أخبار وطنية

ليلة تخليد اليوم العالمي للصحافة،منظمة مراسلون بلا حدود ترسم وضعا قاتما لصاحبة الجلالة ..المغرب يقفز تسع درجات في سلم الترتيب العالمي..

محمد جرو/مراكش/تنوير:

قالت المديرة التحريرية للمنظمة “آن بوكاندي” لوكالة فرانس برس إن “الوضع لم يكن مدعاة للافتخار أصلا” في البلاد التي تراجعت عشر مراتب في 2024. إلا أنه تدهور منذ تنصيب دونالد ترامب رئيسا بسبب “هجماته اليومية” على الصحافة. وأشارت المنظمة غير الحكومية إلى أن “إدارته سيست المؤسسات وخفضت الدعم لوسائل الاعلام المستقلة وهمشت الصحافيين” الذين باتوا يتعرضون “لعدائية متنامية” فيما “تنهار الثقة بوسائل الاعلام”. وبادر دونالد ترامب كذلك إلى تفكيك وسائل إعلام عامة أمريكية في الخارج مثل “فويس أوف أمريكا” حارما “أكثر من 400 مليون شخص” من “الوصول إلى معلومات موثوقة”.

وقد سجّل المغرب قفزة نوعية في التصنيف العالمي لحرية الصحافة لعام 2025، الصادر عن منظمة مراسلون بلا حدود، بعدما ارتقى بـ9 مراتب دفعة واحدة، ليستقر في المركز 120، مقابل 129 السنة الماضية، متقدماً بذلك على عدد من الدول العربية، وفي مقدمتها الجارة الشرقية الجزائر التي حلّت في الرتبة 126.

ويبدو أن المملكة استطاعت أن تحقّق هذا التقدّم رغم التحديات، في وقتٍ تعيش فيه عدد من بلدان شمال إفريقيا على وقع أزمات أثّرت بشكل مباشر على واقع الإعلام، وعلى رأسها تونس، التي تراجعت بشكل ملموس إلى المرتبة 129، بعد أن فقدت 11 مركزاً، لتكون صاحبة أكبر تراجع في المنطقة، خصوصاً على مستوى المؤشر الاقتصادي.
في المقابل، المغرب واصل تحسين تموقعه، إلى جانب ليبيا التي ربحت بدورها 6 مراتب واحتلّت المركز 137، إلا أن كليهما لا يزال يصنَّف ضمن الثلث الأخير من اللائحة العالمية، بسبب استمرار الهجمات المتكررة التي تهدّد استقلالية وسائل الإعلام.

لكنه مع ذلك ظل بعيدا عن العديد من البلدان الإفريقية، في حين حضر رئيس الحكومة عزيز أخنوش ووزير العدل عبد اللطيف وهبي كنقطتين سلبيتين في التقرير.
وجاء في التقرير الخاص بالمغرب أن تعدُّدية الصحافة المغربية “تبدو مجرد واجهة، إذ لا تعكس وسائل الإعلام تنوع الآراء السياسية في البلاد”، وتابع “يواجه الإعلاميون ووسائل الإعلام المستقلة ضغوطا كبيرة، وحق الوصول إلى المعلومة يُسحق تحت وطأة آلة دعائية قوية تخدم الأجندة السياسية للمقربين من السلطة”.

وربط التقرير واقع الصحافة بالمغرب بالسلطات المنتخبة الحالية بشكل مباشر، موردا “منذ فوز حزب التجمع الوطني للأحرار في الانتخابات التشريعية لسنة 2021، ضاعف رئيس الحكومة عزيز أخنوش من المتابعات القضائية في حق الصحفيين المنتقدين، كما يستخدم قوته المالية للتأثير على الخط التحريري لأبرز وسائل الإعلام، في حين تُفرض قيود مالية على المنابر المعارضة لحكومته”، وتابع “هذا التحالف بين المال والسلطة يعيق قدرة الصحافة على معالجة قضايا الفساد المرتبطة بتدبير الشأن العام، ما يجعل أي محاولة لكشف الفساد مخاطرة مالية وقضائية”.

وأوضحت الوثيقة أن “غياب الضمانات القانونية لحماية حرية التعبير والصحافة، إلى جانب ضعف استقلالية القضاء، وتزايد المتابعات ضد الصحفيين، كلها عوامل تدفع المهنيين إلى ممارسة الرقابة الذاتية”، وأضافت أن “استبدال المجلس الوطني للصحافة سنة 2023 بلجنة مؤقتة، يُعد تراجعًا عن مسار التنظيم الذاتي للصحافة المغربية”.

على المستوى الاقتصادي أفاد التقرير أن “البيئة الاقتصادية غير مواتية، ووسائل الإعلام تواجه صعوبة في جذب المعلنين”، معتبرا أن المنابر المستقلة، التي باتت “نادرة”، وفق توصيفه، “تكافح من أجل تحقيق الاستقرار المالي اللازم للتطور، في المقابل، تحظى وسائل الإعلام الموالية للسلطة بنماذج مالية أكثر استقرارًا بفضل سهولة الوصول إلى الموارد المالية”.

