اليسار العالمي/ في العالم والمحلي منه، وآفاق إعادة البناء
خصومة من هم في الهم سوا...!!( تقرير لإدارة و تسيير نقاش رفاقي على الهوا.)

ضيوفنا الكرام ، المتدخلين والحضور الكريم والمميز، الحاضر معنا مباشرة أو رقميا،
الرفيقة العزيزة والرفاق الأعزاء، تحية لك ولكم جميعا…!!
نعلن إفتتاح اللقاء الآن حول موضوع :اليسار العالمي/ في العالم والمحلي، منه، وآفاق إعادة البناء”، وذلك بإعتماد ورقة مقتضبة، نشرناها سابقا عبر الأنترنيت والصحافة والإعلام، في الموضوع، وهي “الارضية” المختزلة التي أجمع عليها الذين صاغوها، بأسءلتها وتيمات مدخلاتها، بأريحية تامة، حيث أن كل واحد من المتدخلين أشار إلى الزاوية التي يريد ويفضل أن يعالج منها سؤال اليسار و إعادة البناء، حتى أن عنوان اللقاء أعيدت صياغته للإلمام بكل أوجه النظر والإشكال. وهو ما ساعد على التسيير وإطلاق وربط حلقات المداخلات الأربعة الرفيعة، ليكمل المسير ما بدأه من إدارة لجمع المتدخلين اليوم الثاني من معرض/ الاسبوع للكتاب لسنة 2025، بالضبط، الساعة السابعة بمقر الحزب الاشتراكي الموحد بتمارة المغرب.
I- أصل مشكلة اليسار في الغرب وضلالها في الشرق والمغارب والمغرب
فضلا عن أخلاق الضيافة، فلعل إشكالية اليسار عموما، وفي ما يهمنا في بلدان الجنوب والمغارب والمغرب المعولم، على الخصوص، ولدينا في اليسار المغربي، بالذات، تبدىء بمسألة مدى تمثلها للفكر اليساري الغربي، خيره وشره، ليكون من النافع تفضيل وتكريم الضيوف القادمين من بعيد، وهم المدركين حتما لأهمية البعد القومي لما يقومون به و لفخر الإنتماء، الإختياري أو القدري، الذي وجدوا فيه أنفسهم، ذات مولد، في أحضان أمة لها قيمها، فوق كل شيء، وحضارتها وطموحاتها المشروعة في التقدم والتغيير الديموقراطي والتحرر الوطني والحرية والعدالة والمواطنة….
كل الحفاوة المستحقة جميلة، متى إستطعنا لها سببلا. لكن للأفكار منطقها وسياقها، أصلها وتطورها. وسيغلب منطق تكريم المغترب وهيمنة الغرب وتداعيات الشرق، مرة أخرى. وسيفرض تاريخ الفكر السياسي المعاصر على أن نبدىء الندوة من محل وأزمة وأصل الفكر فيه، الغرب، أولا.
وذلك، مهما وجود الكثير مما قيل، ويمكن أن يقال، عن ترجمة أوربا للكثير من أفكار العرب و العجم والمسلمين والإغريق، وغيرهم من مجموع الإنسانية، على أن تطول دورة هذا اللقاء من تناول اليسار في الشرق الأوسط، بالتحديد، ثانيا، حيث التدمير والبناء الكولونيالي المحدود طال بنيات وسلوكيات الشام وسوريا وفلسطين،…..
و ذلك أيضا، بالرغم من ما قيل عن بروز نزعات يسار عربي إسلامي ما قبل رأسمالي، وعن ثورات تحررية لأقوام عربية ضد الضلم والإستعباد والإستبداد والجاهلية…
والحال أن اليسار بمعناه المعاصر ظهر في ما بعنينا مباشرة في البلدان المستعمرة حيث تكونت أنوية صناعية عمالية وصراع طبقي نقابي وسياسي، لتظهر بسرعة محدودية وإنحسار وتشوه التشكل الإقتصادي الإجتماعي.. اليوم…، بحكم الاستعمار والتبعية والامبريالية والخيانات….
ثم لنعود في هذه الندوة ألى من قاربوا من “أهل الدار” مهمات اليسار الجديد- المتجدد في راهن المغرب السياسي. فكانت أربع أفكار غير منغلقة على نفسها تؤثت اللقاء: اليسار الجديد المتجدد، المواطنة المتجددة وازمة اليسار في الغرب والشرق، راصدة بعض منعطفات و وقائع و تجليات المأزق، و مشتقة لبعض آفاق التطور صعبة للتجاوز.
