وجهة نظر

محمد بولعيش: من أجل وحدة اليسار (الحلقة السابعة والاخيرة)

ز- في العمل الميداني: في الفترة الانتقالية ما بين بداية النقاش (إن كانت هناك بداية) وبين الانتهاء منه والخروج بخلاصات وقرارات بعد حصول اتفاقات وتوافقات، وهي فترة قد تقصر وقد تطول حسب ما يتم تعبيده من طرق وتيسيره من صعوبات وتكسيره من كوابح، مطروح على القواعد التآلف مع الأوضاع الجديدة والتعود على العمل المشترك أو الوحدوي بما يمليه ذلك من كبح لجموح الذوات وضبط لطغيانها بوجود “الآخرين” في اليسار – كانوا يعتبرون إلى أمد قريب أقارب – أغرابا يكادون يكونون خصوما أو أعداء..
قد يرى البعض أني أهملت الجانب الفكري والإيديولوجي، لكنه ليس إهمالا بقدر ما هو عمل مؤجل، لأنني لم أر من الصائب البدء بموضوع يحمل معه ومنذ عقود ألغاما قد تكون مدمرة إن بدئ الحوار بها لتعدد المرجعيات الإيديولوجية: اشتراكية علمية، اشتراكية، ماركسية، ماركسية لينينية، شيوعية، تروتسكية، ماوية، قومية… ولا يجوز إغراق اللقاءات بنقاشات لن تنتهي ولن تفضي إلى نتائج إيجابية على مبادرة قيد التبلور.
لكن، في نفس الوقت، قد نجد في مناقشة المسألة السياسية وخاصة مشروعي الدولة والمجتمع المراد بناؤهما ما يوضح بعض الجوانب وإدراك ماهيات هذه المرجعيات.
هذه بعض الخطوط العامة التي أردت من خلالها استشراف مدى تفاعل أطياف اليسار معها باعتبارها مبادرة، هي ناقصة بالتأكيد، لكنها قد تفتح شهية للنقاش البيني في الوسط اليساري، وقد يبادر البعض إلى الاجتهاد والخروج بأوراق أرقى وأسلس وأكثر مصداقية شريطة الإسراع بها لأن الوقت لن يرحم أحدا. وسواء أخِذ بالمشروع أم تم وضعه في سلة المهملات فذاك شأن لن يهمني بعد ذلك لأني قمت بما رأيته واجبا علي القيام به. وسواء أظهرت مبادرات أخرى أو كان الصمت وإخفاء الرؤوس في الرمال، فإن كل طرف يتحمل مسؤوليته في الرداءة والتردي المستمر، في الانهيار والضحالة التي يعيشها ولن يرحم التاريخ تقاعسنا وعنادنا، لأنه يبدو أن الجميع “بما لديهم فرحون”، ولأن مقولة “العمل بالحد الأدنى الممكن” لن يصبح عملة رائجة أمام ما تنتظره البلاد مستقبلا، وتتوزع المسؤوليات على الجميع مسؤولين كبارا وصغارا وقواعد ومتفرجين..
على سبيل الختم أقول: ما طرحته في هذه الورقة المنتهية (مشروع أو مبادرة) مجرد مقترح يمكن تطويره أو تعديله أو طرح بديل عنه، لكن الأهم هو تفعيل المبادرة/الفكرة وتنزيلها إلى أرض الواقع، للأسف لست قادرا صحيا وبدنيا على متابعتها، لكن مسؤوليتها مطروحة وبحدة على الأجسام اليسارية جميعها: فرادى وجماعات، إنها فرض عين، واجب على المناضلين القيام به وخاصة القادة منهم.. ليس المهم من يبدأ أو من يدعو لأن المهم هو تحمل هذه المسؤولية. المماطلة والتقاعس وتأبيد الواقع، كل ذلك لن يزيد اليسار إلا شتاتا وضعفا، وقد لا تقوم له قائمة في الأمد المنظور..
فليتحمل كل ذي مسؤولية مسؤوليته، إذ لن ينفع أسلوب “لو”.. وأضع نفسي – حسب طاقتي واستطاعتي – رهن إشارة كل مبادر دون حكم على النوايا..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى