شباب
طنجة-أوضاع بيئة هدامة خلف دار التنمية المستدامة.. والمسؤولون مطالبون بالتحرك العاجل.

في الوقت الذي تشهد فيه مدينة طنجة استعدادات ضخمة لاستقبال مونديال 2030، تستمر بعض الأحياء في معاناتها بسبب الإهمال البيئي الذي طالها لسنوات. ومن بين هذه الأحياء، يبرز حي الزياتن الذي يعاني من تدهور بيئي خطير في محيط سد الزياتن التلي، على الرغم من قربه من مؤسسات حيوية ومهمة في المدينة. فخلال زيارة ميدانية قمت بها برفقة أعضاء من حركة الشبيبة الديمقراطية التقدمية (حشدت)، وقفنا على الوضع البيئي الكارثي في هذا الحي، إذ شاهدنا ووقفنا على واقعة تسرب مياه الصرف الصحي إلى محيط السد بشكل واضح وفاضح، مما يجعل المنطقة عرضة للفيضانات في فترات المطر، كما أن السد نفسه تحوّل إلى بؤرة من الأوحال والروائح الكريهة، إنه مشروع مستنقع بالمعنى السلبي للكلمة، وهو ما يهدد صحة السكان واستقرارهم. ما يزيد الطين بلة ويحز عميقا في النفس، مشاهدة الأطفال الأبرياء يلعبون بالقرب من هذا المستنقع الملوث، ناهيك عن قطعان الأغنام التي ترعى وسط هذا التلوث، مما يفاقم من خطورة الوضع.
ما سبق ليس إلا مؤشرا ونتيجة في نفس الوقت على وضع عام سمته الإهمال واللامبالاة وتبخيس مكانة المواطن، فرغم أن حي الزياتن يضم آلاف السكان إلا أن المنطقة لا تحظى بأي اهتمام من السلطات المحلية، حيث تعاني من نقص في التجهيزات الأساسية والبنية التحتية، مثل الطرق المعبدة والإنارة العامة، ويزداد الوضع تعقيدًا بسبب وجود حاويات ضخمة للنفايات بالقرب من السد، في حين كان من الأجدر تهيئة طرق مناسبة لشاحنات النظافة للوصول إلى المنطقة كسائر الأحياء “النافعة”.
إن الوضع الحالي يفرض على الجهات المسؤولة مثل عمالة طنجة أصيلة، بالإضافة إلى جماعة طنجة، مجموعة التعاون البوغاز، والشركة المفوض لها “أمانديس”، التحرك بشكل عاجل لحل هذه الأزمة البيئية التي تهدد حياة السكان. حيث لا يجب أن يتضمن الحل تجديد قنوات الصرف الصحي في المنطقة وتوسعتها فقط، بل وتهيئة الطرق المناسبة لتيسير وصول شاحنات النظافة كأولوية للنهوض بهذه المنطقة السكنية، بالإضافة إلى ضرورة العمل على تنظيف السد والمناطق المحيطة به بشكل دائم وتهيئته ليكون فضاء استقبال يليق بالساكنة المحلية وعموم سكان طنجة وزوارها، لأن محيط السد يوفر إمكانات كبيرة للتحول إلى فضاء بيئي وثقافي، يمكن أن يكون نقطة جذب للزوار والمواطنين على حد سواء، وبالتالي الاستثمار فيه ليكون قاطرة تنموية.
لسنا في حاجة للتذكير بأن التنمية المستدامة قائمة على إعادة النظر في مكانة الإنسان: في محيطه البيئي أولا ثم السوسيواقتصادي ثانيا، فالبيئة السليمة شرط الوجود السليم وعليها يتأسس كل فعل تنموي لاحق. لذا، يجب أن تحظى منطقة الزياتن كغيرها من مناطق ‘طنجة الكبرى’ بالاهتمام الكافي من قبل السلطات المحلية حيث يجب أن تكون مثالا في تحقيق العدالة المجالية في سياق تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة للمدينة وساكنتها. وتسليط الضوء على هذه المنطقة يأتي في سياق اطلاعنا على الجهود الكبيرة التي تُبذل في بعض الأحياء، لذلك من باب الإنصاف ألا يتم تجاهل الأحياء الأخرى التي تحتاج إلى نفس القدر من العناية والاهتمام.
من هنا تأتي هذه الصيحة التي تدعو إلى ضرورة أن تُعامل كافة الأحياء بنفس المعايير، وأن يكون تحسين الظروف البيئية وتوفير الخدمات الأساسية حقًا مكفولًا لجميع سكان المدينة، مركزا وهامشا، وليس مقتصرًا على أحياء بعينها أو يكون انتقائيا.
في ختام هذا القول، نؤكد كما هو عهدنا دائما على استعدادنا الحازم في تبني كل المسارات التي تكفل الحق في تنمية مستدامة للجميع، خصوصا على الصعيد البيئي، ولذلك لن نكلف جهدا في صياغة مشروع ترافع متكامل حول هذه القضية، مشروع يشمل متابعة ميدانية اعتبارا لموقعنا ودورنا السياسي، وكل غايتنا تحقيق الإنصاف للساكنة وضمان حقوقها في بيئة تحفظ الكرامة الإنسانية. وبذلك، ومن جانب آخر، نعلن في كل إطاراتنا عن الانخراط النضالي الكامل في متابعة هذا الملف وأطواره حتى تحقيق كل المطالب.
بقلم: زكرياء أبوالنجاة، عضو جماعة طنجة/مقاطعة طنجة المدينة