وقد سمحت الأوراق المقترحة للمتدخلين و السير الحي للندوة، والتفاعل فيها، إلى إستجلاء ما يطرحه الموضوع- ذاته- لدى الخارج والداخل. وعكس أن تذهب التقديمات في نفس الاتجاه، كانت القراءات متنوعة، حد نقد جزىء كبير من تاريخ اليسار، و الإختلاف الإيجابي، تعاطيا معه.
وبالرغم من إنتقادات هنا وهناك، وصعوبة إجتراح آفاق واضحة لدى اليسار والجميع، فقد ظل طعم الأمل والتأمل والتفكير في أن ينهض اليسار حاضرا لدى الجميع. لقد ظهرت خصومة من هم في الهم سوا، حتى أن بعض متدخلي الخارج تمنى لو يكون يساريا، ليتساءل ويساءلنا : كيف!؟ يقول! أم أن السياسة ماتت، واليسار “شبع موت”، عالميا ومحليا، أقول…!!؟
إنها خصومة من رفاق ضيوف يفكرون في الشيء ذاته، من هم قريبون منك، هكذا تستشعرهم، لكنهم لا ينفكون الانفلات بعيدا عنك، بهدف الخروج، على حد قول جيل دولوز…هل هم خانوا الرسالة/ الامانة، غيروا المواقف، عدولوا، أصبحوا أكثر واقعية، أم أنهم سيعودون أو سيذهبون يوما، وكيف !؟ ومن “قلب المعطف”، وغير الجلد حقا، النحن أم هم..!؟
II- أربع مفهومات لأربع تدخلات
1/ نبدىء من الغرب والشرق، تباعا، لنساءل بالذات كل من الأساتذة حميد لشهب وحسام درويش بإعادة طرح سؤال سالب، وهما من إختاراهما أنفسهم. ولعله أيضا سؤال يبعث عن الحسرة والتشاؤم، في ما هو يشكك منهجيا في جدوى إعتماد فكر وطروحات اليسار اليوم..، في سياق ومتطلبات أخرى، وهو: ماذا تبقى من اليسار في كل من الغرب والشرق العربي.
وقد تم ذلك باعتماد نماذج وأفكار ودول للتأمل والحجاج والنقد. فهل نحن حقا أمام يسار بقية، مخلف، راسب، متبق، “حاشية”، كما نقول في الدارجة المغربية، وهو اليسار الذي كان له في يوم من الأيام كل ذلك الوهج والعنفوان والإمتداد والمعنى؛ حتى أن خوف الأنظمة الإستبدادية منه..!! ومن ثوراته وتمرداته وفواراته… جعلتها تارة تقمعه قمعا سافرا، وأخرى تحاول تهميشه ومنعه والمضايقة عليه وحتى التفاوض مع قاداته، تحت ضغط جماهير، أو غوغاء، ..او بكولسة ما…!؟
ولأن اللقاء اليوم ببن “مغتربين”، مهتمين بشؤون الفكر أساسا، وليسمحوا لي العبارة، وهي دون أدنى قدحية، وبين مغاربة، يساريين، في معمعان الفعل السياسي الممكن، أو في مجال الثقافة والتثقيف والعلم والتكوبن.. ، ولأن الجميع أراد أن يكون لهذه الندوة طعم الفكر بالدرجة الأولى، وليس سياسي، بالمعنى الضيق، أي لقاء مفتوح حول مفاهيم نقدية لتجارب وآفاق اليسار الغربي والشرقي والمغربي، على السواء.
يتساءل اول المتدخلين عن أزمة اليسار في الغرب، وهو الغرب الذي طالما إعتمدناه في المغارب والمغرب وإتخذناه كنموذج نستقي منه الأفكار والمفاهيم والطروحات ( و وردة الاتحاد الإشتراكي.. والمطرقة والمنجل…!!)، كمهد “مكتمل” التكوين، كما يقول ع. الله العروي، دون نقد كافي، أو هو “غير مكتمل”، كما يقول الفيلسوف النقدي الألماني هابرماس، لإدراكنا وقضايانا ومنظوراتنا للعمل السياسي المعاصر، وما بعد المعاصر، ألى أن عصفت أزمات الغرب وطوفانات الشرق الأوسط، اليوم، بكل الفكر وببراديغمات الغرب المرجعي كله.
