أخبار وطنية

محكمة الاستئناف بالرباط تؤجل قضية الصحافي حميد المهداوي إلى 16 يونيو وسط جدل حول حرية التعبير وحدود النقد

عزيز الحنبلي -تنوير

الرباط – واصلت محكمة الاستئناف بالرباط النظر في ملف الصحافي حميد المهداوي، مدير نشر موقع “بديل”، يوم الاثنين، في جلسة مطوّلة انتهت بتأجيل المحاكمة إلى 16 يونيو الجاري، وسط نقاشات قانونية ومهنية حادة بشأن مضمون الفيديوهات والتعليقات التي أدت إلى متابعته بتهمة “القذف والسب”.

وكانت المحكمة الابتدائية قد أصدرت في وقت سابق حكمًا يقضي بسجنه سنة ونصف وتغريمه 1.5 مليون درهم، لفائدة وزير العدل عبد اللطيف وهبي، الذي رفع دعوى مدنية ضد المهداوي بسبب مقاطع فيديو وصفها بـ”المسيئة” لشخصه وصفته الوزارية.

في بداية الجلسة، شدد المهداوي على أنه لم ينشر التسجيل الصوتي المعني، بل علّق على فحواه الذي انتشر على نطاق واسع، مؤكدًا أن أغلب المواطنين الذين شاهدوا الفيديو قالوا إن الصوت يعود للوزير.

وأضاف:“أنا ليست لدي الوسائل التقنية لإجراء خبرة على الصوت، لكنني طالبته بالتوضيح ولم أتهمه مباشرة. التعليق لا يخضع للتحقق، بل يرتبط بقراءة وتفسير المعطيات المتداولة”.

وأكد المهداوي خلال مداخلاته أنه يتحدث بهدوء وبكل مهنية، مقدمًا للمحكمة وثائق ومستندات تثبت ما ذهب إليه، وقد اطلع عليها الرئيس ومرّرها كالمعتاد إلى ممثل النيابة العامة. كما شدد على أن عمله جاء في إطار مهني صرف يندرج ضمن حرية التعبير الصحافي.

و انتقل النقاش إلى فيديو ناقش فيه المهداوي موضوع السيارة التي قيل إنها منحت للوزير، وربطها بأداء الرسوم القضائية والضرائب. وقال إن هذا الفيديو جاء كرد فعل على تصريحات لوهبي التي اتهم فيها بعض المحامين بعدم أداء الضرائب، مما استدعى حسب قوله “الرد والدفاع عن المهنة”.

الرئيس سأل المهداوي إن كان تناول الوزير في هذا السياق بصفته وزيرًا أم محاميًا، ومن هي السيدة التي تم ذكرها في أحد المقاطع. ورد المهداوي بأن الفيديوهات جاءت في إطار التعليق الصحافي، مع مراعاة السياق المهني، مشيرًا إلى أن القناة التي نُشر فيها الفيديو تابعة لموقع “بديل” وتحمل شعاره.

في تطور لافت، ذكّر رئيس الجلسة المهداوي بالأشواط التي قطعها الملف منذ بدايته، وطرح عليه مجموعة من الأسئلة المرتبطة بمضمون الفيديوهات، أهمها: ما دوافع نشرها؟ ليجيب المهداوي بكل صراحة:

“الإشكال في هذه القضية لا يكمن في عبد اللطيف وهبي وحده، بل في النيابة العامة التي سطّرت المتابعة بموجب القانون الجنائي بدل قانون الصحافة والنشر. ورغم أنها سلطة مستقلة، فقد تأثرت بملتمس رئيس الحكومة. الكرة الآن في ملعب القضاء، وعليه أن يحمي نفسه من أي تأثير خارجي.”

واصلت المحكمة استفسارها حول مقاطع فيديو حملت عناوين مثيرة، مثل: “وهبي والفساد بالعلالي”، و”وهبي يقوم بليّ ذراع الدولة”، حيث سأل القاضي عن الغاية من النشر، والعبارات التي تم تفريغها في المحاضر واعتُبرت مسيئة.

فقال المهداوي:“نشرت هذه الفيديوهات بحكم أنني صحافي، وهذا يلزمني بالتعليق وتنوير الرأي العام. العبارات التي استعملتها كانت في إطار النقد والتنبيه لقضايا تمس المال العام.”

كما طالب المهداوي المحكمة بـعرض الفيديوهات داخل الجلسة حتى يتمكن من شرح سياق العبارات التي استُخرجت من مضامين أوسع.

تساءلت المحكمة عن ما إذا كانت قناة “يوتيوب” التي نُشرت فيها الفيديوهات تابعة فعليًا لموقع “بديل”، فرد المهداوي بأنها جزء لا يتجزأ من الموقع وتحمل شعاره، ولا يُنشر فيها سوى مضامين صحافية وتعليقات مهنية.

وعبّر المهداوي عن شعوره بالتمييز القانوني، إذ قال:“أنا أتابَع بالقانون الجنائي، بينما آخرون يُتابَعون بقانون الصحافة والنشر. هذا الأمر يطرح تساؤلات حول التمييز في تطبيق القانون رغم وحدة الفعل.”

من المنتظر أن تُستأنف الجلسة يوم 16 يونيو، في انتظار الحسم في مضمون الفيديوهات، وطبيعة العبارات المستخدمة، وحدود المسؤولية الصحافية. وتبقى الأنظار مشدودة إلى ما إذا كان القضاء المغربي سيتفاعل مع الانتقادات الموجهة إلى طريقة المتابعة، وهل سيعيد الاعتبار إلى قانون الصحافة كإطار مرجعي لمثل هذه القضايا بدلًا من القانون الجنائي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى