Pepeأفقر رئيس دولة في العالم ،،خوسي موخيكا يرحل عنا ….

محمد جرو/مراكش/تنوير:
عن سن ناهز 89عاما،ترجل عن صهوة الحياة،الرفيق خوسي موخيكا،الرئيس السابق للأوراكواي ،الذي كان يقطن بمنزله الريفي ،وفضل التبرع براتبه لفائدة الأعمال الخيرية ،يحصل فقط على عشره..
بعد صراع طويل مع سرطان المريء حيث ساءت حالته في الأسابيع الأخيرة،حيث عدم الاستمرار في العلاج،فقد طلب الزعيم اليساري في مقابلته الأخيرة أن يُسمح له بالموت بسلام. وأشار موخيكا إلى أنه اتخذ قراره هذا لأنه “رجل عجوز”
الفقيد موخيكا مقاتل ثوري يساري سابق، اشتهر بشعبيته الكبيرة وسط طبقة الفقراء، وزهده في مظاهر السلطة تطبيقا للمبدأ القائل “من يعشق المال لا مكان له في السياسة”…نبذة عن حياته:
ولد موخيكا بالعاصمة مونتيفيديو عام 1935في أسرة متواضعة حيث قضى سنواته الأولى في العمل في الحقول،رفقة أب ينحدر من أصل إسباني باسكي وأم من أصل إيطالي.توفي والده عندما كان في الثامنة من العمر، واضطر للاشتغال بمهن صغيرة لمساعدة أسرته على تغطية نفقاتها، بدأ حياته متمردا ومقاتلا ثوريا بالفترة ما بين 1960 و1970 كعضو سابق بالجماعة -التي استلهمت فكرها من الثورة الكوبية- وشارك بعمليات مسلحة وتعرض لإصابات مختلفة بالرصاص.
والتقى الزعيم الثوري تشي غيفارا في كوبا بعد الثورة، وانضم لجماعة “توباماروس”.اعتقل عام 1971في عهد الديكتاتورية السابقة في الأوروغواي وقضى بالسجن 14 عاما حتى 1985، بعد عودة البلاد للنظام الديمقراطي، دخل معترك السياسة واستأنف حينها العمل السياسي السلمي، وساهم عام 1989 في تأسيس “حركة المشاركة الشعبية”وهو حزب سياسي يساري في أوروغواي أسسه مقاتلون سابقون من حركة التحرير الوطني – توباماروس، وهي جماعة ماركسية مسلحة انتهجت حرب العصابات في الستينيات والسبعينيات. انتُخب نائبا في البرلمان عام 1995
وفي عام 1999 عضوا بمجلس الشيوخ، ثم عين وزيرا للزراعة بالفترة ما بين أعوام 2005- 2008.حيث عمل على تحسين الضمان الاجتماعي للعمال،قبل أن يصبح رئيسًا لأوروغواي عام 2010.
أقرّ موخيكا أحد أول قوانين المساواة في الزواج في أمريكا اللاتينية وقانون يبيح الإجهاض في عام 2013 فضلا عن سنّ أول تشريع لإنتاج القنب وتجارته واستهلاكه في العام نفسه. بالإضافة إلى ذلك، انتهز المناضل والسياسي خلال فترة رئاسته فرصة تحول معظم حكومات دول أمريكا اللاتينية نحو اليسار فعمل على تعزيز مكانة بلاده داخل القارة.رفض منذ أول يوم تسلم فيه السلطة الاقامة بالقصر الرئاسي، وطلب في المقابل تخصيص بعض أجنحته كمأوى للمشردين في حالة عدم كفاية المراكز الموجودة في العاصمة، بل فاجأ الجميع في احدى المرات حين اصطحب بنفسه الى القصر امرأة وأبناءها ليقيموا فيه حتى وجدت لهم المصالح الاجتماعية مأوى آخر..
بعد انتهاء ولايته الرئاسية عام 2015، احتفظ موخيكا بمقعده في مجلس الشيوخ في الأوروغواي حتى عام 2020، وكان حتى وفاته عضوا في الحركة الشعبية للمشاركة،وشارك في العديد من التجمعات الانتخابية لرئيس الأوروغواي الحالي “ياماندو أورسي” مرشح التحالف السياسي اليساري المؤلف من الجبهة الشعبية الذي ينتمي إليه حزبه بعد فوزه في الانتخابات في نوفمبر الماضي.
رغم قناعاته وماضيه اليساري الثوري، اعتمد خلال ولايته الرئاسية بالمجال الاقتصادي على قطاع الأعمال والاستثمارات الأجنبية، خلافا لسابقيه الذين تبنوا منهجا اشتراكيا، معتبرا أنه رغم مجهوداته الكبيرة في محاربة الفقر، فإنه لم يستطع القضاء عليه بشكل كامل في البلاد.
تزوج موخيكا من لوسيا توبولانسكي زميلته بجماعة “توباماروس” الثورية اليسارية المسلحة التي انضم إليها في شبابه.
موخيكا، المعروف بلقب Pepe يصنف أفقر رئيس دولة في العالم راتبه يبلغ شهريا 12 ألفا وخمسمئة دولار أميركي، ويتبرع بالباقي لفائدة الجمعيات الخيرية،و لا يتوفر في المقابل على أية حسابات مصرفية ولا ديون، وأغلى شيء لديه وفق تصريحه هو سيارته القديمة من طراز “فولكفاغن بيتل” التي تقدر قيمتها بـ 1945 دولارا.قائلا “لأني أريد راحة البال والاستمتاع بوقتي في المزرعة مع زوجتي الآن وبعد انتهاء ولايتي”
كما قام موخيكا بالمشاركة بنفسه فى عمليات التنقيب على جثث المعارضين الذين تعرضوا لأعمال قمع النظام الديكتاتوري في بلاده خلال سبعينيات القرن الماضي.
بالنسبة إليه فالديكتاتوريات الدينية أسوأ من الديكتاتوريات العسكرية. يقول حول سلطة الدين: عندما يصبح الدين سلطة، يفقد روحه.الإله لا يحتاج حراسا مسلحين ولا بنوكا تمول الحروب
ويضيف: أقسى أنواع التعصب هو من يقتل باسم محبة الله، أي إله هذا الذي يرضى بالدم؟ يقول حول إيمانه:”إيماني ليس في الكنائس، بل في ذلك الفلاح الذي يشارك خبزه مع جاره رغم فقره..
روحانيتي في زرع شجرة، لا في ترديد صلواتٍ لم أفهمها..”.ويقول حول الموت: “لا أخاف الموت، أخاف حياة عشناها بلا معنى. أما الجنة إن وُجدت، فهي للذين صنعوها على الأرض….
وبفضل مسيرته والتزامه بالمساواة الاجتماعية، أصبح الراحل مثلا أعلى ومرجعية لليسار في أمريكا اللاتينية والعالم.