كما تساءلنا في ضل هذا القلق الوجودي عن جدوى البحث و التعريف و النقاش لتبني مفهوم جديد لليسار، عالميا وفي المغرب، و قد أعطيناه في الطريق تعريفا “بصريا”، لا علاقة له بالسياسة ولا بالأيديولوجيا ولا حتى بالاخلاق، كما تصوره الفيلسوف الفرنسي جيل دولوز، مرة أخرى، وضاقت باليسار حدود الدنيا و أحوال وأهوال وإنقسامات وتشرذمات وخيانات… أن يرى نفسه اليوم أقل جماهيرية، وأقل تأثير، يتآكل يوما بعد يوم، إستحقاقا بعد أستحقاق، إنتفاضة بعد إنتفاضة، ثورة مضادة وإستباقية لأعداء التحول بعد أخرى… الخ.
لقد حدس جيل دولوز، داءما، أن كل المسألة وما فيها تأويل الكيفية التي نحدد بها مفهوما “الأقلية” و “الأكثرية”، العدديين، لنستنتج أن اليسارية سعي حثيث للتنصل من قبضة وهيمنة “النموذج الأكثري”، بهدف إسماع صوت الأفراد و الأقليات، أو هي أكثرية، لكنها مغمورة في الضلام، أريد لها أن تكون أغلبية محاصرة، مقموعة، مصموتة، كأن نتحدث عن الحركات النساءية، الأمازيغية والدينية والمذهبية، الخ.
لقد بدى أن علينا أن نجهد النفس والفكر لنكشف عند من وما يقدم نفسه على أنه يساري وجهه اليميني، والعكس بالعكس، كما يبدي ذلك المفكر المغربي ع. العالي بنعبد السلام ، خاصة إبان الاستحقاقات الإنتخابية، حيث تتوحد وتتقاطع البرامج وتختلط الأوراق وتعود الولاءات لأشخاص بعينهم دون غيرهم، أصحاب جاه أو مال أو سلطة أو زعامة.. .
(….أعطي الكلمة أولا للاستاذ حميد لشهب للإدلاء بوجهة نظره في الموضوع ، ما تبقى من اليسار اليوم..!؟ من الممكن أن تنشر كاملة!).
2/ نتحول من الغرب إلى الشرق العربي، حيث يدلي الأستاذ حسام درويش بدلوه في نفس الموضوع، ما تبقى من اليسار في منطقة الشرق الاوسط، نموذجا، مركزا عل سوريا ولبنان والجوار، ليبين لنا مدى نجاح او إخفاق أحزاب يسارية عربية في إطلاق تطوراتها لبناء دول يسارية التوجه، ومدى المقاومة المضادة التي تعرضت لها لتحقيق برامجها في بلدانها، وأسباب ذلك، وهل لازلنا لحد اليوم في حاجة ضرورية لليسار، متوسلا للتاريخ السياسي و التحولات الجارية وإمكان التغيير.
والحال أن الواقع العربي، عموما، شرقا وغربا، يعرف حالة من تردي وتأزم واقعه، وهو ما يلزم الضمائر والمنظمات الحية، والثورية، مبدءيا، من أن تتتفض، تحدوها في ذلك الرغبة في فعل شيء ما، قصد التحرر والإنعتاق من ربقة الضلم والفساد والطغيان. فليس من الممكن أن تبقى الأمور كما هي عليه اليوم، فالزمان ليس لردود الأفعال والإنفعال.
ولاحظ أن تاريخ المنطقة وسوريا بالضبط كان ينزع تحت مسميات كثر إلى إعتبار وأعتماد قوى سياسية متنوعة وأشكال لنظام حاكم، إدعت كلها الإشتراكية والقومية..بشكل أو بآخر.
كما أن جرأة الإقدام والتصورات لا يمكنها أن تكتفي بإستبدال كلمات بأخرى، فالمفهومات، كما نعلم، تكشف عن منظورات معينة ومقاربات محددة وتندرج ضمن نظرات بعينها للزمان التاريخي.
