ثقافة و فن
تطوان.. توقيع رواية في انتظار الأطباق الطائرة لمؤلفها البشير الدامون.

نعيمة ايت إبراهيم -تطوان
استأنف صالون درر الثقافي أنشطته الثقافية والأدبية والفكرية، بحفل توقيع ومناقشة رواية “في انتظار الأطباق الطائرة” الذي يعد الإصدار الجديد للروائي والسيناريست المغربي البشير الدامون وذلك بالمركز الثقافي إكليل بتطوان، في إطار جهود صالون درر الثقافي لتفعيل الحراك الأدبي بالمدينة، وتعزيز التواصل بين المبدعين والقراء، من خلال لقاءات مفتوحة تسهم في إشاعة ثقافة القراءة والنقاش.
اللقاء عرف حضور عدد من المهتمين بالشأن الثقافي، والنقاد، والمحبين للأدب المغربي، أطر اللقاء كل من الناقد مزاور الإدريسي والكاتب عبد الحميد البجوقي.
القراءة الأولى كانت للناقد مزوار الإدريسي الذي نوه بداية بتطوان التي أضحت رائدة ثقافيا، وانتقل بعدها للرواية، التي عمل بها الكاتب انعطافة في كتاباته لمميزاتها. كما ناقش الرواية من جوانبها الإبداعية والفكرية، وتسليط الضوء على مضامينها الجديدة في سياق الأدب المغربي المعاصر، العمل الذي كتب على شكل لوحات ومشاهد جعلت منه عملا قابلا ليصبح شريطا سينمائيا، مشيرا أن اشتغال الدامون في المجال السينمائي ساهم في صقل أدواته السردية وجعل نصوصه تنبض بالحياة، إذ يتميز أسلوبه بالقدرة على رسم مشاهد روائية تتوغل في عمق النفس البشرية، مما جعل منه نصا ملتصقا بالحياة وتجربة الإنسان المضطربة، نص لا يقبل أن يعالج بطريقة باردة، نجح الكاتب في تقديمه نصا تتنازع فيه الحياة ويصفح عنها في أحياء مدينة تطوان،
جعل من الكائن الورقي كائن حي، رواية تعليمية تتعقب حياة شخص وترصد تطوره، يتعلم ينهزم وينتصر يكشف أن الإنسان ينتصر على ظروفه ويصل للخلاص، بجرأة في تناول موضوعات اجتماعية وظواهر خطيرة.
معبرا عن عدم خوضه في أحشاء الرواية بتفصيل حتى يخلق التشويق للقراء.
فيما كانت القراءة الثانية للروائي عبد الحميد البجوقي بمداخلة منحت الحفل عمقا نقديا ونقاشا نوعيا حول الرواية ومضامينها، مستهلا تحليله من عنوان الرواية المثير والمبطن بدلالة تنفتح على قضايا وجودية وهوياتية تهم الإنسان المعاصر، وتحمل رمزية البحث عن الخلاص أو الهجرة من الوضع المتردي الذي يعيشه، مشيرا إلى أن الرواية تتطلب قراءات بدل قراءة كونها تتوفر على لوحات ومشاهد كثيرة.
فاقتصر على مشهد من هذه المشاهد صفحة 45 من الرواية، التي واصل البشير الدامون انشغاله من خلاله بالأسئلة الكبرى للذات والمجتمع، المشهد المصور فالسطح كمسرح للأحداث ورمزا لحدود ما، للخفاء وللحلم…
وبحضور شخصيات كالبطل الذي فضل الكاتب أن يكون بدون اسم ونعيمة المرأة الجميلة التي تمنح وتضرب، تعطي وتعاقب، وأمها رمز سلطة الأخلاق والعنف أي الرقيب.
والبطل في هذا المشهد لا تكتمل رغبته ويفشل في رحلة البحث عن الخلاص والهروب، يصور كوميديا سوداء عن الذكورة في لحظة انكسارها، مصورا ذلك في أمكنة كالخربة جاعلا منها مرآة نفسية لدواخل الشخصيات المتآكلة والمحطمة، معبرة عن أزمة الهوية الممزقة، مشيرا في خلاصة أن الرواية يجب أن تأطر داخل مسار التاريخ المجهري الذي يمارسه الناقد الروائي، لأن الكاتب شديد الارتباط بهذه المدينة التي تعرف تأكل عمراني لا أحد يملك فيها حلما كاملا، ولا تحتفي بالعمران بل تعيش على أطلالها، واضعا مقارنة بين أسلوب البشير في هذه الرواية وأسلوب محمد انقار ومحمد زفزاف، خاتما مداخلته بأسئلة للكاتب حول الرواية.
جدير بالذكر أن البشير الدامون – حسب عدد من الكتابات النقدية- من أبرز الأسماء في الأدب المغربي المعاصر، لما له من إنتاج غني، فقد اشتهر بروايات مثل “سرير الأسرار” و”زهرة الجبال الصماء” و”هديل سيدة حرة”، كما برز أيضاً من خلال روايات “حكاية مغربية” و”أرض المدافع”، التي لاقت صدى نقدياً واسعاً، وإلى جانب ذلك، يشتغل الدامون ككاتب سيناريو لأعمال سينمائية وتلفزيونية بارزة، وهو ما أثرى تجربته السردية ومنحها عمقاً بصرياً وإنسانياً.