واعتبرت المنظمة أن الإفراج عن عدد من الصحفيين، من بينهم توفيق بوعشرين، وعمر الراضي، وسليمان الريسوني، بعفو ملكي في 30 يوليوز 2024، “أثار بعض الأمل” ومع ذلك، ومع اقتراب انتخابات 2026، يضيف التقرير “تتزايد الضغوط على الصحفيين المنتقدين”، خالصا إلى أن “رئيس الحكومة يستخدم سلطاته لتقييد الصحافة، بينما كثَّفَ وزير العدل عبد اللطيف وهبي المتابعات القضائية ضد الصحفيين خلال هذه السنة”.

وفي الجزائر، وعلى الرغم من استمرار مسلسل القمع القضائي ضد الصحفيين، فإن البلاد شهدت تقدّماً طفيفاً بفضل عفو رئاسي سمح بالإفراج عن الصحفي إحسان القاضي، بعد قضائه 22 شهراً خلف القضبان.
أما فلسطين، فاحتلّت المرتبة 163 لتكون من أخطر البلدان على الصحفيين.

وقد أظهر أحدث تصنيف عالمي أصدرته منظمة مراسلون بلا حدود” اليوم الجمعة (الثاني من مايو/أيار 2025) أن حرية الصحافة في العالم في أسوأ حالاتها على الإطلاق، مشيرة إلى أن أوروبا هي الأكثر حرية في مجال الصحافة. وقالت المنظمة في تحليلها: “وضع حرية الصحافة العالمي في عام 2025 في أدنى مستوياته على الإطلاق… يعيش أكثر من نصف سكان العالم في دول ذات وضع خطير للغاية”. وأشارت المنظمة الحقوقية إلى أن أوروبا لا تزال المنطقة التي يمكن للصحفيين فيها ممارسة الصحافة بأقصى قدر ممكن من الحرية.
ويشير التقرير إلى أن وسائل الإعلام تكافح من أجل العمل بشكل مستدام في 160 دولة حول العالم. ويقيم تصنيف حرية الصحافة الوضع في بلد أو منطقة في إطار خمس فئات: السياسة، والقانون، والاقتصاد، والثقافة الاجتماعية، والأمن. وصدر التصنيف اليوم الجمعة قبل اليوم العالمي لحرية الصحافة الموافق غدا السبت ( الثالث من ماي).
بينما تشهد حرية الصحافة تراجعاً مقلقاً في العديد من أرجاء العالم، بات الضغط الاقتصادي يُعد من العوامل الرئيسيية التي تساهم في تعميق هشاشة وسائل الإعلام، علماً أنه غالباً ما يُتستهان بهذا العامل المؤثر، الذي يتخذ أشكالاً متعددة، منها تمركز مِلكية وسائل الإعلام، والضغط من المعلنين أو الممولين، ناهيك عن غياب مساعدات الدولة أو تقييدها أو تخصيصها بناءً على آليات غير شفافة. وفي ضوء البيانات التي تُقاس بالمؤشر الاقتصادي للتصنيف العالمي لحرية الصحافة، الذي تُشرف على إعداده منظمة مراسلون بلا حدود، يتضح بجلاء أن وسائل الإعلام أصبحت عالقة بين محاولة ضمان استقلاليتها والسعي إلى الحفاظ على استمراريتها الاقتصادية.

وفي هذا الصدد قالت آن بوكاندي مديرة التحرير بمنظمة مراسلون بلا حدود:
“إن ضمان توفر مساحة إعلامية تعددية وحرة ومستقلة يقتضي ظروفاً مالية مستقرة وشفافة، إذ لا صحافة حرة بدون استقلالية اقتصادية. فعندما يتم إضعاف وسائل الإعلام اقتصادياً، فإنها تنجرف مع تيار التهافت على الجمهور، على حساب الجودة، مما يجعلها عُرضة لأطماع الأوليغارشيين أو الجهات التي تتخذ القرارات ذات الصلة بالشأن العام، حيث تُصبح مثل الدمى في أيديهم. فعندما يتم إفقار الصحفيين، لا تُصبح لديهم الوسائل الكفيلة بمقاومة أعداء الصحافة من جنود التضليل والدعاية. ولذا، فقد بات لزاماً إعادة بناء الإطار الاقتصادي للحقل الإعلامي انطلاقاً من أسس تتيح ممارسة العمل الصحفي وتضمن إنتاج معلومات موثوقة، مع الوضع في الاعتبار أن ذلك أمر مكلف بالضرورة. وإذا كانت الحلول موجودة، فإنه من الواجب تطبيقها على نطاق واسع، لأن الاستقلالية المالية شرط لا مفر منه لضمان معلومات حرة وموثوقة وتخدم المصلحة العامة.”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى