أخبار وطنية

جولة جديدة من الحوار الاجتماعي.. أم مجرد تمرين شكلي؟ والنقابات ترفع سقف المطالب

الحنبلي عزيز

مرة أخرى، تعود الحكومة إلى طاولة الحوار الاجتماعي، في مشهد مكرر بات يطرح أكثر من علامة استفهام حول جدية النوايا وفعالية النتائج. لقاءات متفرقة عقدها رئيس الحكومة مع النقابات الثلاث الأكثر تمثيلية، في 22 أبريل الجاري، وسط سياق اجتماعي متوتر وأوضاع اقتصادية خانقة.

وخلال هذا اللقاء، شدد الاتحاد العام للشغالين بالمغرب على ضرورة الانتظام في عقد جولات الحوار واحترام رزنامتها الزمنية، مؤكداً على أهمية إدراج قضايا استعجالية ضمن جدول الأعمال. ودعت النقابة إلى تنويع آليات تحسين الدخل، بما يشمل موظفي القطاعين العام والخاص وكذا المتقاعدين، وذلك تحضيراً لجولة الحوار المرتقبة في شتنبر المقبل.

كما طالب الاتحاد العام بفتح نقاش حول تعديل مدونة الشغل، في إطار مقاربة تفاوضية حقيقية تضمن إشراك جميع الأطراف الاجتماعية، مع التشديد على حماية الحقوق والمكتسبات، خاصة في ما يتعلق بإصلاح أنظمة التقاعد، والتعجيل بتنفيذ الاتفاقات السابقة، لاسيما اتفاقي 30 أبريل 2022 و29 أبريل 2024، بالإضافة إلى إقرار الدرجة الجديدة في الوظيفة العمومية عبر تعديلات قانونية مستعجلة.

من جانبه، طالب الاتحاد المغربي للشغل بزيادة عامة في الأجور لمواجهة الارتفاع المهول في الأسعار، كما نبّه إلى حالة الاحتقان التي يعيشها قطاع التربية الوطنية، داعياً الحكومة إلى الإسراع بتنفيذ التزاماتها، وعلى رأسها اتفاق 26 دجنبر 2023، خاصة البند العاشر المتعلق بالتعويض التكميلي.

أما الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، فقد ركزت خلال لقائها مع رئيس الحكومة على عدد من المطالب، أهمها تفعيل ما تبقى من مقتضيات الاتفاق الاجتماعي ليوم 30 أبريل 2022، ورفع الجمود عن الحوارات القطاعية المتوقفة داخل عدة قطاعات حيوية.

وفي بلاغ رسمي، عبّرت الحكومة عن تقديرها للجهود المبذولة في إطار الوفاء بالالتزامات الواردة في اتفاق 30 أبريل 2022، رغم التحديات المرتبطة بالسياق الوطني والدولي. وأكدت على اعتمادها مقاربة تشاركية تُعد المدخل الأساسي لتنزيل السياسة الاجتماعية الحكومية، تماشياً مع التوجيهات الملكية السامية.

ورغم ما حملته اللقاءات من وعود وإشارات إلى “الوفاء بالالتزامات” و”مقاربة تشاركية”، إلا أن سقف الانتظارات ظل مرتفعاً، مدفوعاً بجمود الملفات الاجتماعية وتآكل القدرة الشرائية وتراكم وعود لم تجد بعد طريقها إلى التنزيل.

النقابات، من جهتها، بدت أكثر واقعية وجرأة، فطالبت بانتظام الحوار، وبتنويع آليات تحسين الدخل لتشمل الجميع: الموظف والعامل والمتقاعد. لكنها في المقابل، تدرك جيداً أن الحوار لا يكون حقيقياً حين يغيب التنفيذ أو يُؤجل إلى جولات قادمة تحت مبرر “الظرفية الصعبة”.

الاتحاد المغربي للشغل، مثلاً، اختار لغة واضحة حين طالب بزيادة عامة في الأجور، وحذر من الغضب الذي يعتمل داخل قطاع التربية الوطنية. أما الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، فقد وضعت الأصبع على الجرح، مشيرة إلى جمود الحوارات القطاعية وتململ القواعد النقابية.

ويبقى السؤال الأكبر: هل نحن أمام حوار اجتماعي حقيقي، قادر على ترميم الثقة وإنصاف الفئات المتضررة؟ أم أننا بصدد تمرين شكلي تُسوقه الحكومة لكسب الوقت وإخماد الاحتجاجات إلى حين؟

في ظل كل هذا، تظل الكرة في ملعب الحكومة: إما أن تبادر إلى خطوات جريئة تترجم وعودها إلى أفعال، أو تواصل المراوحة في خطاب متكرر، لا يسمن ولا يغني من سخط اجتماعي يتصاعد بصمت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى