نتنياهو يصف اقتراح ترامب بشأن غزة بـ”الثوري”

أخمد رباص
وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يوم امس الأحد، اقتراح الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسيطرة الأميركية على قطاع غزة وتشريد الفلسطينيين بأنه “ثوري”، وبدا عليه نبرة الانتصار خارج مكتبه بعد عودته من واشنطن.
رغم دخول الهدنة بين إسرائيل وحماس حيز التنفيذ في 19 يناير الماضي في الأراضي الفلسطينية التي دمرها صراع دام 16 شهرا، اندلع عقب هجوم حركة المقاومة على الأراضي الإسرائيلية يون 7 أكتوبر 2023، ما تزال التوترات الدبلوماسية مرتفعة في فترة ما بعد الحرب.
أثار إعلان دونالد ترامب مؤخرا عن خطة للولايات المتحدة للسيطرة على غزة ونقل سكانها إلى مصر أو الأردن إدانة دولية ووجه ضربة لاتفاق وقف إطلاق النار الهش بالفعل. وبينما تحاول بعض الدول العربية بناء مواقف معارضة لأي تهجير قسري لسكان غزة والتنسيق من أجل تقديم رد مشترك على الخطة الأميركية، بدا نتنياهو وكأنه يشير في مقابلة أجريت معه يوم الخميس إلى إمكانية إنشاء دولة فلسطينية على الأراضي السعودية، مما أثار غضب الرياض.
في هذه الأثناء، أكملت إسرائيل في غزة انسحابها يوم الأحد من ممر نتساريم الذي يقطع القطاع من الشرق إلى الغرب، مما أدى إلى اصطفاف أعداد ضخمة من الفلسطينيين في طوابير طويلة عائدين إلى منازلهم في الشمال والجنوب في عربات محملة بالأمتعة.
وقال مسؤول في وزارة الداخلية التي تديرها حماس إن “القوات الإسرائيلية قامت بتفكيك مواقعها ونقاطها العسكرية (…) في ممر نتساريم”، مما سمح للعربات بالتنقل بحرية. وقد تم إعادة فتح هذا الممر، الذي تم إنشاؤه في ديسمبر 2023، في نهاية يناير الأخير، ما سمح بالفعل لمئات الآلاف من النازحين بالعودة إلى شمال الإقليم.
في أحد الأحياء بشمال غزة، وجد المواطن محمود السرحي منزله مدمراً. لكن رغم انسحاب القوات الإسرائيلية، لا يشعر الرجل البالغ من العمر 44 عاماً بالأمان. وقال في تصريح صحفي: “المنطقة غير صالحة للحياة الطبيعية. الأمر خطير للغاية”. وتأتي إعادة فتح المعبر بعد يوم من إتمام عملية تبادل خامسة للأسرى الإسرائيليين في غزة مقابل سجناء فلسطينيين تحتجزهم إسرائيل.
وقال مسؤول كبير في حماس إن إسرائيل ستنسحب من ممر نتساريم بعد التبادل الخامس، بموجب شروط المرحلة الأولى الممتدة لستة أسابيع من اتفاق التهدئة.
استنادا إلى بيانات إسرائيلية رسمية، أسفر هجوم حماس في السابع من أكتوبر 2023 عن مقتل 1210 شخصا من الجانب الإسرائيلي، معظمهم من المدنيين. وبلغ إجمالي عدد المختطفين في ذلك اليوم 251 شخصًا.
في المقابل، أدى الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة إلى مقتل 48181 شخصا على الأقل، معظمهم من المدنيين، وفقا لبيانات تعتبرها وزارة الصحة التابعة لحماس موثوقة.
تم يوم السبت الاخير إطلاق سراح ثلاثة رهائن إسرائيليين كانوا يعانون من ظروف بدنية صعبة، في عملية تبادل جديدة نظمتها حماس، مقابل إطلاق سراح 183 فلسطينيا. في تزامن مع ذلك، استنكر بنيامين نتنياهو “الصور المروعة” ووعد مرة أخرى “بالقضاء” على حماس وإعادة الرهائن الذين لا يزالون محتجزين في غزة.
وقالت عائلة ألون أوهل (23 عاما)، أحد الرهائن الذين ما زالوا محتجزين في غزة، بعد أن تلقت من الأسرى السابقين المفرج عنهم مؤخرا إشارة أولى تدل على أنه ما زال على قيد الحياة، إن “إطلاق سراح الرهائن لا يمكن أن يتأخر”. ويذكر بهذا الصدد أن 73 رهينة ما زالوا محتجزين في غزة، لقي 34 منهم على الأقل حتفهم، بحسب الجيش الإسرائيلي. ومن جهتها، نددت حركة حماس بما وصفته بـ”القتل البطيء” للمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال، بعد نقل سبعة منهم إلى المستشفى.
في واشنطن التقى نتنياهو وترامب، الحليفان القديمان، هذا الأسبوع لمناقشة قضايا ما بعد الحرب. وقال رئيس الوزراء يوم الأحد: “جاء الرئيس ترامب برؤية مختلفة تماما وأفضل بكثير لإسرائيل – مقاربة ثورية وإبداعية”.
وأكد أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب “عازم بشدة على تنفيذها”، وأن محادثاتهما أدت إلى “نتائج استثنائية”. وفي وقت سابق على هذه التصريحات، أعلن نتنياهو إرسال مفاوضين إلى قطر، الدولة الوسيطة الرئيسية، لبحث استمرار التهدئة.
وقال القيادي السياسي في حركة حماس باسم نعيم لإحدى وكالات الأخبار يوم السبت إن إسرائيل “تعرض” وقف إطلاق النار “للخطر” وإنه “قد ينهار”. وقال الدفاع المدني أيضا إن القوات الإسرائيلية قتلت بالرصاص ثلاثة مدنيين في مدينة غزة يوم الأحد، فيما قال الجيش إنه أطلق “طلقات تحذيرية” على فلسطينيين اقتربوا من قواته.
ومن المفترض أن تؤدي المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار إلى إطلاق سراح جميع الرهائن ونهاية نهائية للحرب، قبل المرحلة النهائية المخصصة لإعادة إعمار غزة.
منذ بدء الهدنة، تم إطلاق سراح 16 رهينة إسرائيليا، بالإضافة إلى خمسة تايلانديين (دون اتفاق)، مقابل إطلاق سراح 765 أسيراً فلسطينياً.
في هذا السياق الدولي الذي استحدثته خطة ترامب المقترحة، غادر وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، يوم أمس الأحد، إلى واشنطن، في حين من المتوقع أن يزور وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو الشرق الأوسط الأسبوع المقبل.