ثقافة و فن

مركز محمد بنسعيد آيت إيدر يناقش مع أنييس لوفالوا وساندرين منصور الإبادة في غزة باعتبارها فصلًا جديدًا في المشروع الاستعماري

عزيز الحنبلي -تنوير

 نظّم مركز محمد بنسعيد آيت إيدر للأبحاث والدراسات، بشراكة مع مجلة “تيل كيل” وحركة التضامن المغربي الفلسطيني، لقاءً فكرياً يوم السبت بفندق “لوبلاص أنفا” في الدار البيضاء، تحت عنوان: “حرب الإبادة على غزة.. فصل جديد من المسلسل الاستعماري”. وقد شاركت في هذا اللقاء المؤرخة الفرنسية الفلسطينية ساندرين منصور، والمحاضرة في معهد العلوم السياسية بباريس أنييس لوفالوا، منسقة “الكتاب الأسود لغزة”، فيما أدار الجلسة الإعلامي عبد الله ترابي.

في مداخلتها، أوضحت أنييس لوفالوا، نائبة رئيس معهد الدراسات المتوسطية والشرق أوسطية، أن معظم الدول الغربية، باستثناء إسبانيا وأيرلندا وآيسلندا، ترفض الاعتراف بالدولة الفلسطينية، لافتة إلى أن هذه الدول تمثل مجموعة السبع التي تدّعي قيادة النظام العالمي. وأضافت: “الفجوة بين ما تدعيه هذه الدول من قيم، وما يحدث فعلياً في فلسطين، باتت صارخة في ظل المجازر الراهنة”.

واستنكرت لوفالوا سماح فرنسا، وهي دولة موقعة على نظام روما، بعبور طائرة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أجواءها، على الرغم من وجود مذكرة توقيف صادرة بحقه، مؤكدة أن القانون الدولي يفرض اعتراض الطائرة وإجبارها على الهبوط.

ولفتت الباحثة إلى أن العالم يعيش تحولات جذرية في موازين القوى، وأن القضية الفلسطينية أصبحت في صميم إعادة تشكيل النظام الدولي، مضيفة: “ما يحدث في غزة هو اختبار حقيقي لإنسانيتنا”.

من جهتها، قدّمت أنييس لوفالوا إحصاءات صادمة عن حجم القصف الإسرائيلي على غزة، حيث بلغت كمية المتفجرات خلال الشهر الأول وحده 25 ألف طن، أي ما يعادل مجموع القنابل التي أُلقيت على هيروشيما وناغازاكي. كما أوضحت في مقدمتها لـ”الكتاب الأسود لغزة” أن إسرائيل لم تتعرض لأي مساءلة دولية رغم عدد الضحايا الهائل، خاصة من الأطفال، والدعم الواسع الذي تحظى به من قِبل الدول الديمقراطية.

وعرّجت المؤلفة على التاريخ السياسي لقطاع غزة، مشيرة إلى الدعم الصهيوني لحركة الإخوان المسلمين بقيادة أحمد ياسين في مواجهة منظمة التحرير الفلسطينية، وقرار أرييل شارون بتحويل القطاع إلى “غيتو” محاصر بدل احتلال مباشر، فضلاً عن الهجمات الدموية المتكررة منذ ذلك الحين.

أما ساندرين منصور، الباحثة في التاريخ الدولي بجامعة نانت، فوصفت القضية الفلسطينية بأنها “مرآة تكشف طبيعة الأنظمة السياسية في العالم”، وأكدت أن “العالم فقد إنسانيته، ليس فقط تجاه الفلسطينيين، بل تجاه مشاعرنا كشعوب”.

وأضافت منصور أن ما ترتكبه إسرائيل اليوم لا يقتصر على غزة، بل يشمل القدس والضفة الغربية، مؤكدة أن المشروع الصهيوني استيطاني في جوهره، ويعود إلى القرن التاسع عشر، حين شرعت الحركة الصهيونية في وضع مخططات استعمارية حتى قبل المحرقة النازية.

وأشارت إلى أن هذا المشروع لم يتغير في جوهره، وإنما طوّر أدواته، وأننا نعيش اليوم آخر فصوله من خلال التهجير المنظم للفلسطينيين.

خلال النقاش، شدد المتدخلون مؤرخون وباحثون ومثقفون على أن المجازر المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة تمثل منعطفاً خطيراً في العلاقات الدولية، معتبرين أن مواقف الدول من هذه الحرب تُعد مرآة تعكس أوضاعها السياسية والداخلية، كما أنها تكشف اختلالات النظام العالمي القائم.

وأكدت المداخلات أنه من المستحيل فهم ما يجري في غزة دون العودة إلى السياق التاريخي السابق ليوم 7 أكتوبر، مشيرين إلى أن هذه الحرب ليست مجرد تصعيد عسكري، بل فصل جديد من مشروع استعماري مستمر و “اختبار صارخ للضمير الإنساني”و أن الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الفلسطينيون متجذرة في المشروع الصهيوني نفسه، و هذا الوضع يسائلنا كمواطنين ماذا فعلنا نحن؟ امام حرب الإبادة على غزة وهذا الفصل الجديد من المسلسل الاستعماري .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى