وجهة نظر

وقفة مع الإعلان الدستوري: هل يخاف أبو محمد الجولاني من الشعب السوري؟

إدريس عدار

لماذا لا يلجأ أبو محمد الجولاني إلى الآليات الانتخابية لترسيخ شرعيته؟ هل يخاف من الشعب السوري؟ أليست مدة خمس سنوات طويلة جدا؟ ولماذا سمى نفسه رئيسا دون انتخاب بينما نظراؤه يسمون أنفسهم رئيس مجلس الدولة أو رئيس مجلس الثورة؟
اختار الجولاني اللون الوحيد في كل شيء.
أعلن نفسه رئيسا بمباركة الجماعات المسلحة التي تم تمكينها من السيطرة على دمشق يوم الثامن من دجنبر الماضي.
عين لجنة لصياغة إعلان دستوري.
وقّع هو الإعلان الدستوري دون عرضه على الاستفتاء.
ينص الإعلان الدستوري في البند الأول من المادة الثالثة على أن “دين رئيس الجمهورية الإسلام، والفقه الإسلامي هو المصدر الرئيس للتشريع.”
لم يحدد الإعلان الدستوري هل يشمل هذا البند أهل السنة والجماعة، باعتبارهم الأغلبية المذهبية، وحدهم المعنيون بذلك؟ أم أن الأمر يستغرق إلى الإسماعيلية والشيعة والعلويين؟
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر فإن أول دستور لسوريا في عهد حافظ الأسد كان سنة 1973، وكان حينها قد أقام مصالحة مع الإخوان المسلمين، الذين دخلوا في أول حرب على عهد الرئيس أمين الحافظ وليس مع تأسيس جماعة مروان حديد أو أحداث حماة سنة 1982. واشترط الإخوان للمشاركة في مسلسل المصالحة لابد من التنصيص على أن يكون دين رئيس الدولة هو الإسلام.
وكي يتمكن حافظ الأسد من الخروج من هذه القضية لجأ إلى السيد موسى الصدر، المختفي منذ 1978 بعد سفره إلى ليبيا، وهو عالم دين لبناني مؤسس حركة المحرومين ويعتبر الأب الروحي للمقاومة الإسلامية في جنوب لبنان، وبما أنه فقيها جعفريا فقد أصدر فتوى بأن العلويين طائفة إسلامية حتى يستطيع الأسد الترشح للانتخابات الرئاسية.
أما النقطة الثانية فهي التنصيص على أن الفقه الإسلامي هو المصدر الرئيس للتشريع. لم يتم تحديد المصادر غير الرئيسية. ولم يتم تحديد أي مدرسة فقهية سيتم تبنيها. هل سيتم اعتماد الفقه الوهابي، الذي ينتمي إليه أبو محمد الجولاني، أم سيتم اعتماد الفقه الشافعي الذي ينتمي إليه أسامة الرفاعي، رئيس المجلس الإسلامي السوري (مقره بتركيا)، الذي انتخبته الجماعات الإرهابية مفتيا للجمهورية السورية سنة 1921؟ أي فقه إذن.
البند الثالث ينص على أن “الأحوال الشخصية للطوائف الدينية مصونة ومرعية وفقاً للقانون”.
لم يتم الحديث عن مفهوم الطوائف الدينية باعتبار أن الدين الثاني في سوريا هو المسيحية والوجود ضعيف جدا، أم أنه يقصد بالطوائف الدينية غير السنة؟ سبق لمحب الدين الخطيب، وهو بالمناسبة سوري عاش بالقاهرة وتلميذ رشيد رضا، كتب كراسا سماه “الخطوط العريضة لدين الشيعة”.
فيما بعد نناقش بنود تشريعية تؤسس للدكتاتورية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى