وجهة نظر

أحمد الريسوني ومقاصد “الفتح الشيطاني” لسوريا-ذ.إدريس عدار

أفصح أحمد الريسوني، الرئيس السابق للاتحاد العالمي للعلماء المسلمين، عن الخلفيات التي لم يفصح عنها الإسلاميون في التهليل لسوريا الجديدة، مختفين تحت عبارات مساندة الشعب السوري و”الثورة السورية”، حيث قال “إن علاقته بالقضية السورية تعود إلى سبعينات القرن الماضي”*، عندما قدم عدد من الطلاب السوريين إلى طنجة (لم يكن فيها مؤسسة جامعية آنذاك) والدارالبيضاء والرباط، حيث زعم أنهم كانوا ينقلون إليهم مآسي ما يجري هناك، وخصوصا مجزرة حماة وجسر الشغور.

يذكر أن أحداث جسر الشغور جرت سنة 1980 بين الجيش العربي السوري وجماعة الإخوان المسلمين، طبعا الريسوني لن يذكر الأسباب، وكل الكتب التي أرخت لهذا الحادث، تقول بأن المواجهة بدأت بعد أن هاجم مسلحو الجماعة ثكنات عسكرية ومقرات لحزب البعث، اما حماة، التي سماها مجزرة وسكت، فقد تحدث عنها كثيرون، وجرت أحداثها سنة 1982.
اندلعت أحداثها بعد أن أعلنت الجماعة إقامة إمارة إسلامية، وشرعت في تطبيق شرع اليد تجاه موظفي الدولة وعناصر الجيش، وكانت الجماعة تتوفر على إذاعة وُضعت رهن إشارتها في لندن، ولكل من يريد معرفة من الداعم فليبحث عن ثمن البث حينها، وبغض النظر عن الموقف من النظام حينها، فهل تقبل دولة كيفما كانت أن يوجد داخلها تنظيم مسلح.

وكانت “الطليعة المقاتلة في سوريا”، التي يعتبرها كثير من المؤرخين، أنها الجناح المسلح لجماعة الإخوان المسلمين، أطلقت عملياتها من بداية السبعينات من القرن الماضي، وهذا ما كان في تلك السبعينات التي لم يفصح الريسوني عما قيل له عنها.

ما أفصح عنه الريسوني هو الخلفية التي تؤطر موقف جماعات “الإسلام السياسي” مما جرى في سوريا، حتى وأن الحاكم الجديد لدمشق ينفض يده من قضية فلسطين.
وأردف الريسوني قائلا إن ما جرى فاجأ الجميع، والتغيير الذي وقع هو فتح من الله على المسلمين، والإرهابي الجولاني نفسه تسمّى بالفاتح وكانت جبهة النصرة قبل تأسيس هيئة تحرير الشام تسمى هيئة فتح الشام، وأغلب الإسلاميين تحدثوا عن فتح سوريا أو دمشق، لكن لا نعرف ما هي معايير الفتح الإسلامي؟

وتبين أن الريسوني له خرم كبير على مستوى الاعتقاد حيث وصف سيطرة الجماعات الإرهابية على دمشق بأنه أمر “ما به يُعرف الله”، وهذا الأمر خطير جدا لأن الله يُعرف بالسنن التي بثها في الكون، ولا يمكن أن تكون حركة مضطربة عنوانا للدلالة على الله إلا من باب أخذ العبرة. حركة لم تفصح لحد اليوم عن خلفياتها وعن نمط الدولة الذي تريد تأسيسه، ولم تجعل القضية الفلسطينية رهانا لها، بل إنها لم تتحدث عن الاحتلال “الإسرائيلي” الجديد لحوالي 500 كيلومتر مربع من الأراضي السورية ناهيك عن السكوت المطبق عن الجولان المحتل، الذي كان الكيان المؤقت قد أعلن أنه ضمه بصفة نهائية ووافقه الأمريكي على ذلك.

فهل الفتح بمعناه الإلهي يكون مصحوبا بضياع السيادة والأرض؟ هل هذه هي المقاصد، التي ظل يرددها الإعلام الوظيفي؟ أليست هذه مقاصد “الفتح الشيطاني”؟

وأظهر الريسوني جهلا واسعا بالتاريخ القريب، وهو يتحدث عن الفتح الذي أطاح بالنظام السوري، الذي وصفه بالبعثي الطائفي. وقال إن نظام حزب البعث الذي أسسه حافظ الأسد والذي كان يهمين على العراق ومصر ويمتد إلى موريتانيا نظام استبدادي. فالبعث أسسه ميشال عفلق وحكم سوريا قبل الحركة التصحيحية سنة 1970، والبعث العراقي كان على تناقض مع البعث السوري، بل إن سوريا كانت حليفة لإيران في حرب الثماني سنوات، ومصر عرفت الحركة الناصرية، التي تختلف عن البعث في قضايا كبرى.

أما وصف النظام بالطائفي فتحاج إلى وقفة ليس هنا مجالها، ولكن في إشارة سريعة كان النظام السابق يضم كافة السوريين، الذين لم يشعروا بالتمييز وفق الانتماء للطائفة، فالرئيس السابق بشار الأسد كان علويا وزوجته سنية، وكثير من قادة الجيش والوزراء من الطائفة السنية ومن المسيحيين والدروز.

وبما أن “الثورة” تأتي على نقيضها، لم يحدثنا فقيه المقاصد الإخوانية عن الطائفية، التي هي عنوان الهيمنة اليوم بكافة التراب السوري، حيث يتم سحل وقتل المواطنين على الهوية، والشعارات المرفوعة خير دليل على ذلك.

*تصريح أدلى به لموقع إطلالة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى