حين يتحول الأب إلى وحش… والبيت إلى مسرح لجرائم متكررة بقلم: حميد قاسمي

أوردت جريدة تنوير الإلكترونية، يوم الاثنين 16 يونيو 2025، فصولًا مروعة من نواحي مدينة شفشاون عن جريمة اغتصاب بشعة ومتكررة، ارتكبها أب في حق ابنته التي تعاني من إعاقة ذهنية، وذلك منذ سنة 2014 إلى حدود كشف الفضيحة هذه السنة. عشر سنوات من الاستغلال الجنسي، والصمت، والانتهاك الممنهج لبراءة فتاة لا ذنب لها سوى أنها وُلدت في بيت اختلطت فيه صلة الدم بالخيانة، والرعاية بالقهر، والأبوة بالاعتداء.
الضحية، التي لم تكن تملك لا القوة العقلية ولا النفسية للدفاع عن نفسها، تعرضت خلال هذه الفترة الطويلة لعمليات اغتصاب متكررة من والدها، مما أدى بها إلى عدة حالات حمل، تلتها عمليات إجهاض غير قانونية، لم تكن لتحدث إلا بوجود طرف أو أطراف ساعدت على طمس الجريمة عوض التبليغ عنها.
المسؤولية القانونية
إن هذه الأفعال الخطيرة تندرج تحت طائلة الفصل 486 من القانون الجنائي، الذي يجرم الاغتصاب ويعتبره كل فعل يؤدي إلى اتصال جنسي مع امرأة بدون رضاها، ويُعاقب عليه بالسجن من خمس إلى عشر سنوات، وتُضاعف العقوبة إذا كانت الضحية قاصرًا أو في وضعية إعاقة، أو كان الجاني من أصولها.
وتُضاف إلى ذلك الفصل 487 الذي يُشدد العقوبة حين يرتكب الاغتصاب أحد الأصول أو من له سلطة على الضحية. كما أن الفصل 453 من القانون الجنائي يجرّم الإجهاض إلا في حالات استثنائية يجيزها القانون، ما يجعل كل من ساهم أو سكت عن هذه الأفعال، مسؤولًا جنائيًا وشريكًا في الجريمة.
المسؤولية الأسرية: أين كانت الأم؟
إن كانت والدة الفتاة لا تزال على قيد الحياة، فإن مسؤوليتها الأخلاقية والقانونية تُطرح بشدة. فهل يُعقل أن تستمر هذه الاعتداءات منذ سنة 2014 دون أن تلاحظ تغيّرات ابنتها النفسية والجسدية؟ ما موقفها من تكرار حالات الحمل؟ وأين كانت حين كانت تُجرى عمليات الإجهاض؟
إن كانت عالمة وساكتة، فهي شريكة في الجريمة بالتستر والإهمال. وإن كانت تجهل كل شيء، فذلك يطرح تساؤلات حول غيابها التام عن حياة ابنتها.
الأسئلة الصادمة للجمعيات:
في مقابل هذا الواقع المأساوي، لا بد من طرح أسئلة صريحة على الجهات التي يُفترض أنها تدافع عن هذه الفئة:
أين كانت الجمعيات التي تنشط في مجال الإعاقة؟ ألم يكن من واجبها أن ترصد هذه الحالة منذ بدايتها، خاصة أن الفتاة كانت معروفة بإعاقتها؟
أين هي جمعيات حماية الطفولة؟
أين هي جمعيات حقوق المرأة التي ترفع الشعارات في المناسبات فقط؟
هل ستتحرك فقط بعد انتشار الخبر في الإعلام؟
ما جدوى التمويل والدعم العمومي إن لم يُثمر رصدًا ميدانيًا لحالات الهشاشة القصوى كهذه؟
صرخة المجتمع كله
ما وقع في نواحي شفشاون ليس قضية فردية، بل مرآة عاكسة لأزمة ضمير جماعي، وسقوط مهول للمنظومة القيمية في بعض الأوساط الأسرية. هي أيضًا إدانة لصمت الجيران، ولغياب سلطة الرقابة الاجتماعية، وللصمت الذي كثيرًا ما يُغلّف الجرائم العائلية بـ”العيب” أو الخوف من الفضيحة.
إن العدالة اليوم مدعوّة لقول كلمتها، لكن المجتمع أيضًا مدعوّ للمساءلة، لأن هذه الفتاة لم تُغتصب فقط من طرف والدها فحسب، بل من طرف صمت المجتمع بكامله، ومن تخلي مؤسسات يُفترض فيها أن تحمي أمثالها.