عزيز الحنبلي -تنوير
يعاني قطاع الصحة بإقليم برشيد من وضعية متأزمة، تستدعي تدخلاً عاجلاً وشاملاً لتحسين الخدمات الصحية لسكان الإقليم .
برشيد كإقليم وسط جهة الدار البيضاء سطات، محسوب على “المغرب النافع ” ب 212 483 نسمة ، 43.6٪ منهم يعيشون في المناطق الحضرية (عدد ساكنة مدينة برشيد هو 168،687و عدد الأسر البرشيدية هو 44011 أسرة ) و الباقي قروية .
فعلى الرغم من الجهود الوطنية التي تهدف إلى تحسين جودة الخدمات الصحية ، وتعزيز الحماية الاجتماعية، إلا أن الواقع في برشيد يعكس صورة مغايرة.
تواجه المنظومة الصحية في الإقليم تحديات عديدة، أبرزها ضعف البنية التحتية الصحية، بما في ذلك محدودية طاقة الاستقبال في المستشفيات والمراكز الصحية، وغياب التجهيزات الطبية الضرورية. كما يعاني الإقليم من نقص حاد في الموارد البشرية المؤهلة، مما يؤدي إلى تدهور جودة الخدمات المقدمة، وصعوبة تلبية احتياجات السكان المتزايدة.
يضم إقليم برشيد” مستشفى الرازي إلاقليمي” ، و الذي يعرف توافد المرضى عليه من مختلف الجماعات التابعة للإقليم ( 22 جماعة ) قصد التطبيب.
يحتوي على 45 سرير ، في حين وجب توفر المؤسسة على الاقل 245 سريرا . و يعاني من نقص مهول في عدد العاملين و الاطباء ،اذ وجب توفير 168 طبيب أي ما يعادل طبيب واحد لكل ألف مواطن،وسبق للوزير السابق ان اكد أن مصلحة أمراض النساء والتوليد بالمستشفى الإقليمي تتوفر على 13 سريرا، إلا أنها تفتقر لأطباء في الولادة و من انعدام التجهيزات بكل من قسم المستعجلات والولادة .

يعاني المستشفى من مشكل توفير جهاز “سكانير” وماصاحبه من اعطاب ، إذ يضطر المرضى إلى التنقل صوب مدينة الدار البيضاء من أجل الفحص بالأشعة، مشددين على ضرورة إخراجه للوجود و اصلاحه.
ويعاني المرضى من مشكل المواعد المعلقة ، كما هو الحال بقسم المستعجلات الذي يعرف خصاصا حادا على مستوى الموارد البشرية، وكذا كثرة الغيابات بسبب مغادرة عدد من الأطباء، إما بسبب الانتقال إلى مدن أخرى أو التقاعد، ومشكل الاكتظاظ بالمراكز الصحية بتراب الإقليم، بالإضافة إلى غياب مشاريع تهم إقليم برشيد( بعض المشاريع مازالت في الاوراق )، وخاصة مشاريع تهم تأهيل البنية التحتية الصحية بالإقليم.
أحد أبرز الأمثلة على هذا الوضع هو المستشفى الإقليمي للطب النفسي، الذي كان يومًا ما يعتبر نموذجًا للرعاية الصحية النفسية في المغرب. حيث يحتوي على حوالي 240 سرير، وهو اليوم يعاني من تدهور كبير في خدماته، سواء على مستوى البنية التحتية أو التجهيزات أو الموارد البشرية، مما أدى إلى زيادة أعداد المرضى النفسيين الذين يعيشون في الشوارع دون أي رعاية تُذكر، وهو ماترتب عنه انتشار الحمقى في كل شوارع وازقة المدينة .
تحوّلت مدينة برشيد مؤخراً إلى وجهة لاستقبال أعداد متزايدة من المشردين والمصابين باضطرابات عقلية، والذين يتم نقلهم من مدن مجاورة غالباً تحت جنح الظلام .
وسبق ان نظم مؤخرا عدد من المواطنين الذين يعانون من أمراض نفسية مختلفة مصحوبين بأفراد من أسرهم، وقفة احتجاجية أمام عمالة إقليم برشيد، بسبب غياب الأطباء بالمستشفى الإقليمي للطب النفسي. فالطبيب النفسي الوحيد يتولى هو نفسه إدارة المستشفى بسبب النقص المهول في الموارد البشرية،كان قد خرج في عطلته السنوية، ما جعل المركز الصحي يبقى بدون أي طبيب.

وهنا لا ننسى التذكير بالاعتداء الشنيع الذي تعرضت له تلميذة في طريقها إلى ثانوية ابن رشد ببرشيد من طرف مختل عقلي الذي على اثره اصدرت التنسيقية الإقليمية لفعاليات وهيئات المجتمع المدني بإقليم برشيد بيانا تحمل المسؤولية الكاملة للسلطات المحلية والإقليمية في ترك الأشخاص المختلين عقليًا يتجولون بحرية في شوارع المدينة ليلاً ونهارًا دون اتخاذ أي إجراءات وقائية لحماية الساكنة.
بالإضافة إلى واقعة غريبة لامرأة تعاني من اضطرابات نفسية اقتحمت حمام شعبي للنساء ببرشيد واعتدت عليهم بالضرب وسكب الماء الساخن .
ولا بد من الاشارة انه بالإضافة إلى المستشفى الاقليمي،و مستشفى الطب النفسي يبقى القطاع الخاص المهيمن على العرض المتوفر في هذا المجال بنسبة 59٪ بطاقة استيعابية مجملة تصل إلى 64 سرير .
إلى جانب ذلك، يشتكي سكان الإقليم من انتشار المحسوبية والزبونية في الحصول على الخدمات الصحية، مما يزيد من تفاقم الوضع الصحي ويضعف ثقة المواطنين في المنظومة الصحية.خصوصا و ان المستشفى الإقليمي يصبح غرفة للتسجيل و محطة لعبور المرضى نحو المستشفى الإقليمي بسطات ومستشفيات الدار البيضاء، وبعض المصحات الخاصة .
في ظل هذه الظروف، أصبح من الضروري تدخل كل الجهات المحلية الاقليمية و الجهوية و المركزية لوضع خطة شاملة لإصلاح قطاع الصحة في إقليم برشيد. يجب أن تشمل هذه الخطة تعزيز البنية التحتية الصحية، توفير الموارد البشرية اللازمة، وتحسين جودة الخدمات الصحية المقدمة. كما ينبغي إيلاء أهمية خاصة للرعاية الصحية النفسية، من خلال تأهيل المستشفى الإقليمي للطب النفسي وضمان عودة دوره الأساسي في تقديم خدمات صحية نفسية متكاملة.
إن ضمان الحق في الصحة لسكان إقليم برشيد يتطلب تضافر الجهود بين السلطات المحلية والمركزية، والعمل على تنفيذ تدخلات عاجلة وفعالة لتحقيق العدالة الصحية وتحسين حياة المواطنين.
زر الذهاب إلى الأعلى