وخاصة أيضا أن ما آلت إليه الأوضاع في كثير من البلدان العربية الأسلامية، مشرقا مغاربيا، أوضح أن الإنتفاضات، كحركة 20 فبراير، عندنا، و حركات الريف وجرادة، وقبلهما حراك سيدي إفني، وغيره، لم تتفوق كثيرا في تحقيق أهدافها، بالرغم من أنها فتحت طريقا جديدا للنضال، كما يقول الفقيد القاءد والمؤرخ إبراهيم ياسين في مقاله المهم والمشهور حول حراك الريف كسبيل للإنعتاق وتجاوز إنسداد طريق التغيير الديموقراطي في بلادنا.
ولعل مرد “البلوكاج” العام وأزمة الديموقراطية، عندنا، حسب ما ذهب البه ع. القادر الشاوي( 2024)، كون تلك الإنتفاضات إقتصرت فقط على التوجه نحو أو ضد السلطة أو ٧حتى ضد الحزب أو الجماعة الحاكمة- “العصابة”، وضد الفرد الحاكم المستبد، وهل هذا الأمر باليسير!!، لكنها جتما لم تقم ضد العلاءق الإجتماعية والموارد الأخلاقية والأساليب الفكر ية والقيم الثقافية، للتمكين من أعادة النظر في مفهومات الإنسان والمجتمع والتاريخ.
كما أن المشهد السياسي الذي يتطور فيه اليسار اليوم يكاد يتجنب البعد والافق الانساني للتنظبم والنضال والتغيير، في تأكيده المقتصر على أدرع أقلوية ثقافية للفعل السياسي، في ما هي تصيب بالضرر فحوى اليسار، كونيته …( أعطي الكلمة للاستاذ حسام درويش، يمكن نشر مداخلته كاملة ).
ونحن نتلمس بعض ملامح اليسار الجديد السبعيني وفي ما إذا هو أخفق نهاءيا في منطقتنا ومغربنا اليوم، خصوصا، وحول أي دور يمكن له أن يضطلع به عندنا، وتحت أي شروط لتجديده، ووفق أي منظور تقتضيه خصائص الصراع في جزىء من جنوبنا المعولم، حيث لا يهمنا هنا أن نسأل الغزالي “لماذا لا يزالون مختلفين إلا من رحم الله” ؟، لأنه لن يفيدنا كثيرا هذه المرة، حيث النقاش والاختلاف في النظر ببن الحاضرين يبدو متحضرا إلى حد كبير وبدى رحمة..! كما أن “المحاججة المنطقية” التي وجت نظر الغزالي للباطنية ممكنة ببن رفاق يصغون لبعضهم، ولو في موضوع من الحساسية بمكان، وحيث مفعول الخطاب- المداخلة، أي الآفات التي تتولد عنه متحكم فيها ومحسوبة لدى الجميع بنسبة تليق بالدعوة وبالنقاش الرفاقي الحر واللبق .. !!
3/ وعليه يجرنا الأستاذ والمؤرخ بوعزيز مصطفى إلى النقاش من دائرة اليسار ألى داءرة المواطنة، ليتساءل عن حدود المفهوم الاول، وفي ما إذا براديغم “المواطنة اامتجددة” قادر على مخاصمة الاول أو تجاوزه، معاتبته، إنتقاده وهدمه، بالمعنى الهايدغيري، وهو ذاك المؤرخ الرصين الذي إنبرى اليوم إلى التثقيف بعد تجربة طويلة وكبيرة في السياسة ببلادنا. وهو اليوم وإن يكتفي بالهوس بها، فهو لا بغرق فيها، على حد قول المفكر المغربي الآخر، ع. الله العروي في خواطره للصباح.
إن مؤرخنا ذو رأي خاص وهو يبدو اليوم منتمبا إلى فكرة جديدة- قدبمة، فكرة المواطنة المتجددة، لا إلى حزب بصريح العبارة. إنه العضو النشط والفاعل في مركز بنسعيد للدراسات والابحاث- المغرب. كما أن عمله إلى جانب مثقفي مراكز بحثية وطنية ديموقراطية أخرى، توجد على مقربة من أحزاب ممانعة بعينها، سيسمح له ببلورة المفهوم المتجدد.
وهو مؤرخ مميز يلاحظ ويسجل، لكنه ليس مؤرخ وقائع وأحداث وإنما هو محلل مهتم بالنقد السياسي والتاريخي، الحامل لهموم وطنه وقضايا عصره المصيرية، كالافق المغاربي لحل قضية الصحراء الغربية وأزمة الديموقراطية والمواطنة عندنا، بما هي أزمة العقد الإجتماعي والولاء والإنتماء للدولة، وبما هي أزمة العلاقة القانونية ببن الفرد الدولة-المخزن وأزمة الوعي بحقوق الإنسان وبمسؤولياته وكرامته.. إنه يعمل ويشجع على إبداع حلول الانتقال السلس من براديغم اليسار إلى نموذج المواطنة (مداخلة رقمية منشورة على الفايس).
