبداد!! وبين الحدبن، سيجنحوا الى التدليس و البهتان، بوعي او بدونه، لتسيهيل عملية تبييض صيرورة إعادة إنتاج التراتبيات الاجتماعية- الطبقية والفءوية والمجالية -المناطقية والجهوية….المشوهة، طبعا.

و لاننا نود أن نطل على الجيوستراتيجيا من باب الحرب والصمود، فهو ما جعلنا نفترض أن بلدنا والمنطقة والعالم يعرف وضعا جيوستراتيجيا لا سابق له، يليق بنهضة مضادة، نهضة المغرب، و نهضة الأمة العربية- الاسلامية، من سباتها. لكنه موضوع متناقض النزعات والخصائص. فقوانين التاريخ انقلبت، أو هي وضعت قافلة التحرير على السكة الحق: فحرب الابادة المكرورة القاتلة لاسراءيل، مثلا، تواجهها المقاومة في جباليا، البارحة، بتحرير 12 معتقلا فلسطينيا من أيدي العدو.

كما أنه من غريب صدف التاريخ أن يعوم مفهوم “الإبادة المناطقية” على تاريخنا الراهن، كتلك التي عرفها مغرب 1958، في الريف الابي، أو في 1965، بالبيضاء وكبريات المدن المغربية، حيث مقابر جماعية ظلت مستترة إلى أن أطلقتها مناضرات هيءة الانصاف والمصالحة، دون أن تترجم لحد اليوم التوصيات -فعلا وأسفا- إلى قوانين، لكي لا يتكرر ما جرى، ويشق بلدنا طريق الحرية والكرامة، شقا نهاءيا.

كل تلك الابادات، هناك وهنا، لا تخلو من مقاومة وصمود ونضال، محفور ولا يزال في الذاكرات التحررية الوطنية، والقومية، والعالمية، هي اخر عصا الروح السنوارية!

اما الاستنجاد باحلاف، “غير مبدئية”، في السياسة، فكمن يقبض الماء ويصر الريح، فقد يتغيروا او يغيروا جلدتهم-صداقتهم، بتغير مصالحهم. ولا تدوم، صراحة، الا قوة وهيبة ومواقف الدول الحقيقية، المهابة والمستقلة في اتخاذ قراراتها الاستراتيجية…، اقتصاديا وسياسيا و دبلوماسيا وعسكريا….ولن تنفع في هذا كثيرا المديونية ولا استيراد عند السلاح عند الحاجة….الا لدى المغفلين، ….دون تنمية اقتصادية واجتماعية فعلية صاعدة!!

سنذكر بما قمنا به في القسم الاول من هذا العمل، على أساس أن نتطرق، في ما تبقى، إلى بعض موضوعات مختزلة، نتناولها بالتحلبل والنقد، على هامش ما تفضل به المعتصم( 2021/22) في كتابه حول جيوستراتيجية الدول.

II.1: تذكير بما كنا بصدده: قراءة في كتاب المعتصم حول التحولات الجيوستراتيجية الراهنة للدول

حاولنا في ما سبق بداية معالجة السياق والاشكالية التي جاء بها المؤلف، وهو الجزء الأول من هذه الكلمة- القراءة النقدية، ثم في الجزء الثاني حاولنا اقتناء -عمدا- بعض التيمات التي اثارها الكاتب، من تشعبها، والتي قصدناها و اعتبرناها دون التركيز المنهجي الكافي من طرفه على ابعاد و تداخل وتقاطع المعطيات الإحصائية- الجيوستراتيجية الدولية، أخذا بترابط وتداخل مصاءر كل من المغرب، بلدنا، مع باقي الأقطار، في العالم، وخاصة الجزاءر و فرنسا، على الاقل، بلاد الجوار جدا، وكحالة خاصة للدرس، وان اصبح “العالم قرية صغيرة”، حقا، مع من جمعتنا بهم على وجه الخصوص اقدار الجغرافيا والتاريخ وموضوعات السياسة، كالاستعمار القديم والجديد.

ولان موضوع الكتاب ظاهر من عنوانه، عميق ومتشعب في مبتغاه، كان من المفيد التعريف بداية بمفهوم الجيوستراتيجيا، كعلم اجتماعي سياسي، واعتماد تعريغها كتوجيه -عموما- للسياسة الخارجية لدولة ما، وهي تحدد اين ومتى وكيف تكثف جهودها، سواء من خلال تخطيط القوة العسكرية، او توجيه نشاطات الدبلوماسيا، أو هما معا، نتيجة تطور معتبر في العوامل الجغرافية، أو العوامل الجيوسياسية، أو لأسباب ايديولوجية، أو لمصالح مجموعات معينة، أو احيانا لرغبات قادتها.

وكان بدبهيا أن نركز على بعض أهم العوامل والأسباب والمصالح والرغبات التي تقود ألى تغيير اسلوب السياسة الخارجية للمغرب، أكان على المستوى العسكري أو الدبلوماسي…و لازلنا نتساءل هل لازالت العولمة تحفظ للدولة الوطنية بشيء من دورها الكلاسيكي، أو هي أصبحت في خدمة الدولة الكوكبية، ام ان بعض هذه الكيانات انمحت أو هي في طريق ذلك.

