حزب العمال الكردستاني (PKK) يعلن حلّ نفسه وإنهاء الكفاح المسلح بعد أربعة عقود

الحنبلي عزيز
في خطوة تاريخية وغير مسبوقة، أعلن حزب العمال الكردستاني، الاثنين، حلّ نفسه وإنهاء “الكفاح المسلح” الذي استمر لأكثر من أربعة عقود ضد الدولة التركية، وذلك وفقًا لما أوردته وكالة “فرات للأنباء” المقربة من الحزب. ويأتي القرار عقب انعقاد المؤتمر الثاني عشر للحزب في شمال العراق بين 5 و7 مايو/أيار الجاري، استجابة لدعوة سابقة من زعيم الحزب المعتقل عبد الله أوجلان.
وأكد البيان الختامي للمؤتمر أن الحزب قرر “حلّ بنيته التنظيمية، وإنهاء الكفاح المسلح، ووقف جميع الأنشطة التي تتم باسمه”، معتبرًا أن “المهمة التاريخية” للحزب قد أُنجزت، وأن المرحلة المقبلة تستدعي انتقالًا كاملاً إلى النضال السياسي الديمقراطي.
ردود الفعل التركية: خطوة نحو “تركيا خالية من الإرهاب”
وفي أول تعليق رسمي من الجانب التركي، قال متحدث باسم الحكومة، اليوم الاثنين، إن “قرار حزب العمال الكردستاني حلّ نفسه يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق هدف تركيا خالية من الإرهاب”، مشيرًا إلى أن “التنفيذ الفعلي والكامل للقرار سيكون نقطة تحول حاسمة”، بحسب ما نقلت وكالة “رويترز”.
من جانبه، صرّح عمر تشيليك، المتحدث باسم حزب “العدالة والتنمية” الحاكم، أن “قرار تنظيم بي كي كي بحلّ نفسه والتخلي عن السلاح يُعد نقطة تحول استراتيجية”، مشددًا على أن الدولة ستراقب العملية ميدانيًا، وستعرض تطوراتها على الرئيس رجب طيب أردوغان.
وأضاف تشيليك أن “تحقيق هدف تركيا بلا إرهاب سيتيح تشغيل القنوات السياسية بشكل أكثر فعالية، ويعزز من ديمقراطيتنا ووحدتنا الوطنية”. وأكد أن “القرار التاريخي يجب أن يُنفّذ على الأرض بكل أبعاده”، وأن “جميع المواطنين، على اختلاف خلفياتهم الثقافية والعرقية والطائفية، سيكونون مستفيدين من هذه المرحلة”.
دعوة لتعزيز الديمقراطية والسلام
بيان حزب العمال الكردستاني الصادر عن المؤتمر تضمّن دعوات واضحة لتأسيس مرحلة جديدة من السلام، حيث أكد أن “الأحزاب السياسية الكردية مطالبة بتحمّل مسؤولياتها في تطوير الديمقراطية الكردية”، كما دعا إلى “إعادة صياغة العلاقات التركية الكردية وتعزيز الأخوّة بين الشعبين”.
وأشار الحزب إلى أن “نضاله التاريخي ساهم في كسر سياسات الإنكار والإبادة، وأوصل القضية الكردية إلى مرحلة قابلة للحل عبر السياسة الديمقراطية”، مشددًا على أن “شعبنا سيفهم قرار حلّ PKK وإنهاء الكفاح المسلح أكثر من أي طرف آخر”.
ودعا البيان إلى “مشاركة جميع القوى الاجتماعية – من النساء والشباب والعمال والفلاحين والطبقات المهمّشة – في بناء حياة سياسية ديمقراطية قائمة على الحرية والمساواة”.
مسؤولية البرلمان التركي.. ومصير أوجلان
ولم يغب مطلب زعيم الحزب عن البيان، إذ اعتبر المؤتمر أن “نجاح تنفيذ قرارات الحل يتطلب منح عبد الله أوجلان الحق في إدارة المرحلة وتوفير ضمانات قانونية لعمله السياسي”، مطالبًا البرلمان التركي بـ”تحمّل مسؤوليته التاريخية” في هذه اللحظة المفصلية.
وفي وقت سابق، أعرب رئيس إقليم كردستان العراق، نيجيرفان بارزاني، عن أمله في إطلاق سراح أوجلان، وجدّد دعمه لعملية السلام في تركيا، مؤكداً أن “حل القضية الكردية سيساهم في استقرار المنطقة”.
أبعاد إقليمية للقرار
من المنتظر أن يكون لهذا القرار تداعيات كبيرة على الوضعين الأمني والسياسي في المنطقة، خاصة في شمال سوريا، حيث تتحالف قوات كردية مع القوات الأمريكية. كما يُتوقع أن يؤثر القرار على العلاقات بين أنقرة وبغداد، وعلى التوازنات في إقليم كردستان العراق، حيث لطالما كانت قيادة الحزب متمركزة.
ختاماً، يحمل هذا الإعلان عن حلّ حزب العمال الكردستاني وانتهاء الكفاح المسلح آمالًا كبيرة بفتح صفحة جديدة من السلام في تركيا والمنطقة. ومع ذلك، تبقى الأنظار موجّهة إلى كيفية تنفيذ هذا القرار على الأرض، ومدى تجاوب الدولة التركية والمجتمع الدولي مع هذه الخطوة.