4/ الرفيق العلمي لحروني، العضو البارز في اليسار المغربي والعضو في المجلس الوطني للحزب الإشتراكي الموحد، لو أجرينا ، اليوم، استمارة لمعرفة ما اليسار وما اليمين، لتبين لنا أنه قلة أولئك الذين مازالوا يميزون هذا عن ذلك، بحيث لم تعد هناك مؤسسة بعينها تجسد اليسار مقابل أخرى تجسد اليمين، لم يعد اليسار جهة نركن لها ولا فءة ننضم إليها، ولا موقفا تتخذه…
اليسارية (و اليمينية) لم تعد آراء أو أفكار. فكثيرا من الأراء والأفكار، مما يحسب على اليسار سرعان ما يغدو يمينيا، والعكس. كما أن أفق البناء يعتوره الكثير من اللايقين وصعوبة الإستكانة إلى يقين نظريات تحت طائلة الأزمات المتوالية: أزمة 2008، حرب أوكرانيا- روسا، طوفان الأقصى، الخ.
ثم سبق للمداخل الثاني الدكتور حسام وأن قدم توصيفات وحدود اليسار التقاطعي الثقافي العالمي، أين تجدون حوله أو فيه أو ضده..!؟
في ظل هذا التشكل الجديد والملتبس للعالم وللمنطقة، تتوسل المواطنة المتجددة طريقا توده مبدعا، فيما تحاولون في اليسار المتجدد إجتراح طريق مميز ومختلف، ضمن أو إلى جانب “السيادة الشعبية”، في إطار وحدة أو جبهة أوسع للقوى الحية، فما هي المواضيع التيمات والمحاور التي يمكن لكم اليوم أن تهتموا بها أكثر، بالخصوص في بلد له ما يميزه دون أن يستثنيه أبدا عن العالم و الكوكبية، وبالأخص أن المغرب كان ولا يزال محط أطماع قوىمحلية أقلية و أخرى دولية وإقليمية، أكان في ما يتعلق بقضايا الارض أو الهوية الثقافية او الدينية وغيرها، وهو البلد الذي إختيار عن طواعية او مكرها الإنخراط في العولمة الزاحفة والمأزومة، اليوم، بالرغم من تحدياتها ومخاطر وواجب ومسؤولية الاستعداد لها، إنخراط سياسي أو ملزم، ولو أقتضى الأمر إحتلال درجات متأخرة في ركابها، حسب دعوة وتعبير المفكر المغربي ع. الله العروي.
فكيف رفيقي يمكن إعادة بناء اليسار المحلي المغربي، من وجهة نظركم الخاصة، و هل من ضرورة لتجديده، وفي ظل أي سياق دولي المغربي و أي تحالفات ممكنة …ثم هل لا زال “المفهوم السارتري للإلتزام” السياسي إمكان ما، وهل نحن في نفس السياق الذي كان وظهر فيه،( أنظر مداخلة العلمي الحروني الرقمية) أم أن “الباطنية الجديدة” ، على العهد الجديد، لا يصغون..!؟؟
خلاصات
– تبدو اليسارية حركة إنفلات تقاوم نموذج الأكثرية بلا تعب، ويوجد ضمنها ما أسماه حسام درويش ب”اليسار التقاطعي الهوياتي”، والذي قدم فيه الرفيق الحروني تطبيقا وإشارات مختزلة في حالة المغرب وآفاق وجود يساره، و هي/ اليسارية -اليوم- في العالم وعندنا، الهوياتية أو الكونية، التي تقبع داخل كل يسار وداخل كل يمين، لتنعش الإختلاف والجدل ببنهما وداخلهما، وليس بمعنى “الفتنة” القروسطية المتأسلمة والمغرضة، نظاميا و سياسيا، لتبين أن وراء الإنفصال المزعوم الذي يدعيه الثناءي الميتافيزيقي بين الطرفين، تساكنا وتمازجا، من شأنه أن يوهم البعض أن الأوراق أختلطت وأن الإختلاف لم يعد يعمل عمله.
