محمد بولعيش: من أجل وحدة اليسار (الحلقة الثانية)

البداية :
ما سأقدمه في سياق هذه الورقة مجرد مقترحات قد تكون بداية لتدشين نقاش واسع ومفتوح حول وضعية اليسار وضرورة توحيده، ولو في الحدود الدنيا لما يمكن التوصل إليه من اتفاق أو توافق أو تفاهم. ولا أعتقد أن هناك يساريا صادقا واحدا راض عن هذه الوضعية، أو لا يرغب في تجاوزها وخلق شروط العمل المشترك بين تنظيمات اليسار ميدانيا، ورؤية الهوات الفاصلة بينها تضيق لتنتفي مع مرور الزمن، وقيام الزمن (التاريخ) بغربلةٍ تفرز الصالح عن الطالح ..
لكن رغم حضور هذا الوعي لدى مناضلي اليسار بدرجات متفاوتة طبعآ، فلا زال المناضلون في القواعد يعتقدون أن هذا يدخل في اختصاص القيادة ومسؤوليتها وحدها، فينتظرون قيامها بمبادرات في هذا الاتجاه ويعفون أنفسهم منها. ورغم تنظيم لقاءات من حين لآخر بين قيادات حزبية هنا وهناك فإنها تظل ظرفية أو موضوعاتية لا ترقى إلى ما ينتظره اليسار وما يساهم في تغيير موازين القوى المختلة. لذا كان ضروريا ومن الواجب أن يبادر كل مناضل (فالأمر يتعلق بفرض عين وليس فرض كفاية) إلى طرح أفكار ورؤى تسهم في الدفع إلى التلاقي والتحاور والتبادل علّ وعسى..، ومن هنا تأتي هذه المبادرة ..
في البدء لا بد من تحديد من يكون المخاطب المعني بهذه الرسالة، ولا بد أن يكون الجواب أن المعنيين بها هم مناضلو حزب النهج الديمقراطي العمالي والحزب الاشتراكي الموحد وفدرالية اليسار الديمقراطي والفصائل والتيارات اليسارية العاملة في الساحتين الوطنية والطلابية والأفراد غير المنخرطين في أيٍّ من هذه الإطارات.
من أجل ذلك لا بد أن تقْدم قيادة إطار ما على مبادرة للقاء هذه المكونات وفتح نقاش وحوار حقيقي دون شروط مسبقة وبترفع عن الذوات والحزازات والاختلالات التي راكمتها عقود من الممارسة الخاطئة لفتح الآفاق أمام مستقبل لا بد أن يكون مختلفا واعدا، وإذا لم تقدم القيادات على هذه المبادرة فلتعمل القواعد في الفروع والجهات على المبادرة والضغط على قياداتها. وفي هذا السياق لا بد من استحضار ثلاث مسائل كشروط موضوعية لضمان نجاح المبادرة:
1- ألا تكون اللقاءات موسمية ظرفية، بل ممتدة على شهور حتى تستنفد ما عقدت من أجله والتوصل إلى تفاهمات بصدده.
2- ألا تقتصر اللقاءات على الإطارات المركزية الوطنية، بل لا بد أن تتوسع وتنفتح على المناضلين في الجهات والأقاليم ليساهموا في النقاش ويقدموا مقترحاتهم، في عملية الإنصات المتبادل والتفاعل الإيجابي أفقيا وعموديا، حتى يتحمل الجميع المسؤولية في ما ستسفر عنه النقاشات من نتائج وخلاصات، على أساس تفعيلها وتطبيقها على أرض الواقع، وقبول التضحيات التي يتطلبها ذلك..
3- أن يتم التوافق والاتفاق على عدد من النقط والقضايا التي يجب محورة النقاش والحوار والتبادل حولها (سأقدم مقترحا بهذا الصدد)، حتى لا يعوم النقاش في قضايا يستحيل أو يصعب الاتفاق بشأنها..
(يتبع)