اقتصاد
الكوارث الطبيعية: ظواهر كونية أم رسائل إلهية؟-هشام فرجي

تُعد الكوارث الطبيعية من الظواهر التي رافقت البشرية منذ الأزل، وهي جزء من النظام الكوني الذي يخضع لقوانين محكمة. ورغم التفسير العلمي الذي يُرجع أسباب هذه الكوارث إلى تغيّرات جيولوجية أو مناخية، إلا أن الجانب الإيماني يثير تساؤلات عميقة حول أبعادها ودلالاتها الروحية. فهل الكوارث مجرد ظواهر طبيعية؟ أم أنها رسائل تحمل تحذيرًا أو اختبارًا أو عقابًا إلهيًا؟
التفسير العلمي للكوارث الطبيعية
علميًا، تُعتبر الكوارث مثل الزلازل والبراكين والفيضانات جزءًا من النظام البيئي الذي يهدف إلى تحقيق توازن الأرض. فمثلاً، تحدث الزلازل نتيجة حركة الصفائح التكتونية في القشرة الأرضية، بينما تتسبب الفيضانات بفعل تغيّرات مناخية أو أمطار غزيرة. هذا التفسير العلمي يساهم في فهم الظاهرة واستباق حدوثها أحيانًا، لكنه يبقى عاجزًا عن تفسير الأثر العميق الذي تتركه هذه الكوارث في النفوس.
البعد الإيماني: رسائل إلهية؟
على الجانب الروحي، لا يرى المؤمنون في الكوارث الطبيعية أحداثا عشوائية، بل يعدونها رسائل تحمل معاني ودلالات إلهية. ويمكن النظر إلى هذه الرسائل من عدة زوايا:
1. تحذير وتنبيه: قد تكون الكوارث بمثابة جرس إنذار يذكّر الإنسان بضعفه وزيغه عن الطريق الصحيح وحاجته للعودة إلى الله، كما قال تعالى: “وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا” (الإسراء: 59).
2. عقاب للأمم الظالمة: أشار القرآن الكريم إلى أمم سابقة أهلكتها الكوارث نتيجة فسادها وظلمها، مثل قوم عاد وثمود.
3. اختبار للمؤمنين: الكوارث قد تكون امتحانًا لمدى صبر الإنسان وإيمانه، كما في قوله تعالى: “وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ…” (البقرة: 155).
تُظهر الكوارث ضعف الإنسان أمام قوة الطبيعة، وتعيده إلى جوهره البسيط بعيدًا عن مظاهر التكبر والغرور، حيث تعتبر هذه اللحظات ما يدفع البشرية للتأمل في حكمة الله وعظمته، وتُبرز الحاجة إلى التواضع و الامتثال.
الجمع بين التفسير العلمي والبعد الإيماني يمنحنا فهمًا متوازنًا لهذه الظواهر. فبينما يسعى العلم لفهم أسبابها والحد من آثارها، يذكرنا الإيمان بأن كل ما يحدث في الكون هو ضمن إرادة إلهية حكيمة وخطا ربانية محكمة.
وأخيرا لا يمكننا اعتبار الكوارث الطبيعية عبارة عن أرقام وإحصاءات عن الدمار والخسائر فحسب ، بل هي دعوة إيمانية للتأمل والتذبر والتعلم والتغيير الإيجابي من حال أسوء إلى آخر افضل، سواء على مستوى الفرد أو المجتمعات.