اليوم العالمي لحقوق النساء: نضال مستمر من أجل العدالة والمساواة

رشيد أيت الساغ – فاعل سياسي وإعلامي
يحتفي العالم في الثامن من مارس من كل عام بـ “اليوم العالمي لحقوق النساء”، وهو ليس “عيد المرأة” كما يروج له البعض، بل هو محطة نضالية تؤرخ لمسار طويل من الكفاح من أجل تحقيق العدالة والمساواة والكرامة الإنسانية للنساء عبر العالم.
يعود أصل هذا اليوم إلى سنة 1917، حين خرجت النساء العاملات في مدينة بتروغراد (سانت بطرسبورغ حاليًا) إلى الشوارع مطالبات بتحسين أوضاعهن الاقتصادية والاجتماعية، وساهمت هذه الاحتجاجات في إشعال شرارة الثورة الروسية. غير أن هذه اللحظة لم تكن سوى امتداد لموجات متعاقبة من النضال النسائي، بدءًا من إضرابات العاملات في مصانع النسيج في نيويورك عام 1857، إلى انتفاضات النساء في أوروبا وأمريكا دفاعًا عن حقوقهن.
في المجتمعات الرأسمالية الحديثة، تحاول الشركات الكبرى والمؤسسات التجارية تسليع هذا اليوم وتحويله إلى مناسبة استهلاكية عوض أن يكون لحظة تأمل ونضال. يتم الترويج للهدايا والورود وكأن الأمر يتعلق بعيد احتفالي، في حين أن الحقيقة أعمق وأبعد من ذلك بكثير.
فلا تزال النساء في مختلف بقاع العالم يعانين من التمييز الاقتصادي، والاضطهاد السياسي، والعنف الجسدي والنفسي، إضافة إلى ضعف التمثيلية في مواقع القرار. في بلدان الجنوب، وعلى رأسها المغرب، ما زالت النساء في القرى والمناطق المهمشة يرزحن تحت وطأة الفقر والأمية، ويعانين من غياب الحقوق الأساسية كالتعليم والصحة والعمل اللائق.
إن النضال من أجل حقوق النساء ليس مناسبة سنوية عابرة، بل هو معركة يومية تتطلب وعيًا مستمرًا وتعبئة دائمة. الاحتفاء الحقيقي بهذا اليوم يكون عبر دعم النساء في معاركهن من أجل المساواة، ومحاربة جميع أشكال العنف والتمييز، وإقرار سياسات عمومية منصفة تضمن لهن العدالة الاجتماعية.
لذلك، وجب علينا جميعًا كفاعلين سياسيين، وإعلاميين، ومجتمع مدني، أن نحول هذا اليوم إلى فرصة لإحياء روح النضال الجماعي، واستلهام دروس التاريخ لمواصلة مسيرة التغيير. فلا كرامة لمجتمع يُقصي نصفه، ولا عدالة في وطن تُهمش فيه النساء.