تراجع خطير في حرية الصحافة بالعالم العربي: أزمة اقتصادية وتضييق سياسي

الحنبلي عزيز
في تقريرها السنوي لسنة 2025، دقت منظمة مراسلون بلا حدود ناقوس الخطر حول التدهور العالمي غير المسبوق لحرية الصحافة، حيث بات الوضع “صعبًا” أو “خطيرًا للغاية” في نصف دول العالم. وبينما يُعد الوضع سيئًا في مختلف القارات، إلا أن المنطقة العربية، وخصوصًا منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تبقى من بين الأخطر على سلامة الصحفيين، وذلك بسبب تقاطع القمع السياسي والأزمات الاقتصادية.
أشار التقرير إلى أن الضغوط الاقتصادية أصبحت أحد أكبر التهديدات لاستقلالية الصحافة، في ظل غياب الدعم الحكومي الشفاف، واحتكار السوق الإعلانية من قبل شركات التكنولوجيا الكبرى، وتمركز ملكية وسائل الإعلام بيد أقلية، غالبًا ما تكون قريبة من السلطة. وقد تعذَّر على وسائل الإعلام تحقيق الاستقرار المالي في 160 دولة من أصل 180.
فيما يخص المغرب، لم يحقق البلد قفزة نوعية على مستوى حرية الصحافة، إذ يظل الإعلام المغربي يعاني من تحديات بنيوية تتعلق بتمركز ملكية وسائل الإعلام، ونقص الشفافية في الدعم العمومي، وضعف التمويل المستقل. كما أن الضغوط السياسية والقضائية التي تستهدف بعض الصحفيين المستقلين تقيد حرية التعبير، رغم الانفتاح الجزئي لبعض المنابر. لم يشهد التصنيف المغربي تحسناً ملموساً مقارنة بالسنوات الماضية، ما يعكس الحاجة إلى إصلاحات عميقة تشمل الإطار القانوني، وضمان الشفافية الاقتصادية، واستقلالية المؤسسات الإعلامية.
سجّلت تونس تراجعاً خطيراً، حيث احتلت المرتبة 129 وخسرت 11 نقطة في المؤشر الاقتصادي، بسبب الأزمة السياسية الخانقة التي انعكست سلبًا على الإعلام المستقل. أما فلسطين، فوصفت المنظمة وضعها بـ”الكارثي”، في ظل الحصار الإسرائيلي على غزة وقتل أكثر من 200 صحفي خلال عام ونصف.
باستثناء دول قليلة مثل قطر، فإن معظم دول المنطقة تتراوح أوضاعها بين “صعب” و”خطير للغاية”. فالصحافة في المنطقة العربية لا تزال محاصرة بين قمع الأنظمة الاستبدادية والضغوط الاقتصادية المتزايدة. وأشار التقرير إلى أن 46 دولة حول العالم تشهد تمركزًا كبيرًا في ملكية وسائل الإعلام، منها عدة بلدان عربية، حيث تتحكم الدولة أو رجال الأعمال المقربون من السلطة في المشهد الإعلامي.
للمرة الأولى منذ إطلاق التصنيف العالمي لحرية الصحافة، يعتبر التقرير أن ممارسة الصحافة أصبحت “صعبة” في المتوسط العالمي، حيث حصلت 112 دولة على تراجع في الترتيب. كما أن أكثر من نصف سكان العالم يعيشون في بلدان تُعتبر فيها حرية الصحافة معدومة أو مهددة بشكل بالغ.