– يتضح أن محولات الحركات اليسارية العربية، مشرقا ومغربا، لإنجاز برامج التغيير المنشود لم تستوعب بعد أن الأمر لا يتوقف فقط على إستبدال الأنظمة السياسية، من هم على قمم السلط، وإنما أيضا، وربما أساسا، تقوم على تغيير الذهنيات، لتتعرض الانتفاضات، في غالب الأحيان، لمقاومة قوى المحافظة المتحكمة والتقليد والوثوق والتوحيد والتوتاليتارية والعنف وإستباقه ب”العنف الأمامي” والتشهير الأخلاقي avant gardiste، وكلها تزيد من إنسداد الأفق وتردي الواقع العربي الاسلامي، مشرقا ومغربا…
– في بحث الأستاذ بوعزيز الحثيث على حمل ثقافته معه، أنى حل وإرتحل، للمساهمة في تثقيف الجيل الجديد، تجده معاد لأسطرة التاريخ السياسي، يخاصم المؤسسة خصام المحبة، متذكرين ما يقوله هايدجر في خصام ماركس لهيجل، “الخصومة الفكرية”، بالذات، وهي التي لا تعمل على تصيد الإختلاف والمناسبات، لتقديم الحفاوات، وأنما لخوض خصومات من يشاركك الهم الفكري ذاته، ويواصل معك التفكير كي ينفصل عنك.
– بمفهوم المواطنة المتجددة الذي ينتصر له المؤرخ بوعزيز ، إنه مفهوم الإقتراب الذي يمكن من الإبتعاد من يسار كلاسيكي للأقتراب منه. أليس هذا النحو الذي يقترحه سعي للإقتراب ليجعل حاملي الطروحات الدوغماءية او الكلاسيكية عموما، خصومة في الفكرة؟ أليس هذا الدرب هو الذي مكن أبو الفلسفة الحديثة، ديكارت، من تجاوز أرسطو، المعلم الاول، وتأسيس الحداثة في الفلسفة، التي أعادت النظر في الزمن الدوري، حسب ما ذكر به وفصل فيه المفكر المغربي بنعبد السلام؟
– لما نضع الإختلاف مبدىء لديناميكية الحوار/ الندوة تتبين لنا أهمية تعدد الآراء الفكرية والفلسفية والسياسية، ونعلم كيف لعب الفكر اليساري (انظر أرضية هذا اللقاء، منشور ة) دورا مهما منذ عصر الأنوار في الغرب، مستفيدا من كل تلك الثورات الفكرية والدينية والسياسية، وكيف أرخى كل ذلك، تدميرا وبناء، عن حق أو باطل، على بنيات وسلوكيات منظمات المنطقة العربية، شرقا وغربا، فلا يمكن إخضاع كل أمور وإختلاف المواقف في دائرة من لا يحترم مبدىء الإختلاف، بالذات. خاصة أن كل آلية توحيدية، كما يقول نيتشه، هي إكراه وتنظيم وإقحام ومقاومة “فوضى الكثرة”، وسن منطق الهيمنة والأوضاع والقهر والتحكم، من جهة، وتكمن/ وتسمح من جهة أخرى بإلغاء الآخر، والإنعكاف على الذات وإغلاق الأبواب وصم الآذان، ومنها إلغاء مطلق وبدون شروط ضرورية ب”العمل بالتيارات” والكتل….!!
– يبدو العالم والمنطقة والبلاد اليوم الكل واقف على “رجل واحدة ونص”!!، متخبط في الأزمات المتتالية. أما آن للغرب- “العقل المطلق” أن يتواضع ويسمع لنبض روح/ قلب الشرق والمغرب والمغرب، خروجهما معا من المطلقية إلى النسبية، لإعادة صياغة الفكر الإنساني الكوني والسلوك الانساني، ومنه الأخلاقي، وفي تمبزه لا إستثناءه، على أسس عادلة وشرعية- مشروعة، بعيدا عن “منطق القوة” والقتل والتدمير والإبادة، أم أنه لا مناص للوجود والحياة من العنف، بكل ألوانه، العسكري، المادي والرمزي، على حد قول بورديو، مساهمة في إعادة قراءة العالم قراءة نقدية لتجاوز قصور الفاعلين، هناك قبل هنا، أم أن مفكرو الغرب لا ينصتون وأعلام الشرق والمغارب والمغرب لا يتكلمون….لا يفقهون… لا يعلمون..!!؟
ذ.حمزة عبد الواحد