ذلك ماتوحي به التحولات الجيوستراتيجية الدولية، و هيمنة و سيطرة و”تدمير خلاق” من طرف حكومة/دولة عالمية “صعلوكة voyou etat، كالولايات المتحدة الامريكية، و سيادة اقطاب دولية محدودة متضاربة المصالح من أجل السيطرة والتحكم في مقدرات العالم والاقطار والمناطق والانسان…

و تساءلنا هل هناك من دول أخرى مرشحة للصعود الدولي، وباي تراتبية وهيمنة وتحالفات دولية، بينها، من حيث الوزن والهبة/ الكاريزما والمواقف الاستراتيجية، واي ادماجات محتملة واي تجزيءات ممكنة، خاصة وأن منها كيانات هشة، مصطنعة، لا ترتقي صراحة لصف الدول، بمعناها العلمي الاجتماعي ،…، ومن تم، فهي لاشك كيانات مرشحة للاندثار في القريب العاجل جدا…!!

واقتصرنا على بلدان لنا معهم، كمغرب، تاريخ وجغرافيا وسياسة مشتركة- ممتدة متداخلة او محايثة او متصارعة، نتكلم عن الجزاءر وفرنسا،..،بالذات، ولن يتم الحديث عن دونهما من الامصار الاخرى، بالرغم من أهمية بعضها ودور بعضها الآخر الحاسم في السياسة الدولية، كالولايات المتحدة، او الصين او الروس، مثلا، الا مرورا و لماما، ومن وراء جدار.

ولاحضنا بعض هوس التلويح المرضي- النفسي بالحرب واذكاء القلاقل واختلاق العداوة الرخيصة والبغضاء اللعينة بين الشعوب، شعبينا، الجزاءر والمغرب.

ففضلا عن يد الدول العضمى، كروسيا، في ابعاد وتخفبف التوتر من حدودها مع اوكرانيا، وكادت أن تؤجج الحرب عنوة بين الاخوة، ما يهمنا هو التركيز على تفاعلات الداخل الاجتماعي السياسي لبلادينا. انها إحدى آليات الحكم بموضا الفوضى الخلاقة/ الهدامة، وما تسمح به من إنعاش جدلية اجتماعية وطنية وإقليمية ودولية سياسية عقيمة، لاتلبت أن تضغط كي يراوح اهلها مكانهم. انها تفاعلية بءيسة تخدم استقرار انظمة سلطوية استبدادية كارثية، مدعمة من الخارج، ودول/ كيانات ضعيفة، تابعة و اوتوقراطية ومتخلفة في المنطقة…

عالجنا بعض العقائد الحربية، الأمريكية منها والصينية- الروسية، خاصة، كعقيدة لاستيراتيجية وتكتيك مرنين، على الطريقة الصينية، تقتضيهما ضرورة التموضع بسلاسة في المجال الجيو ستراتيجي التنافسي الدولي، وفي التحالفات الدولية، وكيف تعتمدها عادة دول توافة للصعود، كالبلاد النصف- مصنعة، وامبراطوربات قديمة صاعدة، كتركيا وايران….

وكذا آثرنا ما تثيره فزاعة- ايديولوجية الحرب والدمار ، المسلط على الرقاب، مثال سوريا وليبيا وغزة، ….، وما اسميناه “وضعية اللاحرب”، من تخويف وهلع لدى الرعايا/ المواطنين/ات ، تخويفا من إعادة دمار/ تدمير البلاد، في ما الامور هي معاودة ترميم و إصلاح بعض الأنظمة الاستبدادية، الراهنة وتأجيل انهيارها، لاغير. إنها الكيانات الموضوعة اليوم على رأس “الدول” المهددة بعاصفة الطوفان و بالانقراض وإعادة ترتيب التراب والحكم في العالم.

مراجع:

.المصطفى المعتصم، دول في مهب التحولات الجيوستراتيجية، 2021/22، المغرب،

.كيبيل جيل، انقلاب العالم، ما- بعد السابع من أكتوبر، 2024، باريس، فرنسا،

. زكية داوود، المغرب- فرنسا، أكاذيب وأحكام مسبقة، 2024، لاكروا دي شو مان… المغرب،

. مجلة زمان، عدد خاص 78 عن الجزاءر، 2021، المغرب،

.احمد الطالبي المسعودي الجزاءر، حكاية عشق، 2023، المغرب،

.سعد بنسعيد في حوار نفسي اجتماعي مع مجلة صوت المغرب الرقمية، 2024، المغرب،

. خطاب ملك المغرب، اكتوبر، 2017، حول فشل النموذج التنموي والتطلع إلى نموذج تنموي جديد، البرلمان، المغرب، انظر ايضا الخطاب الاخير للملك بمناسبة افتتاح البرلمان، اكتوبر، 2024.

. ندوة الاعتقال السياسي بالمغرب بين رد الاعتبار وطي صفحة الماضي، 26 أكتوبر 2024، تمارة، المغرب.

.حمودي عبد الله، حوار ، حول باسكون بول والعلوم الاجتماعية، المجلة الرقمية “صوت المغرب”، اكتوبر، 2024، انظر ايضا درسه الافتتاحي الثاني بمركز الجابري عابد محمد، أي علوم إجتماعية نريد!؟ نوفمبر، الرباط، المغرب، 2024.

. ابراهيم ياسين، سلطة مغربية في غرب الجزاءر، دراسة تاريخية 1830 – 1832, المغرب، 2015.

.ندوة الحراك الشعبي، الريف نموذجا، الحزب الاشتراكي الموحد، الاحد 22 دجنبر 2024، تمارة، المغرب.

. ع. الرحمن زكري، مقدمة- عتبة العدد 17, مجلة الربيع، مركز بنسعيد.. ، 2024، المغرب،

.محمد الزهراني، الربط الاندماجي بين المغرب وموريتانيا في “نظام فيدرالي مشترك”، هسبريس، الجمعة 29 مارس، 2024.

.سان تزو، فن الحرب، فلاماريون، باريس، 1999،

.بوب وود ورد، الحرب، 2024، باريس، فرنسا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى